الجنرال الوسيم“، هكذا تصفه الصحافة الغربية، وعربيا، يوصف بأنه “يد بن زايد الطولى”، أما في فلسطين فيوصف بأنه “وكيل الاحتلال”، وعميل الـ”سي آي إيه”، إنه محمد دحلان القيادي المطرود من حركة فتح.

لعب أدوارا مشبوهة سواء في الداخل الفلسطيني أو في الوطن العربي وكان له الدور الأبرز في تحويل الربيع العربي المزهر إلى خريف مظلم… حسبما قال مراقبون..

بدأ دحلان حياته السياسية كناشط في حركة فتح داخل قطاع غزة الذي ولد فيه ومثلت عملية اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الفترة من 1981 وحتى 1986 تحولا كبيرا في حياته وأسهمت في تنصيبه وترفيعه السريع داخل فتح، ولكنه كان اعتقالًا إيجابيًا بالنسبة له.

ومع بداية التسعينيات وبسبب الفراغ القيادي في منظمة التحرير ظهرت مجموعة محمود عباس والعقيد محمد دحلان الذي ظهر في دائرة الضوء ليغدق عليهم ياسر عرفات حينها بالرتب.

دحلان واتفاقية أوسلو

بعد مفاوضات استمرت لنحو عامين تم التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993 في العاصمة الإسبانية مدريد وكانت حركة فتح هي الممثل الرسمي حينها عن الشعب الفلسطيني في التوقيع على الاتفاقية مع السلطات الإسرائيلية.

وكان لدحلان دور مهم في تنفيذ الشق الأمني من الاتفاقية التي نصت على إنشاء قوة شرطة فلسطينية ووجه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، دحلان لإنشاء “جهاز الأمن الوقائي” ووكل إليه مهمة حفظ الأمن بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض الأراضي الفلسطينية، وإحكام القبضة الأمنية بما يضمن تقويض قدرة الجماعات المعارضة لأوسلوا _وعلى رأسها حركة حماس_ على القيام بعمليات قد تتسبب في إيقاف الانسحاب الإسرائيلي المتفق عليه من قطاع غزة وبقية أراضي الضفة.

دحلان.. "الجنرال الوسيم" يد بن زايد "العابرة للحدود"

“ياسر عرفات” و إتفاقية أوسلو

وبأوامر من دحلان نفذ جهازه الأمني العشرات من حملات الاعتقالات، التي أسفرت عن أكثر من ثلاثة آلاف معتقل من صفوف المقاومة الفلسطينية خلال عام ونصف من بداية عمل الجهاز، وسُجلت معها أيضا العشرات من حالات إساءة استخدام السلطة، والسجن دون أحكام أو اتهامات واضحة، والتعذيب حتى الموت.

وكيل الاحتلال

على أثر ذلك وجهت اتهامات كبيرة للجهاز الذي يقوده دحلان بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، والعمل كوكيل لجيشه في الأراضي الفلسطينية، بل إن البعض قد فضّلوا الاحتلال على الأمن الفلسطيني؛ حيث لم يكن بإمكانهم معرفة التهم الموجهة إليهم أو مدة الاعتقال أو حتى توكيل محام للدفاع عنهم، وقضى العديد منهم شهورا طويلة في سجون الأمن الوقائي بلا معرفة التهم الموجهة إليهم، ولأن غالبية من تم القبض عليهم كانوا من الجماعات المعارضة لـ فتح وعلى رأسها حماس فقد شكّلت تلك المرحلة في منتصف التسعينيات حلقة البداية في تاريخ الكراهية فيما بعد بين حماس ودحلان وتابعيه في الأمن الوقائي.

واتسعت دائرة الاتهامات الموجهة إلى الجنرال الوسيم خاصة مع تشكيل ما عرف بـ “فرق الموت” المسلحة والتي وكل إليها تنفيذ العديد من العمليات الخاصة من بينها التصفية الجسدية والقتل لأعضاء الجماعات المناوئة للسلطة ووصل الأمر لمساعدة تل أبيب في تنفيذ بعض مخططاتها..

القيادي محمود المبحوح

محمود المبحوح

كما حدث في عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس محمود المبحوح والذي تم تصفيته في أحد فنادق دبي عام 2010 حيث اتهم القائد السابق في فرق الموت أنور شحيبر بالتعاون مع عملاء الموساد منفذي العملية، كما وجهت نفس التهمة إلى دحلان.

صديق “المتطرفين”

يعتبر دحلان من الشخصيات المألوفة للكثيرين في المؤسسة الأمنية داخل إسرائيل وخاصة الذين شاركوا في المفاوضات مع الفلسطينيين.

ولا تخفي وسائل الإعلام الإسرائيلية العلاقة القوية التي تربط الجنرال ببعض القيادات الأمنية الإسرائيلية كما يرتبط بعلاقة صداقة مع وزير الدفاع الإسرائيلي اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان.

وفي تقرير بثته القناة العاشرة الإسرائيلية منتصف مايو 2016، في أعقاب تعيين ليبرمان وزيرا للحرب أشارت القناة إلى أن “ذلك يحسِّن من فرص دحلان في العودة إلى الساحة الفلسطينية الداخلية” بعد طرد عباس له من الضفة، ويعود الفضل في توطيد العلاقة بينهما إلى الدور الذي لعبه الملياردير اليهودي السويسري مارتن شلاف.

دحلان

دحلان

ليبرمان

ليبرمان

 

دحلان والانتفاضة

حاصرت إسرائيل رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في رام الله ولعب محمد دحلان دورا كبيرا في استمرار الحصار ومحاولة تهميش عرفات بالمشاركة مع أربع قيادات من حركة فتح (حسن عصفور وزير المنظمات غير الحكومية، وصائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين، ومحمد رشيد مستشار عرفات الاقتصادي، ونبيل شعث) والذين أطلق عليهم “عصابة الخمسة” حيث قدموا أنفسهم كبديل عن السلطة في التفاوض مع إسرائيل.

وقدمت عصابة الخمسة للاحتلال خطتها لإنهاء الانتفاضة وإنهاء دور عرفات، وبدعم من المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي أيه” وحلفائها في مصر والأردن والسعودية قدم دحلان أوراق اعتماده حينها بـ 20 ألف عنصر أمني يدينون له بالولاء، ما جعله أقوى هؤلاء الخمسة، خاصة بعلاقاته مع الاحتلال والولايات المتحدة، ليصفه أهالي غزة بعميل السي آي أيه خاصة مع إعلان واشنطن المتكرر بأن دحلان هو “رَجُلها” في الأراضي الفلسطينية.

يد بن زايد

وكما لعب دورا بارزا في إخماد شعلة الانتفاضة الفلسطينية كان له دور آخر في الإجهاز على ثورات الربيع العربي، فبعد أن خرج من الضفة الغربية في 2011 على إثر الخلافات الكبيرة مع محمود عباس الذي اتهمه بالفساد والرشوة وقتل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، توجه دحلان إلى الإمارات ليمثل خروجه بداية لأدوار أخرى أوسع في الشرق الأوسط.

واختاره ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ليكون مستشارا أمنيا له، ووصف بأنه مبعوث الإمارات لأنظمة مكافحة الثورات، وهنا لعب دورا أوسع في المنطقة العربية وظهرت بصمات دحلان سريعا واستطاع ممارسة دوره في القضاء على الثورة المشتعلة في الوطن العربي بدعم كامل من أبو ظبي.

دحلان و بن زايد

“دحلان” و “بن زايد”

ولعب دحلان دورا كبيرا في توطيد العلاقات بين تل أبيب وأبو ظبي وفتح المجال لتبادل المعلومات الاستخباراتية واستيراد التقنيات الأمنية المتطورة من إسرائيل وباجتماع الأطراف الثلاثة كان السعي لمحو أي وجود لتيار الإسلام السياسي من الوطن العربي هدفا مشتركا بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية.

في ليبيا:

ومن خلال تواجده في أبو ظبي شكل دحلان غرفة عمليات خاصة بليبيا بالتعاون مع محمد إسماعيل المستشار الأمني لسيف الإسلام نجل القذافي وذلك بهدف القضاء على الثورة الليبية.

ومن خلال تسريبات مدير مكتب عبدالفتاح السيسي، عباس كامل، يتضح أن لدحلان دورا بارزا في التدخلات العسكرية والسياسية الإماراتية خارج حدودها.

حفتر

حفتر

عباس كامل

عباس كامل

وفي تسريب آخر أذاعته وسائل إعلام ليبية لمكالمة بين اللواء عباس كامل ونائب رئيس هيئة الأركان في الإمارات عيسى المزروعي تحدث الطرفان عن طائرة يستقلها دحلان ومعه مساعد ليبي لتدبير شحنات أسلحة تمر من مصر إلى ليبيا سيقوم بتوصيلها إلى فرق مسلحة في الصراع الليبي.

في تركيا:

ولم يسلم دحلان من اتهامات بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف العام الماضي خاصة بعد مهاجمة دحلان تركيا في كلمته أمام منتدى حلف شمال الأطلنطي “ناتو”، بالإضافة إلى تحريضه ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والدولة التركية في كلمته بمؤتمر “الأمن التعاوني والتهديدات المترابطة” في بروكسل.

وأظهرت تسريبات يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن دعم الإمارات للانقلاب في تركيا بسبب موقفها الرافض للانقلاب العسكري في مصر وهو ما يؤكد وجود دور بارز لدحلان المعروف بأنه “يد بن زايد” الطولى العابرة للحدود.