خرج آلاف المحتجين في مسيرات مختلفة يوم السبت في مدن أوروبية كبرى منها لندن وبرلين ومدريد وباريس تعبيراً عن تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة وفي سائر المدن الفلسطينية بعد أسوأ موجة عنف يتعرض لها قطاع غزة الآن على يد الإسرائيليين منذ عام 2014، ما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 139 شخصًا في قطاع غزة، بينهم 39 طفلاً، بعد تصاعد العنف الذي بدأ بمحاولة إجلاء العرب من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.
وتتزامن هذه التظاهرات التي خرجت السبت 16 مايو/أيار “يوم النكبة الفلسطينية”، وهو ذكرى طرد مئات الآلاف من العرب من ديارهم وتهجيرهم قسرياً في فلسطين قبل أكثر من 70 عاماً.
وبحسب ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية، خرج في لندن ما يقرب من 100 ألف متظاهراً -بحسب منظمو الاحتجاج- مطالبين حكومة المملكة المتحدة باتخاذ إجراءات فورية للمساعدة في إنهاء العنف الوحشي الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وغزة.
سارت الحشود الإنجليزية عبر هايد بارك قبل وصولها خارج بوابات السفارة الإسرائيلية في كنسينغتون، وقد أقيمت منصة مؤقتة في شارع كينسينجتون هاي ستريت وحث المنظمون الناس على مواصلة السير على الطريق مع استمرار تزايد الأعداد.
في خطابه، أكد جيريمي كوربين، الزعيم السابق لحزب العمال، للحشود المتجمعة خارج بوابات السفارة الإسرائيلية أن العمل الدولي يوفر الراحة والدعم لأولئك الذين يعانون في الصراع، حيث قال “أصواتنا العالمية هي التي ستوفر العون والراحة والدعم لمن في غزة وجميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية الذين يعانون في هذا الوقت”.
وأضاف “تخيل أنك أماً أو أباً وترى مبنىً يُقصف أمامك، وأنت تعلم أن عائلتك هناك، ولا يمكنك فعل أي شيء”.
وتابع “أنهوا الاحتلال الآن… أوقفوا بناء المستوطنات وغادروا منها جميعاً. أوقفوا حصار غزة الآن “.
فيما قالت وزيرة الداخلية السابقة في حكومة الظل، ديان أبوت، للحشود إنهم جزء من “حركة عالمية من أجل تحقيق العدالة”، مضيفة “يتم مصادرة أراضي الشعب الفلسطيني … إنهم يقتلون الآن في منازلهم… كل هذا غير قانوني”.
وقال السفير الفلسطيني حسام زملط للمتظاهرين “هذه المرة مختلفة… هذه المرة لن نسمح بأن يتم حرماننا… نحن متحدون… لقد سئمنا القمع”، وأضاف “اليوم نقول كفى، كفى للتواطؤ”.
المظاهرات الحاشدة التي خرجت في لندن تم تنظيمها من قبل حملة التضامن مع فلسطين، وأصدقاء الأقصى، والمنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وائتلاف أوقفوا الحرب، وحملة نزع السلاح النووي، والرابطة الإسلامية في بريطانيا.
وأجمع المنظمون على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، في كلمته قال أحد المنظمين “من الضروري أن تتخذ حكومة المملكة المتحدة إجراءات فورية… يجب أن تتوقف عن السماح لعنف إسرائيل الوحشي وقمع الشعب الفلسطيني بأن يمر دون عقاب”.
وأضاف “إن قصف غزة، الذي يقتل مدنيين بينهم أطفال، هو جريمة حرب… يحدث ذلك في سياق التهجير القسري غير القانوني للعائلات في القدس والهجمات على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة بما في ذلك المستوطنين غير الشرعيين من الضفة الغربية”.
وتابع “إن حكومة المملكة المتحدة تعتبر متواطئة في هذه الأعمال طالما أنها مستمرة في تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي لإسرائيل… يجب أن ينتهي هذا الدعم بداية بإنهاء تجارة الأسلحة في الاتجاهين وقطع المعاملات التجارية مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية”.
-أوقفوا الدعم-
سيمون ميكيباس، أحد مواطني المملكة المتحدة المنضم للتظاهرات، وهو محاسب سيبلغ من العمر 61 عاماً، قال في حواره لوكالة فرانس برس إنه انضم للاحتجاجات لأن “العالم بأسره يجب أن يفعل شيئا حيال ما يحدث، وعلى رأسهم مواطني المملكة المتحدة”.
وانتقد ميكيباس الولايات المتحدة، التي قال إنها تدعم إسرائيل بشكل غير عادل، وحث واشنطن على العمل بجدية لـ “صنع السلام ووقف ما يحدث”.
أما آزاده بيمان، وهي عالمة تبلغ من العمر 50 عاماَ، أكدت أنها نشأت على القضية الفلسطينية من قبل والديها وأجدادها، حيث قالت “أنا لست فلسطينية في الأصل لكن قلبي ينزف ألماً بسبب ما يحدث للفلسطينيين… أعتقد أنها القضية التي ستنتقل عبر الأجيال المختلفة، حتى تتحرر فلسطين”.
وفي مدريد، سار حوالي 2500 شخص، العديد منهم من الشباب متوشحين بالأعلام الفلسطينية، إلى ساحة بويرتا ديل سول في وسط المدينة، وهتفوا “هذه ليست حربا إنها إبادة جماعية”.
وقالت أميرة شيخ علي (37 عاما)، وهي من أصل فلسطيني “إنهم يذبحوننا”، مضيفة “لا زالت النكبة مستمرة” والنكبة هو مصطلح يطلقه الفلسطينيون لوصف قيام إسرائيل في عام 1948 عندما فر مئات الآلاف أو طردوا خارج منازلهم لاستيلاء المستوطنين عليها.
إخلاص أبو صيان – ممرضة من أصول مغربية عمرها 25 عاماً- قالت للصحافة “نريد أن نطلب من إسبانيا والسلطات الأوروبية عدم التعاون مع إسرائيل، لأنهم بصمتهم يتعاونون”.
– قاطعوا إسرائيل –
وفي ألمانيا تظاهر الآلاف في برلين وفرانكفورت ولايبزيغ وهامبورغ عقب نداء من مجموعة Samidoun، وقد تم السماح بثلاث مسيرات في منطقة نويكولن الجنوبية للطبقة العاملة في برلين، موطن أعداد كبيرة لأشخاص من أصول عربية وتركية، وقد هتفت تلك الجموع “قاطعوا إسرائيل”.
أما في باريس استخدم ضباط الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في باريس لمحاولة تفريق تجمع مؤيد للفلسطينيين نظم على الرغم من حظر السلطات.
محمد- عمره 23 عاماً- أحد المتظاهرين يرتدي قميص كتب عليه “فلسطين حرة”، قال لوكالة فرانس برس تعليقاً على ما فعلته الشرطة “أتريدون منعي من إظهار التضامن مع أهلي، حتى مع قصف قريتي؟”.
الجدير بالذكر أنه تم حظر مسيرة سابقة يوم الخميس بسبب مخاوف من تكرار الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في مسيرة مماثلة في باريس خلال الحرب الأخيرة في عام 2014، عندما استهدف المتظاهرون معابد يهودية وأهداف إسرائيلية ويهودية أخرى.
وقال مراسلو وكالة فرانس برس إن نحو 500 شخص تظاهروا في أثينا، وقد استخدمت الشرطة اليونانية خراطيم المياه لتفرقتهم أثناء تواجدهم أمام السفارة الإسرائيلية.
وبدأ القصف الإسرائيلي على غزة يوم الاثنين بعد أن أطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة صواريخ باتجاه “القدس” رداً على تحركات دامية للشرطة الإسرائيلية في ساحة المسجد الأقصى بالقدس، ورفضاً للطرد الإسرائيلي المزمع للفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل، والذي قوبل باحتجاجات عالمية على نطاق واسع.
اضف تعليقا