نشرت صحيفة “لوريان لو جور” الناطقة بالفرنسية تقريرا عن النشطاء الذي ما زالوا يقبعون داخل السجون السعودية، بينما يتزايد الضغط على الرياض للإفراج عن سجناء الرأي، بعد صدور تقرير من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حول اغتيال الصحفي جمال خاشقجي يحمل ولي العهد محمد بن سلمان المسؤولية.

وقالت الصحيفة: رائف بدوي، سلمان العودة، سمر بدوي، نسيمة السادة، وليد أبو الخير وأيضا عبد الرحمن السدحان، هم صحفي، وداعية إسلامي، وناشط، ومحامي، وعامل إغاثة”.

وأضافت “مؤهلاتهم متنوعة، لكن أسمائهم تظهر في نفس القائمة الطويلة لسجناء الرأي السعوديين المعتقلون تعسفيا في المملكة؛ بسبب أراءهم المخالفة للسياسات التي تنتهجها الرياض والتي عبروا عن معظمها على الإنترنت”.

ويؤكد خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لـ “مركز الخليج لحقوق الإنسان” أنه وفقًا لعقلية العائلة المالكة ومن حولها، يُنظر إلى جميع الأشخاص الذين يتبنون آراء معارضة، على أنهم تهديد وشيك لقدرتهم على الحكم وسيطرتهم على السلطة؛ وبالتالي يقومون باستهدافهم جميعًا.

وأوضحت الصحيفة أنه “بينما تم إلقاء بعض سجناء الرأي في السجون السعودية قبل تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد في يونيو/ حزيران 2017، اشتدت حملة القمع ضد المعارضين منذ وصوله للسلطة، حيث تم اعتقال عدة مئات من رجال الأعمال المتهمين بالفساد وكذلك المنافسين السياسيين المحتملين بشكل تعسفي خلال ما يسمى بالتطهير في فندق (ريتز كارلتون) بعد خمسة أشهر من توليه المنصب”.

معتقلي الرأي в Twitter: "#Saudi Authorities do not accept silence or grey  zones; you are either with or against them. Pressure via media and human  rights is the way.… https://t.co/aeXSzx2bXV"

وأشارت إلى أنه في مايو/ أيار 2018، تم اعتقال عشرات من الناشطات في مجال حقوق المرأة ومحاميهم من منازلهم، وذلك قبل أسابيع من السماح للمرأة بقيادة السيارة، أما في عام 2019، الكتاب والمفكرون الذين كانوا نشطين بشكل خاص في النقشات العامة خلال الربيع العربي، وتوقفوا بعد ذلك عن نشاطهم، أصبحوا هدفًا لحملة واسعة.

وبحسب “لوريان لو جور” فإنه بعد تلقيها شيكًا على بياض لمدة أربع سنوات في الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تجد الرياض نفسها الآن في موقف لا تحسد عليه، بعد نشر وكالة المخابرات المركزية تقريرا حول مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018، واتهامه ولي العهد السعودي بالوقوف وراء هذه الجريمة.

ورأت أنه على الرغم من إصدار واشنطن بشكل مباشر عقوبات تتضمن قيودًا على تأشيرات 76 فردًا سعوديًا يُعتقد أنهم متورطون في “تهديد المعارضين في الخارج”، فقد نأت إدارة بايدن بنفسها عن ولي العهد السعودي. 

ولفتت إلى أنه في مبادرة غير مسبوقة، قدمت منظمة “مراسلون بلا حدود” غير الحكومية، إلى النيابة الألمانية الاثنين الماضي بشكوى جنائية ضد ولي العهد السعودي وأربعة مسؤولين سعوديين آخرين “بارتكاب جرائم ضد الإنسانية” في قضية مقتل خاشقجي وكذلك احتجاز 34 صحافيا داخل المملكة بين عامي 2011 و 2019.

“لا أحد حر في الواقع”

وأكدت أنه في خطوة نُظر إليها على نطاق واسع أنها مرتبطة بانتخاب جو بايدن، تم الإفراج أوائل فبراير/ شباط عن اثنين من الأمريكيين السعوديين الذين اعتقلوا مع الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول بعد 1001 يوم من الاحتجاز.

ونوهت بأن الهذلول، البالغة من العمر 31 عاما، متهمة بارتكاب “أنشطة مختلفة يحظرها قانون مكافحة الإرهاب”، ووفقا لشقيقتها لينا، اشترطت عليها المحكمة عدم مغادرة البلاد لمدة خمس سنوات، وعدم ارتكاب الجرائم التي اتهمت بارتكابها وعدم استخدام الأجهزة التي استخدمتها في ذلك – أي عدم الحديث عن حقوق الإنسان على الشبكات الاجتماعية”.

وأضافت لينا للصحيفة “قبل إطلاق سراحها بقليل، جعلوها توقع في أمن الدولة على ورقة تنص على أنها لن تتحدث عن تجربتها في السجن وألا تحتفل علنًا بالإفراج عنها “.

وإضافة إلى الهذلول، تتابع الصحيفة، تم الإفراج عن الناشطة في مجال حقوق المرأة نوف عبد العزيز الشهر الماضي، بعد قضاء عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات لدفاعها عن حق المرأة في قيادة السيارة ودعم سجناء الرأي، وهي ممنوعة من مغادرة البلاد لمدة ثماني سنوات.

وتقول بيثاني الحيدري، المسؤولة في منظمة “مبادرة الحرية” لحقوق الإنسان: لا يوجد شخص حر في الواقع طالما أنه يعيش تحت سلطة ملكية مطلقة تخنق جميع المعارضة بعنف”.

وشددت على أن “استخدام السعودية للتعذيب والتشهير والتخويف ضد المعتقلين على نطاق واسع يعني أنهم يغادرون السجن مع أضرار جسيمة تلحق بحياتهم الشخصية والمهنية فضلاً عن صحتهم العقلية والبدنية”.

ولفتت الصحيفة كذلك إلى عبد الرحمن السدحان، وهو عامل بالهلال الأحمر اعتقل من مكان عمله في 12 مارس / آذار 2018، حيث كان هدفا لحملة القمع التي طالت من ينتقدون السلطة على الإنترنت والمدافعين عن حقوق الإنسان. 

ووفقا لما أخبرت به شقيقته أريج الصحيفة، فقد اعتقلته المباحث السعودية بدون أمر قضائي، وصادروا هاتفه وسيارته، واقتادوه إلى مكان مجهول، وفي اليوم التالي اقتحموا منزلها وفتشوا كل غرفة وصادروا حاسوبها المحمول ومتعلقات شخصية أخرى. 

وقد حُرم السدحان من الاتصال بمحام وكذلك من زيارات أقاربه رغم الطلبات المتعددة، وبعد 23 شهرًا من عدم معرفة أي خبر عنه، سُمح له بإجراء مكالمة هاتفية لمدة دقيقة واحدة مع عائلته في الرياض في 12 فبراير/ شباط 2020 قال فيها إنه كان في سجن بالرياض. 

ومع عدم تمكن والدته التي تعيش بالولايات المتحدة من سماع صوت ابنها منذ ثلاث سنوات، تقول أريج السدحان إنه “تعرض للتعذيب اللفظي والجسدي، بما في ذلك الصعق بالكهرباء، وأُجبر على توقيع وثائق وهو معصوب العينين”.

الصمت المطبق

وتؤكد “لوريان لو جور” أنه في نظام عدالة مبهم، تواجه عائلات سجناء الرأي نفس المعضلة، إذ تؤكد لينا الهذلول أنه لم يعد هناك أي وسيلة للاتصال بالسلطات في المملكة السعودية، والشيء الوحيد الذي يعمل على إطلاق سراح السجناء السياسيين هو الضغط الدولي من المنظمات غير الحكومية والحلفاء السياسيين.

وبحسب الصحيفة غالبًا ما يكون اعتقال المعارضين مصحوبًا بالصمت المطبق من السلطات السعودية، مما يمنع أقارب المعنيين من معرفة المزيد عن التهم الموجهة إليهم، أو مكان احتجازهم وظروفه.

ومن جهتها تشدد بيثاني الحيدري على أن نظام العدالة السعودي لا يحمي مصالح الناس أو حقوقهم، بل يحمي المصالح السياسية للنظام، حتى أفضل المحامين يصبحون عديمي الجدوى في مثل هذا النظام الفاشل”، مضيفة “نحن نعلم حقيقة أن المحكمة الجنائية الخاصة – التي يشار إليها غالبًا باسم محكمة الإرهاب – تُستخدم لقمع المعارضة السلمية منذ عام 2011”.

أما علاء الصديق، المدير التنفيذي لمنظمة القسط غير الحكومية المستقلة فيقول “الأشخاص الذين يدافعون عن النشطاء يعتبرون مجرمين في نظر السلطات. كما أنهم يتعرضون لضغوط: يهددون أو يجبرون على النفي لمواصلتهم الدفاع عن حقوق الإنسان في المملكة. “

للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا 

اقرأ أيضًا: لا مزيد من التدليل.. أميركا للسعودية: المعاملة الخاصة للمملكة بمنظمة التجارة انتهت