بعد الكشف عن فضيحة برنامج التجسس بيجاسوس الإسرائيلي الصنع، نشر موقع “أوريان 21 ” الفرنسي تقريرا حول هذه التكنولوجيا وكيف تستخدم كسلاح سياسي وأيضا أهميتها في اقتصاد دولة الاحتلال.
وكان تحقيق نشرته الأحد17 يوليو/ تموز 17 مؤسسة إعلامية، بقيادة مجموعة فوربيدن ستوريز الصحفية غير الربحية التي تتخذ من باريس مقرا لها، قد كشف أنه جرى استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي في محاولات اختراق الهواتف الذكية، كان بعضها ناجحا، تخص صحافيين ومسؤولين حكوميين وناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال الموقع الفرنسي: في مجال مبيعات الأسلحة، إسرائيل بعيدة جدا عن المصدرين الرئيسيين كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا أو ألمانيا، لكن بالمقارنة مع حجمها، فإنها دولة يتأثر اقتصادها أكثر من غيرها بهذه المبيعات، فمع 3.1٪ من إجمالي مبيعات الأسلحة العالمية بين عامي 2014 و20181، تعد إسرائيل ثامن أكبر مصدر.
وأوضح أنه بينما تحتل المرتبة 32 فقط من حيث الناتج المحلي الإجمالي و98 بالنسبة لسكانها، تبيع إسرائيل أربعة أضعاف ما تبيعه الولايات المتحدة من أسلحة بالنظر إلى ناتجها المحلي الإجمالي.
كما أشار لموقع إلى أنه من المعروف في المجتمع الدولي أن الشركات الإسرائيلية أقل عرضة للقيود القانونية والرقابة العامة من مصدري الأسلحة الكبار.
زبائن في أكثر من 100 دولة
ويؤكد “أوريان 21” أنه في مجال المراقبة الإلكترونية للسكان، اكتسبت إسرائيل، في أقل من عشرين عامًا، سمعة عالمية عادت عليها بفوائد مالية وسياسية ودبلوماسية كبيرة.
ونقلت عن يوفال نوح هراري، المؤرخ الإسرائيلي والكاتب الشهير، أن الضفة الغربية المحتلة تعد “مختبرًا هائلاً في مجال تشكيل الديكتاتورية الرقمية” للإسرائيليين.
وأوضح أن سلطات الاحتلال رائدة في مجال المراقبة، إذ تقوم بمراقبة سكان الضفة البالغ 2.5 مليون شخص باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والطائرات بدون طيار والكاميرات، وبعد تجربتها تصدرها إلى جميع أنحاء العالم.
وينوه المؤرخ الإسرائيلي بأنه “في الضفة الغربية، من الصعب بالفعل إجراء مكالمة هاتفية، أو الالتقاء بالأصدقاء، والانتقال من الخليل إلى رام الله، دون أن يتم تصوير ذلك أو رصده”.
ويتابع “يطور الإسرائيليون أساليب معقدة بشكل متزايد للسيطرة على ملايين الأشخاص، ثم يقومون بتصديرها إلى جميع أنحاء العالم، كل الانظمة تعرف أن إسرائيل في الطليعة بهذا المجال “.
وأكد أن كل أنواع الأنظمة استفادت بالفعل من هذه المهارات، فوفقا لمسح متعمق نشرته صحيفة “هآرتس” نهاية عام 2018، توجد دول كثيرة جدا اشترت معدات إسرائيلية لمراقبة المواطنين واستفادت بالفعل من الخبرة الإسرائيلية بهذا المجال.
ويذكر مسح “هآرتس” أن الشركات الإسرائيلية الخاصة باعت معدات مراقبة إلى إندونيسيا والفلبين وتايلاند وماليزيا وبنجلاديش وفيتنام وأنجولا وموزمبيق وزامبيا وبوتسوانا وسوازيلاند، وإثيوبيا، وجنوب السودان، ونيجيريا، وأوغندا، والمكسيك، والإكوادور، والسلفادور.
وكذلك إلى بنما وترينيداد وتوباجو ونيكاراجوا وجمهورية الدومينيكان وهندوراس وبيرو وكولومبيا وأذربيجان وأوزبكستان وكازاخستان والسعودية والإمارات والبحرين.
وبحسب مصادر غير رسمية، تبيع إسرائيل هذه المعدات لأكثر من 100 دولة بالإضافة إلى ذلك، استخدمت عشرات الدول بالفعل “برامج التدريب” الإسرائيلية لأجهزة المخابرات والشرطة والقوات المسلحة، والتي تشمل الآن استخدامًا مكثفًا للمراقبة الإلكترونية.
ويقول “أوريان 21”: إن العديد من قادة الديمقراطيات الاستبدادية الجديدة التي أقام بنيامين نتنياهو علاقات معها، في أوروبا الشرقية وأماكن أخرى، قد استفادوا أيضًا من “المهارات” الإسرائيلية في مطاردة المعارضين.
“إن إس أو “
وعن الشركات الإسرائيلية التي تنتج هذه المعدات لفت الموقع الفرنسي إلى “ألبيت سيستمز” و”تشيك بوينت” و”جلات” لكن أشهرها مجموعة “إن إس أو” التي تأسست في عام 2010، وأخذت اسمها من الأحرف الأولى لمنشئيها ( Niv Carmi ، Shalev Hulio، Omri Lavie)
وعلى عكس العديد من شركات الأمن السيبراني الأخرى، لا تهتم “إن إس أو ” بأمن البيانات، ولكنها تقدم ما يسمى بالأدوات “الهجومية” ومن بينها برنامج “بيجاسوس” الذي صنفته مجلة فوربس عام 2016 بأنه “أكثر أدوات تجسس متنقلة توغلاً في العالم”.
فبيجاسوس قادر على مراقبة غير محدودة للهواتف المحمولة، واكتشاف مواقعها، والتنصت عليها، وتسجيل المحادثات في المناطق المجاورة لها، وتصوير كل شيء في محيطها، وقراءة وكتابة الرسائل ورسائل البريد الإلكتروني، وتنزيل التطبيقات والوصول إلى التطبيقات الموجودة بالفعل في الهاتف، وكذلك الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو والتقويم وقوائم جهات الاتصال، وكل هذا في سرية تامة.
وذكر الموقع أن الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور كان أحد ضحايا هذه البرمجيات، إذ تلقى رسالة على جهاز أيفون الخاص به في أغسطس/ آب 2016 حول معلومات عن التعذيب في بلاده، وبمجرد نقره على رابط في الرسالة تسلل بيجاسوس إلى هاتفه، وحكم بعدها على منصور بالسجن عشر سنوات لنشره معلومات انتقادية حول هذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويوضح مسح “هآرتس” أن كثير من أصحاب هذه الشركات ينشئون فروع تابعة تقع خارج إسرائيل في دول مثل قبرص أو بلغاريا، فمن أجل البيع في أوروبا وحتى دول الخليج، يجب أن تحصل على واجهة غير إسرائيلية.
ويؤكد آفي روزين، الرئيس التنفيذي لشركة “كايميرا” ونائب المدير السابق لـ “سايوتا”، وهي شركة أمن إلكترونية أنشأها نفتالي بينيت (رئيس وزراء إسرائيل الآن): عندما تبيع للخليجيين يفضلون رؤية المنتج صنع في بلغاريا”.
وبحسب الموقع الفرنسي كل هذه الشركات أنشأت من قبل عدد قليل من الأشخاص، حوالي 2300، 80٪ منهم كانوا في الوحدة العسكرية 8200 إحدى أقوى أذرع هيئة الاستخبارات الإسرائيلية، ويمتد عملها إلى أنحاء العالم، وتحظى الآن بشعبية كبيرة بين المجندين الشباب.
وتأسست هذه الوحدة عام 1954، وتم دمجها مع المخابرات العسكرية، وأعيد تنظيمها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لتعزيز المراقبة الإلكترونية على الفلسطينيين، ومنذ ذلك الحين، يركز الجيش على تقديم تدريب عالي للقلة المحظوظة التي تدخل هذه الوحدة، بل إن التخرج منها يضمن مستقبلًا مريحًا في نشاط أصبح خلال عقد من الزمن واحدًا من أكثر الأنشطة المربحة في البلاد.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا