(الصفقة على حافة الانهيار)
قال وزير الخارجية الأمريكي في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، مايك بومبيو، إن بيع طائرات مقاتلة من طراز F-35 لدولة الإمارات العربية المتحدة لعب دورًا “حاسمًا” في إقناع الدولة الخليجية بإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال الصهيوني، وذلك على الرغم من النفي المتكرر من جانب الكيان الغاصب.
في مقابلة ستنشر اليوم الجمعة مع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، وصف بومبيو الصفقة بأنها واحدة من سلسلة من الإجراءات التي سمحت لاتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات بالمضي قدمًا والتوقيع عليها في نهاية المطاف.
وأوضح بومبيو أن أهمية الصفقة تكمن في حقيقة أنها طمأنت أبو ظبي بأن واشنطن تعتبرها شريكًا أمنيًا موثوقًا به، مضيفًا أنها نقلت رسالة مفادها أن الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل تشترك جميعها في نفس المفهوم الأمني.
طائرات F-35.. ثمن الخيانة
وقال بومبيو للصحيفة في مقتطف نُشر يوم الخميس: “الصفقة ذاتها تقول أن الإسرائيليين والأمريكيين يعتقدون أن الإمارات يمكن أن تشاركهما مفهومها الأمني”.
قوبلت أخبار البيع العام الماضي بالجدل في دولة الاحتلال، التي كانت تحتكر من الأساس على مدار السنوات الماضية استخدام طائرات F-35 في الشرق الأوسط. في البداية، لم تقبل الدولة المحتلة أن تحصل أي قوى أخرى في الشرق الأوسط على الطائرة المقاتلة، في إطار سعيها إلى الحفاظ على أفضلية عسكرية في المنطقة، فضلًا عن أن الحفاظ على هذه الأفضلية هو أهداف الولايات المتحدة.
بموجب مبدأ الحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” للكيان الغاصب، فإن الولايات المتحدة مطالبة بضمان احتفاظ إسرائيل بالتفوق العسكري في المنطقة، والتشاور مع إسرائيل بشأن المبيعات المقترحة للأسلحة المتقدمة إلى دول أخرى في المنطقة.
في سبتمبر 2020، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وافق سراً على صفقة الأسلحة وسط دفع للتطبيع مع إمارات الشر. وسارعت إسرائيل بنفي النبأ عندما صدر لأول مرة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أصدر نتنياهو بيانًا مشتركًا مع وزير الدفاع، بيني غانتس، جاء فيه أنهما اتفقا على أنه “نظرًا لأن الولايات المتحدة تعمل على تحديث القدرات العسكرية لإسرائيل وتحافظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، فلن تعارض إسرائيل بيع هذه الأنظمة إلى الإمارات العربية المتحدة.
المخاطر الأمنية لواشنطن..
كان بومبيو واحدًا من العديد من الجمهوريين البارزين الذين يُعتبرون مرشحين رئاسيين محتملين لعام 2024 خططوا لزيارة إسرائيل في الأسابيع الأخيرة.
تزامنت خططه الأخيرة للقيام برحلة إلى دولة الاحتلال، تزامنًا مع زيارة وزير الخارجية الحالي، أنتوني بلينكين، الذي سافر إلى الشرق الأوسط في محاولة “لتثبيت” وقف إطلاق النار الشهر الماضي بين الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو اليوم الأخير لترامب في منصبه، وقعت واشنطن وأبو ظبي صفقة بقيمة 23 مليار دولار لشراء 50 طائرة من طراز F-35 وما يصل إلى 18 طائرة بدون طيار مسلحة وتقنيات أسلحة أخرى من عدد من كبار مقاولي الدفاع الأمريكيين. وحسب الاتفاق، من المقرر تسليم الطائرات للإمارات بحلول عام 2027.
لكن بمجرد توليه المنصب، أصدر الرئيس جو بايدن مراجعة لعملية البيع، ولكنه أعلن عن استئنافها في منتصف إبريل/ نيسان الماضي. ومع ذلك، فإن المخاوف الأخيرة بشأن النفوذ الصيني المتزايد في الإمارات قد تعرض الصفقة للخطر مرة أخرى.
في الشهر الماضي، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن العديد من المسؤولين الأمريكيين أثاروا مخاوف من أن العلاقات الوثيقة بشكل متزايد بين أبوظبي وبكين قد تعيق عملية البيع.
في المقابل، حاولت الإمارات تهدئة المخاوف النابعة من فكرة أن نقل التكنولوجيا الأمريكية الحساسة إلى أبو ظبي خلق خطرًا أمنيًا على واشنطن.
حيث قال سفير الإمارات في واشنطن، يوسف عتيبة، للصحيفة إن بلاده تتمتع “بسجل حافل ومتسق في حماية التكنولوجيا العسكرية الأمريكية، سواء في الائتلافات التي خدمنا فيها جنبًا إلى جنب مع الجيش الأمريكي وداخل الإمارات العربية المتحدة حيث يوجد عدد كبير من الأشخاص. لقد تم الحفاظ على الأصول العسكرية الأمريكية الحساسة لسنوات عديدة “.
يبدو أن إمارات الشر -رغم خياناتها المستمرة- لم تستطع أن تحظى بثقة الاحتلال الصهيوني حتى الآن، فلا تزال إسرائيل رافضة لاستكمال الصفقة، كما أنها لم تستطع أن تحظى بثقة الولايات المتحدة كذلك، فهي تخشى أن تتسرب معلوماتها العسكرية والأمنية الحساسة إلى الصين.
ليس معلومًا ما الذي يمكن أن تقدمه الإمارات بعد حتى تتمكن من نيل ثقة الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الصهيوني بشكل كامل، فالإمارات تفعل الآن ما لا تفعله أي دولة غيرها، فهي تبالغ في الاحتفاء بالصهاينة الذين يفِدون إلى أراضيها، كما أنها تعقد عشرات الاتفاقات والمعاهدات مع دولة الاحتلال في كافة المجالات؛ الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياحية والتجارية والتعليمية والثقافية. وسفيرها يطلب المباركة من رئيس إحدى الطوائف الدينية الصهيونية اليمينية المتطرفة، ويتمنى لهم أن يعودوا أقوى منتصرين على الفلسطينيين.
غير معلوم حتى الآن ما إن كانت إمارات الشر ستستلم الطائرات التي لا تزال تحتكرها إسرائيل أم لا، لكن الآكد أن الولايات المتحدة لن تسمح بأن تتفوق أي دولة في المنطقة من الناحية العسكرية على إسرائيل، كما أنها لن تخرج الإمارات من كونها دولة عربية مسلمة حتى لو أقسم حكامها أنهم صهيونيون أكثر من صهاينة إسرائيل.
اضف تعليقا