“ترشيد نفقات الطاقة يصب في مصلحة المواطن السعودي” هكذا عنونت قناة العربية السعودية لإحدى حلقاتها التلفزيونية الأسبوع الماضي، محاولة إقناع المواطن السعودي بأن القرارات الصعبة التي ستقدم عليها الحكومة خلال الفترة المقبلة ليست سوى قرارات تصب في مصلحة المواطن.
وعلى خطى “العربية” سارت كل المواقع والصحف السعودية، حيث أن المتصحف لأغلبها سيكتشف أنه لا حديث مؤخرا إلا عن أهمية القرارات الاقتصادية الصعبة المرتقبة التي ستتخذها الحكومة السعودية في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي 2020، وخطة المملكة 2030.
وتسعى تلك الخطط لتحقيق برنامج التوازن الاقتصادي الذي يعمل على مساواة أسعار الطاقة في المملكة بالأسعار العالمية بحلول 2020، حيث سيسهم رفع أسعار الوقود في تقليل مستوى الهدر، الأمر الذي يخفف العبء على المملكة، مما يحقق مزيدا من التنوع الاقتصادي وارتفاع الضخ على مشاريع تنموية، بحسب التصريحات الرسمية.
ويستهدف برنامج تحقيق التوازن المالي توفير 59 مليار ريال هذا العام، جراء تعديل أسعار الطاقة والمياه، على أن يرتفع هذا المبلغ إلى 107 مليارات ريال العام المقبل، و142 مليار ريال في 2019، وإلى 209 مليارات ريال في عام 2020 عندما تصل أسعار الطاقة إلى المستويات العالمية.
ووفقا لمصادر مختلفة فمن المقرر أن يكون شهر “نوفمبر” القادم، هو شهر الصب في مصلحة المواطن السعودي، حيث ستقوم الحكومة باتخاذ عدد من الخطوات والقرارات الاقتصادية الصعبة فيه.
فماذا ينتظر المواطن السعودي من قرارات صعبة؟ وكيف سيتعامل معها؟
محطة بنزين ساسكو بالسعودية
أولا: رفع أسعار الوقود
وفقا لمسؤول حكومي لوكالة “رويترز” فإن السعودية ستقرر في نهاية الشهر الجاري موعد رفع الأسعار المحلية للوقود.
وقال المسؤول إن الرياض أرجأت اتخاذ قرار في شأن أسعار الطاقة حتى تنتهي من وضع نظام لمدفوعات مالية للأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط، وهو ما قد يعوض المواطنين ويخفف عنهم بعض خطوات التقشف.
إذا فالقرار الصعب الأول المتوقع هو أن تقوم الحكومة برفع أسعار الوقود بنسبة تصل لـ 80 % وذلك بهدف تعزيز الإيرادات العامة بسبب تراجع أسعار النفط.
ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأخبار الاقتصادية قبل أسبوعين عن مصدر سعودي مطلع أن سعر الوقود سيصبح قريبا من السعر العالمي، وأشارت إلى أن سعر لتر البنزين صنف “91 أوكتان” سيرتفع من ثلاثة أرباع الريال إلى 1.35 ريال (ما يعادل 36 سنتا).
وبينما تتعلل الحكومة بأن رفع البنزين في المملكة، لن يؤثر على المواطن، حيث أن أسعار الوقود الحالية في السعودية هي الأقل على مستوى الدول الخليجية، يؤكد اقتصاديون أنّ رواتب السعوديين في المقابل هي الأقل بين هذه الدول، وبحسب التوقعات، سوف يؤدي رفع الدعم عن الوقود إلى تضخم في أسعار السلع والخدمات في المملكة.
وتسعى رؤية المملكة 2030 التي طرحها “بن سلمان” من خلال خططها المتنوعة لدعم الاقتصاد الوطني إلى مساواة أسعار الطاقة في المملكة بالأسعار العالمية بحلول 2020، حيث تقول الحكومة إن رفع أسعار الوقود يساهم في تقليل مستوى الهدر، الأمر الذي يخفف العبء على المملكة، مما يحقق مزيدا من التنوع الاقتصادي وارتفاع الضخ على مشاريع تنموية.
وزير الكهرباء و الطاقة السعودي
ثانيا: رفع أسعار الكهرباء
الحكومة السعودية تعتزم كذلك رفع أسعار الكهرباء للأسر هذا العام. لكن، لم يتضح بعد التوقيت الواضح الذي سيتم فيه اتخاذ هذا القرار.
ويتوقع أن تبلغ زيادة أسعار الكهرباء في السعودية بنسبة 300% اعتمادا على الاستهلاك بناء على رسم بياني قام حساب رؤية السعودية بنشره على موقع تويتر.
وذكر الرسم البياني أمثلة لنسبة زيادة سعر الكهرباء قبل وبعد التعديل في قيمة الفاتورة الافتراضية حيث ترتفع قيمة الفاتورة البالغة 100 ريال حالياً الى 380 ريال بعد صدور تعديل الأسعار الجديدة عام 2017.
وسترتفع قيمة الفاتورة 200 ريال الى 570 ريال و قيمة 400 ريال الى 855 ريال و قيمة 600 ريال إلى 1045 ريال بنسبة تقريبية 300% باعتماد أن سعر الكيلو بمبلغ 0.19 ريال.
