للمرة الأولى منذ ثلاثة أسابيع، قام اليميني اليهودي توم نيساني بقيادة مجموعة من اليهود لاقتحام الحرم القدسي، متجاهلاً مشاعر المصلين الفلسطينيين في هذا المكان المقدس بالنسبة لهم.
توم نيساني – 32 عاماً- هو رئيس منظمة تهدف إخضاع المكان المقدس للسيطرة الإسرائيلية المباشرة، قال تعليقاً على وجوده على رأس مجموعة من اليهود برفقة الشرطة الإسرائيلية يوم الأحد لاقتحام المجمع الذي يعرفه المسلمون باسم نوبل سانكشري “ليس خطأي أنهم يعتبرونه مكاناً مقدساً”.
وصفت الشرطة الإسرائيلية ظهور يهود اليمين في الموقع المقدس بأنه أمر روتيني، على عكس الفلسطينيون الذين اعتبروه تصرفاً استفزازياً، وبحسب الأوقاف الإسلامية الفلسطينية، المسؤولة عن إدارة الموقع، فإن “ثلاثة من عمالها اعتقلوا بعد أن سُمح لـ مستوطنين متطرفين بالدخول”، وهو ما أكدته وسائل التواصل الاجتماعي التي سرعان ما انتشر عليها صورة لأحد العاملين في الوقف مقيدًا على الأرض، مع ركبة ضابط شرطة إسرائيلي على رقبته.
كانت هذه مجرد حادثة واحدة في مواجهات القدس الشرقية التي أصبحت شبه يومية، حتى بعد إعلان وقف لإطلاق النار الأسبوع الماضي بين القوات الإسرائيلية وحماس، اللذين اشتعلا بينهم تبادلاً لإطلاق الصواريخ الشهر الجاري بسبب ما يحدث في القدس على أيدي المتطرفين اليهود والاقتحامات المتكررة للمجمع المقدس الذي يشمل المسجد الأقصى والإخلاء المخطط للعائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح.
تأتي التوترات المتصاعدة في الوقت الذي من المقرر أن يصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى إسرائيل في زيارة هذا الأسبوع للتحدث مع المسؤولين الإسرائيليين والقادة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، لكن هناك القليل من الدلائل على أن هذه المبادرة الدبلوماسية ستحل القضايا الأساسية، مثل تلك الموجودة في القدس، والتي تستمر في تأجيج الأعمال العدائية في المكان.
قال الشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى المبارك، بعد اعتقالات الأحد “ربما تهدأ الأمور لمدة شهر أو شهرين.. لكن في النهاية، سينفجر الشارع.”
وأضاف الكسواني أن المصلين المسلمين تم إخراجهم من الحرم يوم الأحد بعد صلاة الفجر وسط “استفزازات” من قبل القوات الإسرائيلية.
وأكد متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية اعتقال موظفين في الوقف، لكنه قال إنه “ليس لديه تفاصيل سوى أنهم تسببوا في اضطراب”، بالرغم من أن مقاطع الفيديو أظهرت الهدوء يخيم على المكان إبان الجولة التي قام به نيساني ورفاقه.
في العاشر من مايو/أيار الجاري اشتعل قتالاً بين حماس وإسرائيل لمدة 11 يوماً، بعد الاعتداءات الإسرائيلية على المصلين المسلمين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، حيث تضاعفت التضييقات الإسرائيلية على المصلين أواخر الشهر الكريم فيما وصفه الفلسطينيون بغارة على المسجد الأقصى، ثالث أقدس الأماكن في الإسلام، وهو ما أدانه الأردن، الذي يدير الوقف الذي يسيطر على الموقع، معتبراً الإجراء الإسرائيلي خرقًا لاتفاقية الوضع الراهن السارية منذ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في حرب عام 1967.
أطلقت حماس صواريخها الأولى على الجانب الإسرائيلي هذا الشهر رداً على ما يحدث في القدس أن وجهت إنذارا للقوات الإسرائيلية بالانسحاب من محيط المسجد وضمان حقوق الفلسطينيين الذين يواجهون الإخلاء في الشيخ جراح، لكن إسرائيل ردت بغارات جوية مكثفة على قطاع غزة، تسببت في مقتل 248 فلسطينيا بينهم أطفال.
