مع الاستعداد للانتخابات التشريعية الإسرائيلية التي تهيمن عليها المنافسة بين أحزاب اليمين واليمين المتطرف في 23 مارس/ أذار 2021، تبرز بعض الأصوات المعارضة التي تقف، على عكس الواقع، بجانب الفلسطينيين.
وبحسب ما ذكرت مجلة “أوريان 21”: في إسرائيل يبرز ناشطون اختاروا العمل، أو حتى العيش إلى جانب الفلسطينيين، إذ يُشار إليهم أحياناً باسم “سمولانيم” (اليساريون)، المكروهون من قبل اليمين واليمين المتطرف، والذين يقدمون خطابا مخالفا لخطاب الأغلبية ويزرعون العصيان المدني أو الاستنكاف الضميري.
وأجرت المجلة الفرنسية حوارا مع أحد هؤلاء النشطاء واسمها تال شابيرو، وهي مواطنة إسرائيلية تدعو لمقاطعة الاحتلال وتقف بجانب الفلسطينيين وتدافع عن قضيتهم.
وعند سؤالها كيف ولماذا أصبحت ناشطة؟ قالت شابيرو: لقد ترعرعت في منزل أشكنازي حيث الأساطير الصهيونية كانت أمرا مسلم به، وعندما بلغت العشرينات ارتبطت بشريك نشأ في منزل يميل إلى اليسار أكثر من عائلتي، ومن خلال هذه العلاقة سمعت لأول مرة قصة مختلفة عن القضية الفلسطينية تناقض تلك التي نشأت فيها.
وأضافت “استغرق الأمر مني عدة سنوات لفك هذا اللغز، حيث كنت أحاول تجميع بعض المعلومات التي أحصل عليها، فلم نكن نتعامل مع هذه القضية بشكل رسمي، مجرد محادثات، وعادة تعليق على الأخبار التي نشاهدها أو نظرة أخرى على وسائل الإعلام الإسرائيلية.
حركة (BDS)
وتابعت “في عام 2009، عندما قصفت إسرائيل غزة، دفعتني الصدمة والغضب إلى البدء في عملية أكثر صرامة لفهم الوضع، وانضممت بسرعة إلى الاحتجاجات في بلعين وقرى أخرى بالضفة الغربية، ومن خلال الصداقات والروابط التي أقمتها هناك، انضممت إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)”.
وأشارت إلى أن المشاركة في الاحتجاجات داخل القرى كانت عملا عفويا، أرادت من خلاله “الالتقاء بالناس الذين يعانون، وعيش التجربة بشكل كامل، أتواجد من أجلهم، كما أردت، بطريقة عميقة للغاية، الإعراب عن رفضي للمشاركة في التدمير، ولآلية المحو والسيطرة المنهجية أي الاحتلال”.
وأكدت أنه انضمامها إلى (BDS) جزء من هذا الالتزام، لأن هذه الحركة تهز قلب نظام القهر الإسرائيلي، من خلال التحليل الاقتصادي والمؤسسي والثقافي، وتسليط الضوء على الطريقة المعقدة التي تربط الشركات والمؤسسات التعليمية والثقافية والحكومة والجيش والمستوطنات بالقمع وتديمه، والمطالبة بوضع حد لهذا التواطؤ، مع التأكيد على ضرورة تطبيق الأطر القانونية والسياسية والاجتماعية القائمة من أجل إنهاء هذا الوضع.
وفي ردها على سؤال مفاده: كيف يتعامل معك جنود الاحتلال في المظاهرات؟ وهل هناك فرق في المعاملة بينك وبين المتظاهرين الفلسطينيين؟ بينت أن أول شيء يجب فهمه هو أن الإسرائيليين والناشطين الدوليين ليسوا هدفًا للجنود، يمارس الجنود التمييز العرقي عند إطلاق النار، مع التركيز على الأولاد والرجال.
وأضافت أنه إذا كانت بشرتك بنية أو ذو لحية، فأنت هدف رئيسي، ومع ذلك، فإن مجرد الوقوف مع الفلسطينيين أثناء الاحتجاج يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، إذا تمكن من قوات الجيش الإسرائيلي قد يتم القبض عليك أو ضربك.
