قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية على الرغم من تسلم السنغال الدفعة الأولى من لقاح شركة “سينوفارم” الصينية المضاد لفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” إلا أن البعض ما زال متشككا تجاه اللقاح الذي تلقاه الرئيس ماكي سال وأعضاء حكومته.
وأوضحت الصحيفة أن حملة اللقاح ضد الفيروس بدأت في 23 فبراير/ شباط في البلاد التي تلقت 200 ألف جرعة من الصين، حيث يأمل الرئيس ووزرائه أن يكونوا قدوة وأن يشجعوا السكان على أن يحذوا حذوهم.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تواجه فيه البلاد موجة وبائية ثانية أشد من الأولى، يبدو أن السنغاليين متشككون، تجاه اللقاح الذي يعتمد على طريقة تقليدية تتمثل في حقن فيروس غير نشط يحتوي على جزيئات فيروسية ميتة تُخلق في المختبر قبل أن تقتل وهي غير معدية.
فوفقا لمسح أجراه مكتب الاستشراف الاقتصادي، وهو مؤسسة فكرية تابعة للدولة، أوائل الشهر الجاري، يعتقد 15.1 ٪ فقط من المستطلعة أراءهم أن التطعيم هو الحل الأفضل للتغلب على كوفيد- 19، لكن بالكاد قال واحد من كل اثنين إنهم مستعدون لأخذ اللقاح.
ويؤكد البروفيسور موسى سيدي، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى “فان” بداكار، أنه “حتى الأشخاص غير المعرضين للخطر، يتجنبوا أن يكونوا في مقدمة الأشخاص الذين يحصلون على التطعيم من أجل أن نتمكن من الحصول على مناعة جماعية والعودة للحياة الطبيعية”.
خدع فكاهية
وبحسب “لوموند” في العديد من مقاطع الفيديو التي تبث على الإنترنت، يرفض السنغاليون الذين استهدفتهم الخدع الفكاهية بشكل قاطع تلقي اللقاح وأحيانًا يذهبون إلى حد الفرار.
ونقلت الصحيفة عن أحد أشهر مستخدمي يوتيوب في البلاد القول: “يفضل البعض الموت على التطعيم، هناك القليل من بين الذين قابلناهم، قبلوا تلقي اللقاح، لكننا لم نتمكن من بث شهادتهم لأنهم لم يرغبوا في الظهور أمام الكاميرا”.
ووفقًا لدراسة أخرى شملت أربع دول أفريقية (السنغال وبوركينا فاسو وبنين والكاميرون)، تم إجراؤها كجزء من مشروع أبحاث أنثروبولوجيا فيروس كورونا في إفريقيا، وما زالت مستمرة، فإن أسباب عدم الثقة هذه متعددة.
وتقول “لوموند” بالنسبة للبعض، فإن الخوف من الآثار الجانبية أو تفضيل الاستراتيجيات العلاجية الأخرى لها تأثير كبير. بينما يذهب آخرون، من ناحية ثانية، إلى حد ربط اللقاح بمؤامرة غربية لقتل الأفارقة أو جعلهم عقيمين، حيث تنتشر شائعة أنهم يريدون السيطرة على السكان عن طريق حقن رقائق دقيقة أو جسيمات نانوية.
لكن بالنسبة إلى كريم ديوب، الأمين العام للمركز الإقليمي للبحوث والتدريب في مستشفى فان، يمكن قبل كل شيء، وبشكل أكثر بساطة، تفسير رفض السنغاليين، برهاب الحقن أو فوبيا الحقن (trypanophobia) وهو مرض نفسي يجبر المريض الذي يعاني منه على تفادي الذهاب إلى الطبيب وأخذ الحقن أو القيام باختبارات الدم اللازمة.
ويشير إلى أن “القبول المنخفض لتلقي اللقاح لا يقتصر على فيروس كورونا، ويتابع ضاحكا “يقول المرضى إنهم شفوا عندما رأونا نصل ومعنا حقنة في أيدينا “.
ومن أجل دحض هذه الأفكار المنتشرة في البلاد وطمأنة السنغاليين، تتصدر الطواقم الطبية المشهد، سواء من خلال تلقيح أنفسهم، وأيضًا من خلال التواصل في وسائل الإعلام، وهي مسألة صعبة في وقت تهيمن فيه قضية تهمة الاغتصاب الموجهة لعثمان سونكو، أحد المعارضين الرئيسيين للسلطة، على الأخبار بالسنغال إلى حد كبير.
وكانت الجمعية الوطنية السنغالية رفعت مؤخرا الحصانة عن المعارض البارز البالغ من العمر (46 عاما)، حيث يواجه تهما جنائية بعد أن اتهمته خبيرة تجميل بالاغتصاب، ونفى النائب البرلماني الاتهامات في منشور على فيسبوك في السابع من فبراير/ شباط، واستند فيه إلى حصانته البرلمانية.
ويعتبر سونكو، الذي احتل المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية للدولة الواقعة في غرب إفريقيا لعام 2019 بحصوله على 7ر15% من الأصوات، أبرز شخصية معارضة في السنغال.
مشاركة شخصيات مؤثرة
فمن جانبه تجول البروفيسور موسى سيدي، الذي كان يستمع إليه الكثيرون في البلاد، على القنوات التلفزيونية، حيث يكرر لعامة الناس “لقد تم إثبات فعالية اللقاح في المجلات العلمية الدولية”.
ويؤكد “تختفي الآثار الجانبية في النهاية ولدينا متابعة كافية لمدة عشرة أسابيع، مشيرا إلى أنه لم يتم إلقاء اللوم على اللقاح في موت أحد لأن كوفيد- 19 يواصل حصد الضحايا، وفي الوقت الحالي يجب على السنغال إجراء إشراف خاص لرفع الثقة تجاه المنتج.
كما تخطط وزارة الصحة والعمل العام لإطلاق حملة هجومية، وبحسب مامادو ندياي، مدير الوقاية، فإن الاستراتيجية ستركز بشكل خاص على “المشاركة المجتمعية، واستخدام الإذاعات المجتمعية والاتصال الجماهيري”.
ومنذ بداية حملة التطعيم، شوهد عدد من المسئولين الكبار في السنغال وهم يتلقون لقاح “سينوفارم” الصيني، وحتى مساء الخميس الماضي، تمكنت البلاد من تطعيم حوالي 12000 شخص.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أنه بعد إعطاء اللقاح للعاملين في المجال الطبي، ستكون الأولوية للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا أو الذين يعانون من أمراض مزمنة، أي حوالي 3.5 مليون، حيث أكد رئيس الدولة أنه لتحقيق هذا الهدف، سيتم تلقي ما يقرب من 7 ملايين جرعة “في الأسابيع القليلة المقبلة”.
ووفقا لـ “لوموند” لا يزال من الضروري التغلب على تخوف السكان من اللقاح، إذ يمكن لكبار الجماعات الدينية المساعدة في استعادة الثقة، ولهذا تم تطعيم الخليفة العام لمدينة باي، في كاولاك (وسط)، وهو مرشد لجماعة تيجان المهمة، وقد دعا بالفعل “لسكان “المتشككين” ليحذو حذوه.
من جهته، دعا أحد الممثلين الكوميديين وزارة الصحة بإشراك الشخصيات المؤثرة، الذين أصبحوا قادة رأي رئيسيين بين الشباب.
وفي أخر إحصائية أعلنتها الدولة، سجلت السنغال نحو 34255 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، بينها 28611 حالة شفاء و866 حالة وفاة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ المزيد: ما هي سياسة جو بايدن تجاه الشرق الأوسط؟
اضف تعليقا