على الجانب الآخر، لا زالت الاحتجاجات في حي الشيخ جراح متواصلة، حيث يكرس المستوطنون اليهود جهودهم لطرد العائلات الفلسطينية وتسليمها للمستوطنين بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، وهو قرار قوبل بإدانة ورفض شديدين من قبل معارضي الاحتلال الإسرائيلي.
واليوم، تحدّ الشرطة من وصول الفلسطينيين إلى المنطقة التي تقطنها أغلبية عربية، لكنها تسمح للمستوطنين اليهود بالدخول والخروج بأريحية تامة.
تعليقاً على هذا قالت الناشطة الفلسطينية سيرين جبارين التي سافرت من بلدة أم الفحم في شمال الداخل المحتل لإظهار دعمها للعائلات: “الأمر لن يُحل بشريط طبي لاصق”، مضيفة بعد أن فرقت الشرطة الإسرائيلية المتظاهرين السلميين برش سائل كريه الرائحة يعرف باسم ماء الظربان “المشكلة تكمن في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي… عليك أن تحل الأمر من الجذر”.
رداً على أسئلة حول التعامل مع التوترات في المدينة، قالت الشرطة الإسرائيلية إنها تصرفت “بقوة متزايدة” في شوارع القدس “لمنع حوادث العنف” و “الحفاظ على الأمن العام”.
من جانبه، قال طارق بقوني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن المواجهات التي لا هوادة فيها في القدس من غير المرجح أن تنتهي بسلام، مشيراً إلى الاعتقالات الجماعية للمتظاهرين الفلسطينيين مع كون حي الشيخ جراح لا يزال محاصراً “.
وأكد “أعتقد أنه من المرجح أن يستمر العنف الإسرائيلي”.
شهدت الأيام الأخيرة إحساسًا جديدًا بالوحدة بين المحتجين الفلسطينيين وهم يواجهون إسرائيل في الشوارع، لكن الاحتكاكات تتزايد داخل المؤسسة الفلسطينية بين المعسكرين المتنافسين، حيث انقلب المصلون المسلمون يوم الجمعة على مفتي القدس لأنه لم يذكر الوضع في غزة أو الجهود العسكرية لحماس خلال الخطبة في المسجد الأقصى.
ومن الجدير بالذكر أن المفتي يتم تعيينه من قبل السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية وتتنافس مع حماس على الدعم الشعبي.
وقال ناصر عطار المنتج بشبكة ABC إن حشود كبيرة تجمعت في ساحة المسجد خارج المسجد ولوحوا بالأعلام الفلسطينية بشكل رئيسي وبعض أعلام حماس، مضيفاً “أعتقد أن الإسرائيليين انزعجوا… لقد سمعنا فجأة قنابل صوتية.”
وأشار عطار إلى أنه تعرض للضرب على أيدي الشرطة الإسرائيلية على الرغم من إبرازه هويته الصحفية، وقال إن الحشد كان مسالمًا رغم ذلك حاولت الشرطة الإسرائيلية تفريقه.
وقال مواطن فلسطيني يدعى محمد عبيدات، 59 عاما، بعد مغادرته الصلاة يوم الأحد، إن إظهار الدعم لحركة حماس أمر مفهوم، موضحاً “سوف يلتف الناس حول من يأتي لإنقاذهم… خاصة أن أهالي القدس يعانون من الغرامات والاعتقالات ومصادرة وتدمير منازلهم.
وبينما كان يتحدث، اقتادت الشرطة الإسرائيلية شابًا فلسطينيًا مكبل اليدين من الموقع.
مارلين لوز، 48 عامًا، أم لطفلين من القدس الشرقية، وقفت مؤخرًا بجانب باب العامود المهجور، أحد المداخل الرئيسية لمدينة القدس القديمة، ممسكة بمنديل على أنفها لمنع رائحة ماء الظربان، والتي اعتقلت القوات الإسرائيلية ابنها البالغ من العمر 25 عامًا، قالت في حوارها “إنهم لا يمنحون أي شخص فرصة للتنفس… وسيزداد الأمر سوءًا إذا لم يستجيبوا لمطالب الشعب الفلسطيني”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا