سلطت العديد من الصحف الفرنسية الضوء على افتتاح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، أول سفارة إسرائيلية في الخليج، حيث أشارت إلى أنه على الرغم من الحرب الأخيرة في غزة، لا تنوي الإمارات ودولة الاحتلال وقف التقارب بينهما.
والثلاثاء 29 يونيو/ حزيران بدأ لبيد زيارة إلى الإمارات هي الأولى الرسمية لوزير إسرائيلي منذ اتفاق تطبيع العلاقات بين الدولتين العام الماضي، حيث افتتح في أبو ظبي أول سفارة لبلاده العبرية في بلد خليجي.
وفي تعليقه على هذا الحدث، قال راديو “فرانس إنفو” تحت عنوان “شهر العسل مستمر بين إسرائيل والإمارات”: إضافة إلى أول سفارة لإسرائيل في أبوظبي، افتتح يائير لابيد القنصلية الإسرائيلية في الحي المالي بدبي، ودشن الجناح الإسرائيلي في معرض اكسبو 2020 دبي المقرر افتتاحه أكتوبر/ نيسان المقبل.
وأشار الراديو إلى أنه في الأصل، كان ينبغي أن يقوم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بهذه الزيارة التاريخية في فبراير/ شباط الماضي، لكن الخلاف مع الأردن حول التحليق فوق أراضيها أعاق هذه الرحلة إلى الخليج، ومؤخرا خرج نتنياهو من السلطة.
كما ذكرت بأن الاشتباكات التي شهدتها القدس مؤخرا والحرب مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في غزة إلى تبريد عملية التقارب بين الإمارات وإسرائيل مؤقتًا.
وأكدت أن الهدف من وراء ذلك كان فقط التقليل من لفت الأنظار في ظل انتقادات جزء من العالم العربي المنددة بالتطبيع بين الدولتين، ولذلك لم تستدع أبو ظبي سفيرها في تل أبيب للتشاور خلال الهجمات الإسرائيلية على غزة، لأنه بالنسبة للإماراتيين، لا جدال في استمرار التطبيع مع دولة الاحتلال.
القضايا الاستراتيجية
ووفقا لـ”فرانس إنفو”، فإن التطبيع هو خيار استراتيجي للإماراتيين والإسرائيليين الذين يبنون شراكات متعددة القطاعات، كإبرام اتفاقيات في التقنيات والزراعة والطاقة وصناعة الأسلحة وحتى السينما.
ونوهت بأنه في مارس/ أذار الماضي، أعلنت أبو ظبي عن إطلاق صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار يستهدف القطاعات الإسرائيلية الاستراتيجية، كما أن موانئ دبى العالمية السخنة، أحد رواد العالم في منصات الموانئ، قد قدم عرضًا لشراء ميناء حيفا، كجزء من الخصخصة، ناهيك عن أن الإمارات وإسرائيل بينهما حاليا خدمات جوية يومية.
كما أكد كذلك على أن هناك مصالح استراتيجية إقليمية على المحك، فكل من إسرائيل والإمارات يتشاركان نفس الخوف من إيران التي من وجهة نظرهما تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي.
أما راديو وتلفزيون سويسرا ” rts” الناطق بالفرنسية، فسلط الضوء على الوضع في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه بعد أكثر من شهر من الحرب الأخيرة أثار الهجمات الإسرائيلية ظاهر في كل مكان، بينما التطبيع مستمر مع الدول العربية.
ونقل عن مراسلته في الأراضي المحتلة أليس فروسارد القول: اليوم الاقتصاد في غزة هش للغاية، خاصة بعد جائحة الفيروس التاجي (كورونا المستجد)، السكان يكافحون من أجل التعافي منها”.
وتابعت “هناك أيضا مياه صرف صحي على الطرق، لقد تضرر نظام البنى التحتية بالكامل، وبسبب القيود الإسرائيلية تضاعفت الأسعار ثلاث مرات”.
إعادة الإعمار صعبة
وبين راديو وتلفزيون سويسرا أن إعادة الإعمار جزئية ويتم تنفيذها بالمواد القليلة المتوفرة في القطاع البالغ طوله 3 كيلومترات وعرضه 15 كيلومترًا، وهناك أيضا نقصًا في الوقود لتشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة.