وشددت على أنه بشكل عام، الجنود الإسرائيليون عدائيون للغاية، وردود فعلهم تتراوح بين عدم الاكتراث والوحشية، ويعتبرون الإسرائيليين الذين يحتجون إلى جانب الفلسطينيين خونة، لكن بشكل عام العواقب بالنسبة لنا أقل حدة والاعتقالات أقصر وأقل وحشية.
جروح تدوم مدى الحياة
ووفقا لها خلال ثمان سنوات من الاحتجاجات، أصيبت وألقي القبض عليها وسُجنت، ورأت أصدقاء لها أصيبوا بجروح تدوم مدى الحياة، مشددة على أكثر لحظة لا تنساها بشكل خاص عندما تم الإفراج عنها بكفالة بفضل أصدقاءها الفلسطينيين.
وقالت ” أخبرني القائد الذي اعتقلني عندما غادرنا مركز الشرطة أنه يفضل إطلاق النار عليّ بدلاً من إطلاق النار على الفلسطينيين. لأنه لو تفهم موقفهم، فأنا سأظل خائنة في نظره”.
وعندما سألت عن الصعوبات أو العقبات التي واجهتها، من الناحية الشخصية أو العائلية أو المؤسسية وهل كان لنشاطها تأثير على حياتها، أجابت الناشطة الإسرائيلية: ربما أكون أكثر حظًا من معظم الناس في هذا الصدد، فأنا أعمل لحسابي الخاص، وليس لدي أي علاقات أو روابط مؤسسية، أما بالنسبة لعائلتي، فنحن نسعى جاهدين للحفاظ على السلام داخل المنزل.
وأكدت أن هذا الوضع ” أبعد ما يكون عن المثالية، ولكننا وضعنا حدودا مقبولة يمكننا جميعا العيش فيها، غير أن التزاماتي تغيرت، لأنه بعد إدراك وحشية الاستعمار، لم أتمكن من الاستمرار في الطريق الذي سلكته حتى ذلك الحين. لقد كرست نفسي بالكامل تقريبا للنضال الفلسطيني ضد الاستعمار”.
ونوهت بأن نشاطها غيّر نظرتها بشكل كامل، ودائرة أصدقائها، ومسارها المهني والمكان الذي اختارت العيش فيه، حيث أصبحت منتقدة، ليس فقط للعنف الذي يحيط بها، ولكن أيضا للنظام الاجتماعي والاقتصادي الذي يتسبب في استمرار ذلك.
وذكرت شابيرو أن “أصدقائي وعائلتي جميعهم ناشطون، تخليت عن حلم حياتي، إذ كنت أريد أن أصبح فنانة، والحصول على وظيفة، كما اخترت العيش في رام الله، ولو قيل لي في الثامنة عشرة من عمري أنه المكان الذي سأعيش به وأنا في الثامنة والثلاثين لاندهشت”.
غانتس ونتنياهو
وعن إمكانية حل الدولتين أعربت الناشطة الإسرائيلية عن اعتقادها بأن صيغة الدولتين ما كان ينبغي أن توضع على الطاولة، لأنه توطيد للاستعمار، الذي يعني هيمنة أو طرد سكان محددين عرقياً، والاستعاضة عنهم بسكان آخرين، وهي صيغة فشلت منذ عام 1949.
أما بالنسبة لرأيها في الساحة السياسية الإسرائيلية الحالية؟ وهل تبدو قادرة على التوصل إلى حل؟ رأت أن المجال السياسي الإسرائيلي الحالي يبدو قادراً على طرح إبادة جماعية فقط.
وأشارت إلى أن ذلك ليس مبالغة، فالانتخابات المقبلة بين بنيامين نتنياهو، المبادر إلى خطة ضم دونالد ترامب وكوشينر، وبين بيني غانتس، الذي يتباهى بأنه “أعاد غزة إلى العصر الحجري”، كما لو كانت استحقاقاً سياسياً، وهؤلاء لا ينبغي أن نعتقد أن يطلب منهم إيجاد حلول لمشكلة العنف التي يرتكبونها.
للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا
اقرأ أيضًا: الغارديان: كيف تسبب تعيين “جاسوس إسرائيلي” في ورطة قانونية لحزب العمال البريطاني؟
اضف تعليقا