اتهمت جماعات حقوقية جامعة كامبريدج بإبرام “عقد مع الشيطان” -على غرار مسرحية صفقة دكتور فاوستس- بعد الحديث عن تعاون بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني مع الإمارات العربية المتحدة في صفقة هي الأكبر من نوعها في تاريخ الجامعة.
وبحسب وثائق داخلية -اطلعت عليها صحيفة الغارديان- فإن الصفقة تنص على تعاون لمدة 10 سنوات من أجل مساعدة كامبريدج، وهي واحدة من أغنى مؤسسات التعليم العالي في المملكة المتحدة، “على مواجهة التحديات التي تواجهها الجامعات نتيجة لفيروس كورونا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتمويل المحدود”.
وتشير الوثائق إلى أن الإمارات تعهدت بتقديم 312 مليون جنيه إسترليني – وهو أكبر تبرع فردي تلقته الجامعة حتى الآن – بالإضافة إلى 90 مليون جنيه إسترليني سيتم دفعها عينياً مقابل ساعات عمل موظفي كامبريدج.
الصفقة لم يتم اعتمادها حتى الآن من قبل المجلس العام للجامعة، ولكن في حالة الموافقة، سيبدأ “معهد كامبريدج الإماراتي للابتكار” عمله ككيان افتراضي في دولة الإمارات العربية المتحدة بموظفيه وسيحمل “العلامة التجارية المشتركة بين الإمارات وجامعة كامبريدج”.
ستشمل مجالات المعهد الرئيسية التعليم والفن والثقافة الإسلامية والهندسة والابتكار، ولا سيما البحث في بدائل الوقود الأحفوري.
مما يجدر الإشارة إليه أن المشروع يحظى بالدعم الكامل من نائب رئيس الجامعة، البروفيسور ستيفن توب.، بحسب بعض المصادر.
لطالما كانت الإمارات العربية المتحدة محور الحملات العالمية المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، قبل ثلاث سنوات على سبيل المثال، ضج الرأي العام بعدما أدين الأكاديمي البريطاني، ماثيو هيدجز، في الإمارات بتهمة التجسس بعد ذهابه إلى دبي لإجراء بحث، وبسبب ذلك، يقاضي هيدجز الآن أربعة مسؤولين كبار من الدولة الخليجية يقول إنهم متواطئون في سجنه وتعذيبه وتعريضه لمعاملة سيئة وظروف احتجاز قاسية لا يزال يُعالج نفسياً من آثارها حتى الآن.
الوثائق المُشار إليها تنذر بخطر الإضرار بسمعة الجامعة العريقة بسبب هذا التعاون -المحتمل- مع دولة متهمة بارتكاب أفظع الانتهاكات، كما تثير الوثائق مخاوف حول وجود “فجوة في القيم” و”تهديد الحرية الأكاديمية والاستقلال المؤسسي” و”العبء المحتمل الذي يمكن أن تضعه مثل هذه الشراكة الكبيرة على أجزاء من الجامعة والمهمة المنوطة بها”.
تمتلك العديد من جامعات المملكة المتحدة، بما في ذلك جامعة سيتي، وكلية لندن للأعمال، وبرمنغهام، وميدلسكس، وهيريوت وات، فروعاً في الإمارات العربية المتحدة، ولكن حجم التعاون مع كامبريدج، إحدى أكثر الجامعات نجاحاً وشهرة في العالم، سينظر إليه على أنه ضربة قوية أو كما وصفه البعض “انقلاب” ضخم للدولة الخليجية، التي تحرص على استخدام القوة الناعمة لتحسين صورتها على الساحة العالمية.
الجدير بالذكر أن الجامعة لم تتحدث رسمياً عن الصفقة بأكملها، واكتفت بالحديث عن القليل من التفاصيل في إعلان ورد فيه “إن المؤسسة تجري محادثات مع الإمارات حول شراكة استراتيجية محتملة”.
ورداً على سؤال حول الوثائق الداخلية، قال متحدث باسم الجامعة: “هذه محادثات تتعلق بشراكة محتملة ولم يتم الانتهاء من الاتفاق على كافة التفاصيل”.
قال نيكولاس ماكجيهان، باحث في مجال حقوق الإنسان مهتم بشؤون دول الخليج “هذا عقد مع الشيطان، مثل عقد دكتور فاوستس، يجب أن يكون مصدر قلق عميق لأعضاء هيئة التدريس والطلاب والخريجين في كامبريدج والأكاديميين في المملكة المتحدة على نطاق أوسع. دولة الإمارات العربية المتحدة دولة غير ديموقراطية ولا تتسامح مطلقاً مع حرية التعبير وأي فكر ناقد لسياساتها، كما أنها تتعامل مع منتقديها بأكثر الطرق وحشية من خلال التعذيب والاختفاء القسري”.
وأضاف ماكجيهان، المدير المشارك لمجموعة FairSquare Projects لحقوق الإنسان، أن كامبريدج ستتخلى عن سمعتها التي ظلت تبنيها لقرون في مقابل تبييض جرائم الإمارات العربية المتحدة.
أما جو جرادي، الأمين العام لاتحاد الجامعات والكليات، انتقد الصفقة بشدة قائلاً “هذه حالة واضحة لدولة استبدادية غنية تستخدم ثروتها في محاولة لغسيل سمعتها. سيكون من المخزي أن تكون جامعة كامبريدج على استعداد لأن يتم استغلالها بهذه الطريقة”.
وأضاف “تشكل هذه الصفقة أزمة بشكل خاص في ضوء الدعاوى القضائية التي يرفعها الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز بشأن سجنه بتهم ملفقة وتعذيبه”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا