المتآمرون العرب اختلفوا …. هل تجد الديموقراطية فرصة للعودة؟

2021-03-18T14:13:18+02:00الخميس - 18 مارس 2021 - 2:13 م|الوسوم: , |

بدأ الخلاف يدب بين صفوف الحكام العرب الذين بذلوا الكثير من الجهد لقمع الديموقراطية ووأد أي تحرك نحو مستقبل أكثر حرية للبلدان العربية، ما يعني أن تحالفهم على وشك الانهيار.. فهل هذه فرصة جيدة للديموقراطية كي تعود من جديد؟

 على مدار العقد الماضي، ومن أجل الحفاظ على أنظمتهم المهترئة، اشترك حكام هذا التحالف في العزف على كافة الأوتار من أجل وقف كفاح الشعوب المستمر لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي، في سبيل ذلك، ألقى هذا التحالف بظلال الخراب على الكثير من الدول العربية التي كانت يوما ما ذات حضارة وتاريخ، فساهمت في تزكية الحروب في اليمن وليبيا وسوريا، ومولت الانقلاب في مصر، ودعمت محاولات الانقلاب في تونس وتركيا، لتكون النتيجة، مئات الآلاف من القتلى الأبرياء، مع دول أصبحت مجرد حطام.

 لقد برر هؤلاء الحكام ممارساتهم تلك بأنهم يحاولون القضاء على التطرف والإرهاب، لذلك نجحوا في اجتذاب دعم “ساذج” من القوى الاستعمارية السابقة مثل فرنسا وبريطانيا، لكن في الواقع، لم تحارب تلك الأنظمة الإرهاب، ولم تدافع عن الليبرالية والعلمانية -كما يدعون-، بل على العكس، كان كل هدفهم الحفاظ على تواجدهم الإقليمي وضمان انتقال الحكم لورثتهم، مهما كلف الأمر.

 في أواخر عام 2015 – بعد عامين من أول نجاح كبير لهم، وهو الانقلاب العسكري في مصر، اجتمع قادة هذا التحالف، وهم ولي عهد وحكام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر والأردن، سراً على متن أحد اليخوت، وذلك لرسم خططهم للسيطرة على المنطقة، لكن شيئاً لم يبق على حاله، فمحاولة ترتيب لقاء لنفس المجموعة اليوم، سيكون أكثر صعوبة، وربما يبوء بالفشل، لعدة أسباب، من ضمنها مثلاً أن مدبر هذه القمة السرية -جورج نادر- يقضي الآن عقوبة بالسجن عشر سنوات بتهمة ممارسة الجنس مع الأطفال، كذلك يحمل أفراد المجموعة اليوم ضغينة كبيرة ضد بعضهم البعض.

 المال مثل الأرز!

 توترت العلاقات بين السعودية ومصر بشكل أسرع، لم يعد لدى السعوديين “مال كالأرز” كما تفاخر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمام رئيس ديوانه عباس كامل، كذلك فإن الملك سلمان ليس سخياً مثل شقيقه الراحل عبد الله، هو لا يملك المال أصلاً، وحتى إن كان لديه المال، لن ينفق ببذخ على السيسي.

 حاول السيسي الحصول على خط تمويل جديد من الرياض من خلال منحها جزيرتين ذوات موقع استراتيجي على البحر الأحمر، وهما تيران وصنافير، في صفقة تسببت في موجة احتجاج كبيرة في الداخل المصري.

ومع ذلك، يبدو أن خطة السيسي لم تنجح كما كان يتمنى، فاهتمام السعودية بالجزر المصرية تضاءل كثيراً بعد ظهور طرق أرخص وأسرع للربح- عبر إسرائيل، وبالرغم من أن مصر لم تعترف بذلك صراحة، لكنها تنزعج بشكل متزايد من خطط تجاوز قناة السويس، التي قامت بتوسيعها بتكلفة 8.2 مليار دولار.

 دوافع السعودية لتغيير المسار كثيرة، مثلاً تريد عكس خط أنابيب صحراوي كان سريًا في السابق والذي كان يمتد من إيران إلى إسرائيل في عهد الشاه، أو تطوير الموانئ والمناطق الحرة في إسرائيل، أو بلو رامان، وهو كابل ألياف بصرية جديد للشرق الأوسط، وكل ذلك يعني نتيجة واحدة للقاهرة: خسائر مالية فادحة، وفقدان التأثير الإقليمي.

 أحد أسباب توتر العلاقات المصرية السعودية يعود أيضاً لرفض مصر إرسال قوات للقتال في الحرب الكارثية التي قادتها السعودية في اليمن، حيث رفضت أن تكون معادية لإيران وحلفائها في لبنان، كذلك لاقتناع مصر أن مصالحها الوطنية لا يخدمها دائماً الحلفاء الإقليميون.

