دعا المشرعون والجماعات الحقوقية السلطات الكندية إلى وقف ترحيل ناشط حقوقي مصري بسبب المخاطر التي قد يواجهها في حالة إعادته إلى مصر نظراً لنشاطه السياسي.

 

ويعاني الناشط المصري عبد الرحمن الماضي من خطر الترحيل منذ وصوله إلى كندا كطالب لجوء في أواخر عام 2017،

حيث أكد للسلطات أنه يفر من اضطهاد الحكومة العسكرية المصرية بسبب مشاركته في احتجاجات حاشدة ضد الرئيس القوي السابق حسني مبارك وعضويته في حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين.

 

بعد الإطاحة بمبارك في عام 2011 خلال الربيع العربي، أُجريت انتخابات حرة عام 2012، والتي شهدت حصول حزب الحرية والعدالة على التصويت الشعبي، لكن لم يدم الانتصار طويلاً، وفي عام 2013، أطاح انقلاب عسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي بالرئيس محمد مرسي وحكومته، وشن النظام الجديد حملة قمع ضد أنصار الإخوان المسلمين، مما أسفر عن مقتل المئات واعتقال الآلاف، بمن فيهم أصدقاء عبد الرحمن الماضي نفسه.

 

في حواره، قال الناشط البالغ من العمر “38 عاماً” أنه منذ وصوله إلى كندا وهو يحارب الإجراءات القانونية لترحيله بقرار محكمة فيدرالية، متهماً السلطات الكندية باستخدام انتماءاته السياسية ضده، مضيفاً “أنا بريء وهم يعرفون أنني بريء”، لكن “السلطات تعتبرني مصدر قلق أمني بسبب عضويتي في حزب الحرية والعدالة”.

 

‘شائع جدًا وغير عادل بالمرة’

وأضاف “الماضي” أنه عندما تم اعتقاله لدى وصوله إلى مطار فانكوفر، صادر ضباط الحدود جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به وطبعوا رسائل بريد إلكتروني بينه وبين محاميه دون موافقته، وبعد ثلاثة أيام من الاستجواب، سُجن لمدة شهرين وأُفرج عنه لكن تم تصنيفه بأنه لا يمكن استمرار بقائه في كندا “لدواعي أمنية”.

 

على الجانب الآخر، وردت معلومات بأن المسؤولين الكنديين قاموا بالاتصال بالقاهرة بشأن قضية “الماضي”، وبحسب CTV News، أظهر محضر جلسة مراجعة الاحتجاز التي عقدها السيد الماضي في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017 أن المحامي الخاص بوزير السلامة العامة قال إن وكالة خدمات الحدود الكندية (CBSA) كانت تسعى للحصول على نسخ من استدعاء الشرطة الصادر ضد الماضي في مصر.

 

كما رفضت وكالة خدمات الحدود الكندية التعليق على الأمر قائلة “سيكون من غير المناسب التعليق على قضية معينة عندما يكون هناك تقاضي مستمر” مضيفةً أن إبعاد فرد من كندا يتبع سلسلة من العمليات وآليات الانتصاف التي تتيح للمواطنين الأجانب الإجراءات القانونية الواجبة.

 

من جانبها، قالت باربرا جاكمان، محامية الهجرة واللاجئين إن قرار ترحيل “الماضي” يُظهر أن قواعد “الرفض” الكندية تكون أحيانًا فضفاضة للغاية، إذ أنها ترفض دخول “أي شخص لديه أي ارتباط بمنظمة شاركت في أعمال عنف”، بغض النظر عما إذا كانت الجماعة مدرجة على أنها جماعة إرهابية أم لا.

وأشارت إلى أن عيب هذه القاعدة تكمن في أنه “من أجل تصنيف أي شخص بأنه غير ملائم، غير مطلوب منهم فعل أي شيء… بكل أسف إنه أمر شائع جدًا وغير عادل بالمرة.”

 

الجدير بالذكر أن الحكومة الكندية لم تُدرج جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة ككيانات إرهابية، وقد تمكن العديد من أعضاء الجماعات سابقًا من التقدم بطلب للحصول على اللجوء في الدول الغربية.

 

إشراف وكالة خدمات الحدود الكندية

من ناحية أخرى، حثت العديد من الجماعات الحقوقية كندا على تعليق ترحيل “الماضي”، ودعت أوتاوا إلى التدقيق في احتمالية مواجهته الاضطهاد والتعذيب إذا أعيد إلى مصر.

 

قال مصطفى فاروق، الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني للمسلمين الكنديين، “فكرة أن كندا يمكن أن تُرحِّل شخصًا ما إلى بلد يُحتمل أن يواجه فيها التعذيب أو أسوأ هو مصدر قلق بالغ” خاصة في ظل الظروف المصرية الحالية.

 

ومنذ وصوله إلى السلطة، حكم السيسي البلاد بقبضة من حديد، وجرم جميع أشكال المعارضة السياسية تقريبًا وسجن المعارضين بجميع أطيافهم- بما في ذلك مواطنين أمريكيين وعائلاتهم.

 

وتقول جماعات حقوقية إن ما يقدر بنحو 60 ألف سجين سياسي محتجزون في السجون المصرية.

 

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمؤسسة الديمقراطية في العالم العربي الآن، لـ “موقع ميدل إيست آي” إن “حكومة السيسي لن تكون راضية حتى تعتقل عشرات الملايين من المصريين الذين صوتوا لصالح الحرية والعدالة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين”.

 

فيما قال جاستن محمد، ناشط حقوق الإنسان والسياسة في منظمة العفو الدولية بكندا إن الحكومة الكندية “ملزمة بعدم تسليم أي شخص إلى مكان يوجد فيه خطر التعرض للتعذيب”.

وأضاف “بالنظر إلى أن عبد الرحمن الماضي يزعم أنه سيسجن أو سيعذب أو حتى يقتل في مصر، فإنه يتعين على الحكومة الكندية تقييم هذه المخاطر والنظر إليها بعين الاعتبار”.

 

في سياق متصل، بعث دون ديفيز، عضو البرلمان عن المنطقة التي يقيم بها الماضي، برسالة في أبريل/نيسان إلى وزير الهجرة الكندي، دعا فيها إلى وقف إجراءات تسليمه.

 

وقال ديفيز في رسالته: “عبد الرحمن الماضي ناشط في مجال حقوق الإنسان، يواجه الترحيل إلى مصر حيث يواجه هو وعائلته اضطهادًا واضحاً”.

 

الجدير بالذكر أن قضية السيد/الماضي ساهمت في زيادة الدعوات إلى إشراف مدني على وكالة الحدود، وهي خطوة تطالب بها جماعات حقوقية ومناصرة للهجرة منذ سنوات.

 

وتعليقاً على هذا قال محمد: “إنه لأمر مخيب للآمال أن تستمر وكالة خدمات الحدود الكندية في العمل دون رقابة ومساءلة، خاصة مع التأثير الكبير الذي يمكن أن تحدثه تصرفات مسؤولي وكالة خدمات الحدود الكندية على حياة الناس”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا