قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن كبار المشرعين الأمريكيين وجهوا دعوات للمملكة المتحدة بالالتزام بمسؤوليتها الأخلاقية وإنهاء دعمها العسكري للمملكة العربية السعودية الذي يساعدها على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية هناك، ما يجعل المملكة المتحدة متواطئة في ارتكاب تلك الجرائم.
وأشار المشرعون أنه بعد خطاب بايدن الأول فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، قد تواجه المملكة المتحدة ضغوطات مستمرة من إدارة بايدن لوقف مبيعات الأسلحة للمملكة الخليجية.
وكان بايدن قد أكد في خطابه المُشار إليه أن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للهجوم الذي تقوده السعودية في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة والدعم اللوجستي وغيرها.
في هذا السياق تساءلت الغارديان إلى أي مدى ستعمل الإدارة الأمريكية لدفع حلفائها -بما فيهم المملكة المتحدة- لاتخاذ خطوات مماثلة بالنسبة للتعاون العسكري مع السعودية، خاصة بعد أن كشف المسؤولون البريطانيون مؤخراً أن المملكة المتحدة سمحت بتصدير ما يقرب من 1.4 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول.
من جانبه، قال السناتور رون وايدن عن الحزب الديمقراطي ورئيس الجنة المالية القوية وأحد كبار منتقدي المملكة العربية السعودية، في بيان لصحيفة الغارديان إنه يعتقد أن الولايات المتحدة يجب ألا “تبيع الأسلحة إلى الحكومات التي لها سجل حافل في استخدام منهم لارتكاب الفظائع “، مضيفاً “على حلفاء أمريكا مثل المملكة المتحدة وفرنسا أن يحذوا حذوها على الفور وأن يتوقفوا عن تمكين النظام السعودي”.
كما قال السناتور كريس مورفي، وهو ديمقراطي آخر قاد الحملة لإنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية الهجومية للسعودية، لصحيفة الغارديان إنه يعرف أن الكثيرين في المملكة المتحدة “يشاركوننا مخاوفنا بشأن مبيعات الأسلحة التي تغذي الحرب في اليمن”.
وتابع “المكاسب الاقتصادية وراء هذه المبيعات لا يجب أن تنسينا أمننا القومي والمسؤولية الأخلاقية لإنهاء التواطؤ في هذا الكابوس المستمر… إن تصرف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشكل متضافر أقوى من تصرف أي منا بمفرده، وآمل أن تتمكن الحكومتين من العمل معًا لإعطاء الأولوية لحل دبلوماسي للصراع في اليمن”.
وبالرغم من الضغوطات التي تواجهها حكومة المملكة المتحدة نواب حزب المحافظين، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن قرار بايدن يتعلق بواشنطن فقط، في إشارة إلى أن المملكة المتحدة لن تحذو حذو بايدن.
من ناحية أخرى، قال محللون سياسيون وأمنيون إنه من السابق لأوانه التنبؤ بمدى الضغط الذي سيسعى بايدن لممارسته على جونسون في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية حول العالم، كما لم يكن واضحًا للبعض ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسعى إلى منع شركات صناعة المعدات العسكرية الأمريكية من بيع قطع الغيار لشركات الدفاع البريطانية التي تبيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.
في سياق متصل، قالت كيرستن فونتينروز، مديرة مبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي والمديرة السابقة لشؤون الخليج في مجلس الأمن القومي تحت إدارة ترامب:”إذا حاول بايدن الضغط على المملكة المتحدة لشل اقتصادها المتعثر بالفعل بسبب كورونا سيُفهم من تصرفه أنه يتعامل بتعجرف مماثل بل أكبر مما كان عليه الرئيس السابق… لذلك أعتقد أن أي ضغط على المملكة المتحدة سيتم بهدوء وسرية”.
على الجانب الآخر، أكدت فونتينروز أن حكومة جونسون ستسعى إلى “الالتزام” بصفقات الأسلحة مع السعودية استجابة لضغوط من شركات الصناعات العسكرية في المملكة المتحدة لاستغلال الوضع، كالضرب “على الحديد وهو ساخن” من أجل تحقيق مكاسب في سوق الأسلحة التنافسية في المملكة العربية السعودية بعد رحيل الولايات المتحدة.
أما محلل شؤون الدفاع الأمريكي لورين طومسون قال: “هذه الإدارة ]الأمريكية[ لا تحب حكومة المملكة العربية السعودية، ولا تحترمها… لكن هذا يتعارض مع مصالح وربما أيضًا توجهات الحكومة البريطانية. بريطانيا حليف مهم لذا يجب التوفيق بين ذلك “.
وأشار طومسون أن “ريثيون”، ثالث أكبر شركة لتصنيع الأسلحة في العالم، أخبرت المستثمرين الشهر الماضي أنها ستوقف صفقة بيع بقيمة 519 مليون دولار لنظام أسلحة هجومية لعميل في الشرق الأوسط، لكنها لم تفصح عن مزيد من التفاصيل.
وفي تصريحه للغارديان، قال روي إيزبيستر، رئيس وحدة الأسلحة في Saferworld، وهي منظمة تركز على منع الصراع: “إذا أرادت الولايات المتحدة ذلك، فيمكنها أن تمارس ضغطًا كبيرًا على المملكة المتحدة وسيتعين على المملكة المتحدة الانصياع”.
وأضاف “لكي يحافظ السعوديون على مشاركتهم الجوية في حرب اليمن، سيحتاجون إلى دعم مستمر من مورديهم وإلا لن يصبح لهم وزن ولا ثقل وستنهار قواهم بسرعة”.
من ناحية أخرى، في حين أن هناك المئات – إن لم يكن الآلاف – من الموردين الأمريكيين لصانعي الأسلحة في المملكة المتحدة، قال الخبراء إنه من غير المحتمل أن يتأثر هؤلاء بالحظر الأمريكي على الأسلحة الهجومية ما لم تتحرك الولايات المتحدة لفرض عقوبات رسمية على السعودية في المستقبل.
من الجدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية ورغم تصريحاتها، لم تفِ حتى الآن بوعدها بنشر تقرير “غير سري” عن مقتل الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي، وهو التقرير الذي قالت عنه فونتينروز وخبراء آخرون إن تفاصيله ستثبت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمر بالقتل ومتورط في الجريمة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضًا: الغارديان: ضغوط ومطالبات برلمانية وحقوقية للحكومة البريطانية لوقف دعم السعودية في حرب اليمن
اضف تعليقا