وتشدد المراسلة أن هناك مشكلة أخرى يجب حلها بسرعة كبيرة: تم استهداف المصانع الكيماوية بالقصف في مايو/ أيار من قبل إسرائيل، مما أدى إلى إطلاق العديد من المواد السامة التي يمكن أن تؤثر على الماء والهواء.
ونددت حماس، الأسبوع الماضي بـ “سياسة التسويف” الإسرائيلية لحل الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني، حيث يعيش حوالي مليوني شخص.
التخلي عن القضية
وبحسب الشهادات التي جمعتها أليس فروسارد، يشعر سكان غزة بخيبة أمل من المجتمع الدولي والدول العربية التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
ولفتت إلى أن حماس نددت أيضا بافتتاح يائير لبيد في الإمارات أول سفارة إسرائيلية في الخليج، قائلة في بيان إن ذلك “يعكس إصرار دولة الإمارات على الخطيئة القومية التي ارتكبتها بتوقيعها اتفاق التطبيع”.
ورغم كل هذه التطورات، نقلت صحيفة “لوموند” عن موران زاجا، الباحثة في جامعة حيفا والمتخصص في الشأن الإماراتي: التطبيع لا يسير بسلاسة كما كنا نأمل، يجب أن تساعد زيارة لبيد في إزالة بعض الحواجز التي لا تزال تعترض طريق التطبيع”، خاصة حول الاتفاقيات الثنائية حول التعليم والأمن والزراعة.
وأكدت أن العلاقة بين الإمارات وإسرائيل لا تتعلق فقط بالاتفاقية الاقتصادية الثانية عشرة التي تم توقيعها الثلاثاء أو تطابق الرؤية حول إيران، بل تدور حول المكان الذي يعتزم البلدان تبوئه في الشرق الأوسط.
أقل انقسامًا
من جهته “يحاول يائير لابيد إعادة تأهيل العلاقة مع الديمقراطيين الأمريكيين لأنه يعلم أن قدرته في المنطقة على الترويج لإسرائيل كورقة رابحة لدول مثل الإمارات تعتمد جزئيًا على إثبات أنها على صلة وثيقة جدًا بالولايات المتحدة” كما توضح سارة فوير من معهد دراسات الأمن القومي.
فقبل سفره إلى أبو ظبي مباشرة، التقى يائير لبيد في روما بمسؤولين بحرينيين وخاصة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حيث أفاد وزير الخارجية الإسرائيلي للصحفيين بأن واشنطن ألمحت إلى أن اتفاقيات التطبيع الموقعة في خريف 2020 “أجبرت [إسرائيل] على بذل جهد مع الفلسطينيين”.
ورأت سارة فوير أن نهج إدارة بايدن مخالف لسلفه دونالد ترامب الذي رأى في التقارب بين إسرائيل ودول الخليج وسيلة للالتفاف على القضية الفلسطينية دون حلها، لكن يبدو أنه من غير المرجح أن يسعى الرئيس الحالي لتوقيع اتفاقيات بين إسرائيل ودول أخرى كالمملكة العربية السعودية على سبيل المثال.
في المقابل، تقول لوموند، يبدو أن أبو ظبي، التي سرعان ما انزعجت من حكومة نتنياهو، تريد من جانبها تجربة حظها مع الائتلاف الجديد الذي وصل إلى السلطة في 13 يونيو/ حزيران، فلبيد، يقدم نهجا أقل إثارة للانقسام من رئيس الوزراء نفتالي بينيت المؤيد للاستعمار علنًا.
وخلصت “لوموند” إلى أن زيارة لبيد التي جاءت بعد أسابيع قليلة من الغارات الإسرائيلية على غزة، أو تقدم الاستيطان اليهودي في القدس، أو الهجمات على ساحة المسجد الأقصى في مايو/ أيار، لم تؤثر على تقدم التطبيع.
لكن القضية الفلسطينية، التي لم تؤثر على تطبيع العلاقات بين البلدين، سببت إحراجاً وإن كان رمزيا لأبوظبي، والدليل على ذلك حظيت زيارة لبيد بتغطية قليلة جداً في وسائل الإعلام الإماراتية.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر 1 اضغط هنا
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر 2 اضغط هنا
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر 3 اضغط هنا
اضف تعليقا