هل ترضخ إسرائيل أمام انتصارات المقاومة وتوقف الحرب؟

2021-05-12T16:36:14+02:00الأربعاء - 12 مايو 2021 - 4:36 م|الوسوم: , , , |

خيار المقاومة الوحيد

يبدو أن سكان قطاع غزة لم يتمكنوا من النوم ليلة الأربعاء، حيث كانت الليلة دامية مليئة بالغارات والرشقات الصاروخية، فقد شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ساعات مبكرة من صباح اليوم الأربعاء، عشرات الغارات الجوية ضد أهداف مدنية وإعلامية وأمنية وشرطية في قطاع غزة.

في المقابل، أعلنت “الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة” الفلسطينية بقطاع غزة، فجر اليوم الأربعاء، أنها قصفت قلب الكيان الصهيوني بأكثر من 300 قذيفة وصاروخ، في “أكبر ضربة صاروخية في تاريخ الصراع”. وشهد حصاد اليوم الثاني من التصعيد بين غزة وإسرائيل، إطلاق أكثر من 300 قذيفة وصاروخ، باتجاه تل أبيب وضواحيها، حسب بيان صدر عن الغرفة المشتركة. جدير بالذكر أن فصائل المقاومة تخوض هذه الجولة التصعيدية تحت اسم “معركة سيف القدس”. وجاء في البيان أن “قيادة العدو فشلت -وهي تنظر إلى كيانها وهو يحترق- في توقع استعداد المقاومة ومستوى جهوزيتها للدفاع عن شعبنا ومقدساته”. وكما أعلن أن المقاومة ستبقى مستمرةً في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أنه “لا زال في جعبتها الكثير في حال استمر العدو في عدوانه”. كما شدد البيان على أن “معركة سيف القدس مستمرة، حتى يتراجع العدو عن عدوانه”. كذلك دعت المقاومة الشعب الفلسطيني بكل أطيافه في الضفة والقدس والداخل المحتل “لضرب العدو في كل مكان بما يتوفر لديهم من إمكانيات، حتى يتراجع عن إجراءاته بحق مقدساتنا وشعبنا”.

في سياق آخر، رفضت دولة الاحتلال الإسرائيلي مقترحًا أمميًا لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة المحاصر. حيث قدم تور وينسلاند، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، قدم للكيان الصهيوني ولحركة حماس، مقترحا لوقف “فوري” لإطلاق النار، لكن الاحتلال رفض الاستجابة للمقترح.

وحتى الآن، راح ضحية تصاعد الأحداث الأخيرة نحو 35 شهيدًا فلسطينيًا، ونفوق 5 من شعب الاحتلال.

تصاعد العنف الصهيوني، أمس الثلاثاء، بشكل كبير، عقب اللجوء لسياسة تدمير الأبراج السكنية المدنية بغزة، مما دعا فصائل المقاومة في قطاع غزة إلى الرد بإطلاق عشرات الصواريخ صوب الأراضي المحتلة.

إذن، فكل المؤشرات تشير إلى أن فتيل الحرب قد اشتعل، وأن السهم قد خرج من القوس، لكن إلى أين سيؤول هذا الصراع الذي بدأ في التصاعد حديثًا؟

 

ممارسات الاحتلال سبب الحرب..

 

ابتداء من المهم إدراك أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية وسياساته المتعجرفة في المسجد الأقصى والشيخ جراح هما من اضطرا المقاومة الفلسطينية إلى تصعيد أعمالها دفاعًا عن مقدساتهم وأراضيهم المحتلة، وهو ما اتخذه الاحتلال الإسرائيلي ذريعة لتصعيد العنف وقتل الأبرياء في غزة.

وحول مآلات الصراع، من الممكن القول إن مآل الصراع في غالب الأحوال سيكون معتمدًا بشكل كبير على رد فعل الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات والأيام القادمة، فالفلسطينيون لم يبدأوا الحرب حتى يوقفوها، بل كانت الاعتداءات ابتداءً من الاحتلال في الشيخ جراح، ثم في رحاب القدس المحتلة والمسجد الأقصى، ثم الضفة الغربية، ومن ثم جاءت هجمات المقاومة الفلسطينية كمحاولة للتخفيف عن الفلسطينيين أمام عنف سلطات الاحتلال.

ومن المهم هنا أن المقاومة -قبل أن تطلق صاروخًا واحدًا- دعت إسرائيل إلى الخروج من المسجد الأقصى ووقف الانتهاكات ضد المصلين العزل فيه، لكن الاحتلال لم يستجب، وهو ما اضطر فصائل المقاومة إلى البدء في التصعيد.