ولا تتضمن تلك الأرقام بدلات “حساب المواطن” وفقا لبرنامج تحقيق التوازن المالي ضمن ميزانية متوازنة 2020 والتى يبدأ تطبيقه في العام 2017.
بن سلمان
ثالثا: تطبيق ضريبة القيمة المضافة
ويبدأ في الأول من يناير المقبل تطبيق ما يعرف بضريبة “القيمة المضافة” للمرة الأولى في السعودية بناءً على المرسوم الملكي رقم (3/113) وبتاريخ 2/11/1438هـ.
ومنذ صدور هذا المرسوم، وتدور حالة من القلق والجدل بين المواطنين، في السعودية بشأن تلك الضريبة، خاصة أن الحكومة أعلنت تطبيق تلك الضريبة على كل شيء في المملكة.
الأمر وصل إلى إعلان الهيئة العامة للزكاة والدخل بالسعودية، أنّ ضريبة القيمة المضافة ستنال مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي في حال حققوا إيرادات سنوية تتعدى 375 ألف ريال (حوالى 100 ألف دولار) من الإعلانات التي يروجونها عبر حساباتهم.
وشرحت الهيئة أن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة تُفرض على السلع والخدمات التي يجري بيعها وشراؤها، وأن ضريبة القيمة المضافة تطبق على الشركات في أكثر من 160 دولة حول العالم بوصفها مصدراً مضموناً لتحقيق الإيرادات التي تُسهم في ميزانيات الدول والإنفاق على المجالات الهامة مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم والدفاع.
وتبدأ ضريبة القيمة المضافة في السعودية بـ5% وسط توقعات أن ترتفع تلك النسبة وتتضاعف على مدار السنوات المقبلة، لتصل لنحو 20%.
المياه السعودية
رابعا: رفع تعريفة المياه
ويتوقع خبراء واقتصاديون أن تشهد الأشهر القليلة القادمة ارتفاعا في تعريفة سعر المياه بالسعودية يصل لـ 40 %، خصوصا بعد التصريحات المثيرة لـ”الرئيس التنفيذي لشركة المياه بالسعودية، محمد الموكلي” والذي أكد أن ما يدفعه المواطن من قيمة فاتورة المياه يصل إلى 30% من قيمة تكاليف توفير المياه المحلاة، وتقوم الدولة بدفع باقي النسبة من الفاتورة وتصل إلى 70% من قيمة الفاتورة الحقيقية.
الموكلي، أشار أيضا إلى احتمالية خصخصة شركة المياه وبيعها للقطاع الخاص، وذلك في إطار العمل على تطوير الخدمة للمواطن وفتح المجال لمشاركة القطاع الخاص لتنفيذ استراتيجية الشركة التطويرية من خلال الخصخصة، خصوصا أن الهدر في المياه يصل إلى 30% بحسب قوله.
وتعمل الشركة حاليا على تركيب 500 ألف من العدادات الذكية خلال شهر، وقريبا سيتم تحويل العدادات العادية إلى ذكية وسيتم قراءتها آليا بدون مراقبة بشرية، في إطار خطة لتحويل نحو 1.5 مليون عداد خلال السنة المقبلة.
ويشكو المواطنون السعوديون من ارتفاعات كبيرة وغير مبررة في أسعار فواتير المياه، وسط مزاعم حكومية بأن ارتفاع قيمة فواتير خدمات المياه يعود لعدد من الأسباب المبررة؛ من أهمها تراكم الفواتير على المشترك بسبب عدم متابعته لها بشكل دوري وسدادها، إضافة إلى عدم تحديث بيانات المشتركين والتي من خلالها تصل لهم رسائل بقيمتها عند صدورها.
وأكد نائب الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية للمشاريع، صالح الغامدي، على أن الشركة تسعى للعمل على تنفيذ مشروعات عملاقة تتمثل في إنشاء ألف سد للمياه بمختلف مناطق المملكة وفق رؤية المملكة 2030.
رؤية المملكة عام 2030
خامسا: إلغاء “حساب المواطن” قادم
ونظرا للتخوف الشديد من الآثار والتداعيات الخطيرة على المواطن السعودي، جراء تلك القرارت الاقتصادية الصعبة، قررت الحكومة السعودية إنشاء ما يعرف باسم “حساب المواطن” وهو برنامج وطني يستهدف دعم المواطنين والأُسر ذات الدخل المنخفض والمحدود وحتى متوسطة الدخل.
وستحصل الأسر التي تم قبولها في حساب المواطن، على دعم مادي يتناسب مع مقدار الدعم، ويتم تحديده وفقاً لمعدل الاستهلاك الطبيعي للأسرة والفرد، من خلال تحليل مستويات استهلاك الطاقة والمياه بأنواعها وحاجات الأُسر الأخرى.
مراقبون أكدوا أن البرنامج وإن كانت فكرته جيدة لحماية المواطن من الآثار الاقتصادية الصعبة جراء الإجراءات التقشفية، إلا أنه قد يكون خدعة حكومية، تستهدف تمرير تلك القرارات وإقرارها بصورة رسمية، ثم تبدأ الحكومة بعد ذلك في تحجيم وتقليل عطاءات حساب المواطن، لحين إيقافه تماما، وهو ما يعد خداعا للمواطن السعودي.
اضف تعليقا