نشرت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية تقريرا عن مخيم الهول في سوريا، الذي تعيش به غالبية من النساء والأطفال، وأحيانًا اللاجئين أو السجناء التابعين لتنظيم “داعش”، والذي يطلق عليه البعض “جوانتانامو الأوروبي”.

وقالت الصحيفة: إن مخيم الهول، الذي أقيم بعد هزيمة داعش في سوريا بهدف استيعاب النساء والأطفال، تحول إلى “خلافة” صغيرة حيث يحتفظ السجناء بفكر التنظيم وينجحون في جمع الأموال من خلف الأسلاك الشائكة.

وأوضحت أنه في هذا المخيم، البالغ مساحته حوالي 300 هكتار (3000000 متر مربع)، سجلت السلطات منذ بداية العام أكثر من 40 عملية اغتيال، بما في ذلك ما لا يقل عن عشر عمليات قطع للرؤوس. 

وبحسب مركز معلومات روجافا، وهو منظمة مستقلة في شمال شرق سوريا، اتهم التنظيم معظم الضحايا بالتعاون مع مسؤولي المخيم الشبيه بالأحياء الفقيرة، ويطبق داخله التابعون لداعش قوانينه على الجميع.

وذكرت الصحيفة أنه في نهاية عام 2020، تعرضت سيدة عراقية للخنق بكابل كهربائي أمام أطفالها، وجريمتها وفقا لمصادر على اتصال بالسجناء، نشرها مقطع فيديو على انستجرام وهي ترقص في خيمتها.

 كما أنه في 20 مارس/ آذار الماضي، قُتلت شابة تبلغ من العمر 18 عامًا، وهي عراقية أيضًا، بتهمة التخابر.

وتشكو قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي تحالف عسكري تدعمه الولايات المتحدة ومسؤولة بشكل خاص عن مراقبة مخيم الهول، من أنها لا تملك الموارد اللازمة لتأمين المخيم الذي يضم أكثر من 62 ألف نزيل، وأصبح الآن بحجم مدينة متوسطة. 

كما ترفض معظم الدول الغربية باستمرار إعادة مواطنيها الذين ذهبوا إلى سوريا وقت صعود داعش وظلوا محاصرين هناك بعد هزيمة التنظيم.

وكشف تقرير حديث للأمم المتحدة عن أن بعض المعتقلين يهربون إلى معاقل التنظيم في سوريا ويجمعون أموال بملايين الدولارات يرسلها المتعاطفون معهم.

كذلك في الأشهر الأخيرة، تمكن الهاربون من الوصول إلى السويد وهولندا وفنلندا وبلجيكا، وفقًا لوثائق قضائية ومسؤولي مكافحة الإرهاب.

 

الجميع يريد المغادرة

ونقلت الصحيفة عن أمل بلفاد، وهي أم مغربية تقول إنها لحقت زوجها رغماً عنها وحاولت الفرار بعد مقتل زوجها على يد امرأة ولكنها لم تنجح في ذلك: “الجميع هنا يريد مغادرة المخيم”.

وعن الأسباب التي تعرقل مراقبة نشاطات المتطرفين في مخيم الهول، أشارت “لوبينون” إلى أن هذا يرجع جزئيًا إلى تعقيد الهيكلة، فالمخيم مليء بأسرى الحرب والمشردين الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، مبينة أن القسم الرئيسي من المخيم، أي حوالي نصف السكان، يتكون من عائلات عراقية (بما في ذلك الرجال).

 كما توجد منطقة مخصصة للسوريين ومنطقة متواضعة للمعتقلين من أنحاء أخرى من العالم بجانب أطفالهم، ويبلغ عددهم حوالي 9000 شخص، بينهم 5400 طفل دون سن الحادية عشر. 

كما كشفت الحسابات التي تم فتحها على وسائل التواصل الاجتماعي لجمع الأموال، أن معظم عمليات جمع التبرعات في هذا المعسكر تتم من قبل المعتقلين الأجانب الذين لديهم اتصالات خارج البلاد ويتحدثون الإنجليزية أو الروسية.

كما نجحت زوجات بعض المسؤولين بالتنظيم في الهروب من المخيم وتم نقلهم إلى إدلب، والهاربون من الهول يلعبون الآن دورا رئيسيا في ولادة جديدة لداعش، بحسب مسؤول في المخابرات الأمريكية ومسؤولة كردية عن الأمن في المخيم. 