 

هل ترضخ إسرائيل وتوقف الحرب؟

 

إذن، فمن بدأ الحرب كانت ممارسات إسرائيل، ومن يستطيع إنهاءها الآن أيضًا هي السياسة الإسرائيلية.

بدون ذلك، وإن استمرت إسرائيل في التصعيد العنيف ضد الفلسطينيين في غزة أو القدس المحتلة، فهذا يعني أنها لا تترك خيارًا آخر للفلسطينيين سوى المقاومة بالرغم من الكلفة الباهظة التي سيتحملونها جراء هذا الخيار.

باختصار، تطور التصعيد في غزة مرتهن بشكل كبير إلى طبيعة الرد الإسرائيلي خلال الساعات والأيام القادمة.

وبالرغم من أن بعض التقديرات تشير إلى أن رد جيش الاحتلال الإسرائيلي سيكون محدودا ومحسوبًا، لا سيما في ظل وجود إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، الذي من الممكن أن يضع بعض القيود على نتنياهو.

إلا أنه لا بد من الناحية الأخرى إدراك أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد يحاول استغلال هذا التصعيد واستخدامه سياسيًا لتعطيل جهود تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، والتي لن يكون موجودًا على رأسها، رغم أن ذلك لن يكون لصالح شعبه المحتل.

كذلك فإن طبيعة نتنياهو اليمينية المتطرفة قد تحول دون محاولة التهدئة، فهو يريد رد اعتبار لما أحدثته فيه فصائل المقاومة وصواريخها خلال اليومين الماضيين، فقد اخترقت صواريخ المقاومة القبةَ الحديديةَ وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة في قلب تل أبيب وعسقلان، وهي ضربات لم تحدث من قبل في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

لكن من ناحية أخرى، قد تكون هذه الخسائر التي مُني بها الاحتلال جراء الانتصارات الفلسطينية دافعًا رئيسًا له للاستجابة للوساطات الدولية التي من المتوقع أن تنشط بكثافة خلال الساعات القادمة من أجل تهدئة التوتر ووقف إطلاق النار. 

ومن الممكن القول إن هذه هي الفرصة الوحيدة لتهدئة التوتر. وبدونها، لا يُتوقع إلا حربٌ واسعة المدى بالغة التكاليف خلال الأيام القليلة القادمة.

 

يرى محللون سياسيون فلسطينيون أن حالة التصعيد العسكري في قطاع غزة، قد تتطور خلال الساعات القليلة القادمة، وفقا لطبيعة الرد الإسرائيلي على الرشقات الصاروخية التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية.

 

لكن من المستبعد أن تتدهور حالة التصعيد، بحسب تصريحات أدلى بها محللون لـ”الأناضول”، إلى حرب واسعة، خاصة في ظل عدم رغبة فصائل المقاومة، وإسرائيل بالتصعيد.

 

ومساء الإثنين، أطلقت المقاومة الفلسطينية عشرات الصواريخ تجاه إسرائيل، ردا على العدوان الإسرائيلي في مدينة القدس، فيما أصيب إسرائيلي إثر استهداف مركبته بصاروخ مضاد للدروع أطلق من القطاع، بحسب جيش الاحتلال.

 

هذا التصعيد جاء بعد انتهاء مهلة منحتها المقاومة في غزة لإسرائيل، لسحب جنودها من المسجد الأقصى وحي “الشيخ جراح” بمدينة القدس المحتلة والإفراج عن المعتقلين، حتى الساعة السادسة من مساء الإثنين.

 

وتشهد مدينة القدس منذ بداية شهر رمضان، اعتداءات تقوم بها قوات الشرطة الإسرائيلية والمستوطنون، في منطقة “باب العامود” وحي “الشيخ جراح” ومحيط المسجد الأقصى.

 

**ضربة قوية

 

وقال وديع أبو نصار، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إنه “لا يستبعد أن توجّه إسرائيل ضربة قاسية لقطاع غزة، ردا على إطلاق الصواريخ”.

 

وأضاف إنه يتوقع تدحرج الوضع العسكري إلى “المزيد من إطلاق النار المتبادل، الذي قد يستمر إلى عدة أيام، رغم الجهود التي يبذلها الوسطاء لاحتواء الوضع”.

 

وأوضح أن هذا التصعيد يستغلّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سياسيا “لتعطيل جهود تشكيل الحكومة الإسرائيلية”.

 

وفي السياق، قال أبو نصّار إن التساؤل الكبير يدور حول مآلات الوضع في مدينة القدس بعد احتواء وانتهاء هذا التصعيد، هل ستعود الأمور إلى ما كانت عليه؟”.

 

ويرى أنه من الصعب “نجاح الفلسطينيين في استثمار وتحويل أحداث القدس إلى إنجاز استراتيجي”.

 

** تحديات صعبة

 

وقال مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن تطور التصعيد في غزة مرتهن لتحديات متعددة، يفرضها طبيعة الرد الإسرائيلي.

 

وتابع إبراهيم: “إذا كان الرد الإسرائيلي عنيفا، واستهدف منشآت مدنية، وتسبب بسقوط شهداء، فإن المقاومة من الطبيعي ألا تقف مكتوفة الأيدي وترد وفق تقديراتها العسكرية”.

 

وأوضح أن “سقوط شهداء من الجانب الفلسطيني، سيفرض على المقاومة الرد، وهو ما قد يؤدي إلى تطور حالة التصعيد، وزيادة مدتها”.

 

ويعتقد إبراهيم أن الرد الإسرائيلي سيكون “محدودا ومحسوبا، خاصة في ظل وجود إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، الذي من الممكن أن يضع بعض القيود على نتنياهو”.

 

وأشار إلى أن هذه الصواريخ جاءت كنوع من أنواع “المساندة للهبّة في مدينة القدس، ضد الاعتداءات الإسرائيلية”.

 

**معادلة الردع

 

بدوره، يتوقّع هاني العقاد، الكاتب والمحلل السياسي، أن توجّه إسرائيل “ضربات قاسية للقطاع، فضلا عن إمكانية اغتيالها لشخصيات وازنة من فصائل المقاومة لتحقيق معادلة الردع”.

 

وقال لـ”الأناضول”: “المقاومة أحرجت إسرائيل ووضعتها في خانة المهزوم حاليا، من خلال كمية الرشقات ونوعية الصواريخ التي ضربتها خلال الساعات الماضية”.

 

وعدّ الكاتب السياسي “ضربة المقاومة العسكرية الأولى للقدس، ذكية ومهمة، وتعبر عن فهم عميق لطبيعة القتال”.

 

وأشار إلى أن “العملية العسكرية الآن تسير بمعادلة إن زدتم زدنا وفقا للمقاومة الفلسطينية، فكلما زاد الاستهداف الإسرائيلي ستزيد المعركة”.

 

ويرى أن إسرائيل “صادقت على ضربة لا تنتهي سريعا وفق تقديراتها، إلا في حال تدخل الوسطاء، لإعادة الأمور إلى ما قبل التصعيد”.

 

لكن العودة للهدوء سريعا يبقى مستبعدا، وفق العقّاد، وذلك لعدم قبول إسرائيل “الخروج من هذه الجولة خاسرة دون ردّ الاعتبار”.

 

**إسرائيل المسؤولة

 

وقال شرحبيل الغريب، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن إسرائيل “هي من أشعلت هذه المعركة، من خلال ارتكابها لجرائم بحق المقدسيين، واستفزازها لمشاعر المسلمين”.

 

وتابع لـ”الأناضول”، المقاومة في غزة “تحركت لوضع حد لممارسات الإسرائيلية والانتهاكات التي زادت عن حدها دون مراعاة لأي شيء”.

 

كما جاء الرد، وفق الغريب، كـ”رسالة لأهالي القدس والضفة بأن فلسطين واحدة والعدو واحد، والمقاومة أخذت على عاتقها الرد على كل انتهاك إسرائيلي بحق المواطنين أينما كانوا”.

 

ويعتقد المحلل السياسي أن طبيعة الرد الإسرائيلي هذه الليلة، على إطلاق الصواريخ، “سيحدد معالم ومدة الجولة العسكرية”.

 

ويتوقع أن يتجه الوضع الميداني بغزة إلى “تصعيد عسكري واسع”.

 

واستكمل قائلا: “نحن أمام مواجهة ستستمر لعدة أيام، بعد فشل كل الوساطات في كف يد إسرائيل عن المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس”.

 

ومساء الإثنين، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية عددا من الغارات على مناطق متفرقة من قطاع غزة، أسفرت بحسب وزارة الصحة عن استشهاد 20 فلسطينيا، بينهم 9 أطفال، وإصابة 65 آخرين

 

اقرأ أيضًا: حي الشيخ جراح في القدس المحتلة…القصة الكاملة

شارك المقال...

اضف تعليقا


اذهب إلى الأعلى