على سبيل المثال، وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن وكراهيته الواضحة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان – على الرغم من أنه يرفض معاقبته، لذلك يرى السيسي أنه ليس لديه مصلحة في اتباع بن سلمان في معسكر الديكتاتوريين المنبوذين، بل يجب الحفاظ على علاقة طيبة مع إدارة بايدن في المقابل، وظهر هذا بوضوح بعد أن التزمت مصر الصمت حيال التقرير الاستخباراتي الأمريكي الذي يدين بن سلمان في جريمة مقتل خاشقجي، في وقت أبدى جميع حلفاء السعودية الإقليميين -السودان والبحرين والإمارات، وحتى قطر- تضامنهم مع ولي العهد.

 عامل آخر يجعل مصر ترفض التعاون مع السعودية في كل المسارات، وهو الهزيمة العسكرية التي لحقت بالجنرال الليبي خليفة حفتر بعد تدخل تركيا وفاعلية طائراتها بدون طيار، ما شكل صدمة لمصر، التي كانت تتبع أجندة الإمارات هناك، ودعمت جيش حفتر عسكرياً.

 عندما اكتشفت كل من الإمارات ومصر أنهما في الجانب الخاسر – وكان هذا قبل وقت من دفع حفتر السيسي للاشتراك في المعركة – بدأ البعض في وسائل الإعلام المصرية في التساؤل علنًا عن سبب وجود مصر في هذا الموقف، بغض النظر عن أن ليبيا مهمة لمصر، لأسباب ليس أقلها ملايين المصريين الذين يعملون هناك في أوقات السلم، وعندما تزدهر ليبيا، تزدهر مصر.

 موجة التطبيع الثانية

 الموجة الثانية من التطبيع مع إسرائيل، والتي تمت بقيادة دول الخليج العربي، أفقدت مصر والأردن نفوذهما الإقليمي بصفتهما بوابة العالم العربي لإسرائيل، كونهما رواد موجة التطبيع الأولى، بل تحتل الإمارات الآن مكانة أكبر بكثير لدى إسرائيل من تلك التي احتلتها مصر في السابق.

أعلنت أبو ظبي أنها ستستثمر 10 مليارات دولار في مجالات الطاقة الإسرائيلية والتصنيع والمياه والفضاء والرعاية الصحية والتكنولوجيا الزراعية، في وقت بدأت بوادر الخلاف تظهر بين عَمان وتل أبيب، والذي يقف وراؤه قرار إسرائيل بإلغاء خطط ولي العهد الأردني لزيارة المسجد الأقصى في اليوم السابق.

 يعتمد جزء كبير من شرعية الأسرة الهاشمية على دورها كوصي على الأماكن المقدسة في القدس، وهو دور يتعرض الآن للتهديد العلني من قبل السعودية بتشجيع من إسرائيل.

 إصلاح العلاقات مع مصر

 انعقدت قمة اليخوت قبل ستة أعوام لمواجهة نفوذ تركيا وإيران، لكن اليوم، هناك دولتين من دول تحالف اليخوت تسعى لتخفيف عداءهما لأنقرة، ما يعني أن هذا التحالف لم يصبح بمثل قوته.

 المباحثات الدبلوماسية عادت من جديد بين مصر وتركيا، حيث أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على وجود اتصالات مع وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، لبحث طريقة لإعادة العلاقات.

 بدأ التفاؤل في أنقرة عندما أعلنت مصر عن عرض للتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط ​، والذي أقر بإحداثيات الجرف القاري التي أعلنتها أنقرة.

كذلك التقى رؤساء المخابرات التركية بنظرائهم المصريين عدة مرات، وبصرف النظر عن الوضع في ليبيا، تقدم تركيا المساعدة للمصريين في نزاعهم مع إثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، في المقابل، تفعل الإمارات العربية المتحدة العكس من خلال تقديم المساعدة لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

 تغيرات كثيرة طرأت على المنطقة خلال السنوات الماضية، ومحور التحالف الإقليمي الذي بدأ قوياً ومتحداً، يضعف الآن.

الدروس المستفادة من هذا واضحة، فعندما تقوم العلاقات الخارجية على أساس اتفاقيات سرية بين القادة- كل منهم لديه سبب وجيه للخوف من شعبه- فإنهم أهدافهم مبنية على الرمال، أما عندما تقوم على المصالح الاستراتيجية للشعوب، فإنها استمرار العلاقات لأكثر فترة ممكنة نتيجة منطقية، وكلما كانت مصالح البلدان مبنية على مصالح الشعوب وليس الحكام، زاد استقرار المنطقة، لكن الوضع الحالي يعني أن الجميع قد يكونوا على موعد مع طعنات في الظهر.

 للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

 اقرأ أيضًا: تحليل: الإصلاحات الشكلية بملف المرأة في السعودية لا تشمل المعتقلات!

شارك المقال...

اضف تعليقا


اذهب إلى الأعلى