وحول هروب المعتقلين من مخيم الهول، قالت إحدى النساء البارزات: “جميعهم يقولون إنهم يريدون العودة إلى ديارهم، لكن ما يريدونه حقًا هو العودة إلى إدلب لأن داعش يعيد بناء الخلافة هناك. “

وأعرب خبراء مكافحة الإرهاب عن قلقهم من هذا الهروب الجماعي لأنصار داعش والمتعاطفين معهم، إذ تقول فيرا ميرونوفا، باحثة بجامعة هارفارد، والتي تتحدث بانتظام مع سكان مخيم الهول: بمجرد خروجهم من المخيم، تصبح مراقبة النساء والأطفال أكثر صعوبة على الرغم من أن السلطات تعرف بشكل عام مكان وجودهم.

وتضيف “التنظيم على دراية بوجهتهم بعد خروجهم من المخيم وهو الأمر الذي تجهله الدول الغربية”. وقد حذرت الأمم المتحدة العام الماضي من أن داعش كان يحاول استخدام الهاربين من الهول لتشكيل خلايا في أوروبا.

ويعتقد خبراء الإرهاب الغربيون أن بعض الأطفال المختطفين من الهول يتم إرسالهم إلى سوريا والعراق للانضمام إلى المتطرفين في سوريا، حيث تضاعفت الهجمات، إذ تم إحصاء ما لا يقل عن 29 هجومًا في فبراير/ شباط الماضي، مقابل ستة في يناير/ كانون ثاني 2020، وفقًا لمشروع مكافحة التطرف، وهو منظمة غير ربحية في نيويورك ترصد تحركات الجماعات المتطرفة.

وتؤكد الصحيفة الفرنسية على أن رغبة المعتقلين في استعادة حريتهم بأي ثمن تغذي نمو شبكات التهريب، لافتة إلى أنه اليوم يكلف تهريب السجين 16 ألف دولار على الأقل، لكن السعر أقل قليلاً بالنسبة للعراقيين والسوريين لأن الرحلة تكون أقصر، كما تقول امرأة حاولت الفرار.

 وذكرت “لوبينون” أنه في خطابه الأخير، قبل مهاجمة القوات الخاصة الأمريكية مخبأه في شمال غرب سوريا، حث أبو بكر البغدادي، زعيم داعش آنذاك، أتباعه على إطلاق سراح المقاتلين وزوجاتهم وأطفالهم من المخيم.

وقال في شريط فيديو مدته ثلاثون دقيقة تم تسجيله في سبتمبر/ أيلول 2019، أي قبل شهر من وفاته في الغارة الأمريكية “افعلوا كل ما في وسعكم لتحريرهم”.

 

أم يعقوب الزهراني

وبحسب الأمم المتحدة حركة تهريب النساء أوجدت مصدر دخل جديدًا لداعش، الذي يفرض لجنة على الأموال التي يرسلها أنصاره، فعادة ما يتم تنظيم عمليات جمع التبرعات من داخل المخيم، حيث يطلب النزلاء دعمهم باستخدام الهواتف المحمولة المهربة.

أنشأت امرأة سعودية من مدينة جدة، المعروفة باسم أم يعقوب الزهراني، قنوات على وسائل التواصل الاجتماعي لنقل طلبات النساء اللواتي يحاولن الفرار من مخيم الهول بانتظام، وفقًا لأفراد في المخابرات الغربية.

ومن ضمن ما كتبت على أحد مواقع التواصل “أحاول تحرير أم وطفلها من سجناء مخيم الهول، لذلك أناشد أولئك الذين لديهم القدرة والتقوى أن يساعدوني في العثور على المبلغ اللازم”، مطالبة من المتبرعين الاتصال برقم قيرقيزي.

وتوضح أم يحيى، الاسم المستعار لهاربة، وهي أرملة عراقية لمسؤول كبير في داعش قُتل في غارة جوية، أن هذه المرأة السعودية شخصية بارزة في تنظيم داعش، وقد ساعدتها في الهرب من المخيم.

وتؤكد أم يحي أن “داعش قد يكون ضعيفا الآن، لكنه سيعود أقوى في المستقبل”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا