نشرت صحيفة ” لو جورنال دو ديمانش” الفرنسية تقريرًا عن سجن “جوانتانامو” الأمريكي الذي افتتح بعد 11 سبتمبر / أيلول 2001 وما زال يوجد فيه مئات السجناء دون محاكمة.

وقالت الصحيفة في سجن شديد التحصين قبالة كوبا وبعيدًا عن الجميع، باستثناء بعض الزيارات المصحوبة بحراس تحت المراقبة الدقيقة للغاية، لا يزال 39 نزيلاً، لم يتم توجيه تهم إلى معظمهم بعد، يعيشون بجوانتانامو الذي يعد رمزًا لأمريكا التي فقدت أعصابها بعد هجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001.

وأضافت “غارقة في مشاعر لم تكن تعرفها أو تريدها، فضلت واشنطن أن تحاصر نفسها خلف محكمة عسكرية خاصة وتغمض عينيها عن تعذيب وكالة المخابرات المركزية “سي أي أيه”، وكأن تصفية أسامة بن لادن، زعيم القاعدة المسؤول عن الهجمات، قبل عشر سنوات، لم تكن كافية، فلا تزال البلاد تعيش تصفية الحسابات ببندقة وينشستر (المصنفة كأحد أسوأ البنادق حربية في التاريخ).

وأوضحت أن النتيجة بعد عشرين عامًا من الهجمات التي غيرت وجه العالم هي: لا يزال السجناء في نفس الوضع، لم يقدموا للعدالة ولم تتم محاكمتهم، حيث لا تزال عائلات الضحايا تنتظر محاكمة من كانت لهم علاقة بهذه الهجمات.

ونقلت عن جين سولزر، رئيسة لجنة العدل الدولية في منظمة العفو الدولية في فرنسا، أن المفارقة واضحة في التعامل مع المتهمين وعائلات الضحايا، حيث تصادف الذكرى العشرون لأحداث 11 سبتمبر بدء محاكمة المتهمين في الهجمات التي ضربت باريس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 .

وأكدت أن غياب العدالة الأمريكية واضح لي وذلك من خلال حرمان عائلات ضحايا تفجيرات نيويورك من حضور محاكمة عادلة، وهو ما يعد في حد ذاته انحرافًا عن حقوق الدفاع، كما أن الافتقار إلى العدالة على مدار عشرين عامًا هو ما يميز جوانتانامو.

وكان الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما قد وعد بإغلاق جوانتانامو، وكرر ذلك الرئيس الحالي جو بايدن هذا الوعد، لكن بعد فشل القوات الأمريكية وانسحابها من أفغانستان نهاية أغسطس/ آب الماضي، هل سيكون للرئيس الديمقراطي الأمريكي الإرادة السياسية، وهل سيكون قادرًا على تنفيذ م وعد به ؟، مجيبة الأمر ليس مؤكدًا على الإطلاق.

من جهتها ترى ليتا تايلر، الباحثة والمتخصصة في مكافحة الإرهاب بمكتب “هيومن رايتس ووتش” بنيويورك، حول إغلاق المعتقل، أن الكونجرس لن يسهل الأمور على جو بايدن، لكن الوقت قد حان لغلق جوانتانامو، خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

وأضافت “سيكون لفتة رمزية وأخلاقية واستراتيجية، البدء بإفراغ هذا المكان سيكون إشارة قوية، والرئيس بايدن يمكنه فعل ذلك، لأن أمريكا لم تعد في حالة حرب، ومسألة شرعية جوانتانامو أصبحت تطرح بطريقة صارخة”.

وتساءلت تايلر: هل لا يزال للولايات المتحدة الحق في اعتقال هؤلاء الرجال، إذا كانوا متورطين أصلاً؟ مؤكدة أن الأجدر بالسلطات الامريكية محاكمة المتهمين بدل إنفاق ملايين الدولارات على سجن يراه العالم عارًا على الديمقراطية الأمريكية وحقوق الإنسان، واعتقل فيه ما يصل إلى 779 سجينًا من 48 جنسية.

 

لم تتم محاكمة أي متهم 

وذكرت الصحيفة الفرنسية بأنه عندما تحدث جورج بوش، في خضم الحرب على الإرهاب، عن هذا السجن، وصفه بأنه “أسوأ الأسوأ”، أما اليوم، فإن أكبر الأسرى هناك هو رجل فقير يبلغ من العمر 74 عامًا فقط.

وينت أنه هذا الرجل باكستاني يعاني من أمراض القلب وأمراض أخرى، كان من المفترض أن يُطلق سراحه في مايو/ أيار بعد أن أمضى سبعة عشر عامًا في جوانتانامو دون محاكمة.

ومنذ افتتاح المعتقل، لقي تسعة أشخاص مصرعهم في جوانتانامو، إذ توفي رجلان لأسباب طبيعية، وقيل إن سبعة آخرين انتحروا، كما أطلق بوش سراح 532 سجينًا وأوباما 197 سجينًا، وأعاد دونالد ترامب سجين سعودي إلى بلاده مباشرة.

ورأت أنه لما سبق فإن إغلاق معتقل جوانتانامو، الذي سيدخل عامه الحادي والعشرين في يناير/ كانون الثاني المقبل، سيكون بمثابة نقطة انطلاق، وبداية لعملية حاسمة لاستعادة الشرف والديمقراطية.

ستكون الخطوة الأولى، كما تؤكد ليتا تايلر، لكنها لن تكون كافية، سيكون من الضروري المضي قدمًا، وأن تعتذر أمريكا عن تدمير العديد من الأرواح وأيضًا لكل ضحايا حربها على الإرهاب.

“لكن كيف نخرج من مأزق جوانتانامو، الذي تصنفه جين سولزر أيضًا على أنه ” منطقة ينعدم فيها القانون للأشخاص عديمي الجنسية بموجب القانون؟، وماذا نفعل بالمعتقلين؟.

وتابعت كيف نتعامل، على سبيل المثال، مع قضية خالد الشيخ محمد، الذي يعتبر العقل المدبر لـ 11 سبتمبر؟ هذا الأسبوع، تم الاستماع إلى الأخير لأول مرة منذ بداية وباء كوفيد، عام 2019.

وتأسف ليتا تايلر على أنه “بعد عقدين من الهجمات، لم يتم توجيه أي اتهام للرجال الخمسة المزعم تورطهم في هجمات 11 سبتمبر، الذين لم يحاكموا بعد، لأن كل الإجراءات محاصرة في محكمة عسكرية خاصة لا تريد ولا تستطيع كشف التعذيب الذي تمارسه وكالة المخابرات المركزية للعالم “.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: من الواضح أن أمريكا التي نجت من عهد بوش وأحزانه، ما زالت لا تريد أن تسمع بمحكمة مدنية لهؤلاء المعتقلين، خاصة وأن هناك عودة للوراء فيما يتعلق بالأمن.

وتؤكد جين سولزر “من الصعب للغاية الكشف عن الأجهزة الموجودة هناك، بعض الرجال موجودون في المعتقل منذ عام 2002 دون أي تهمة، فجوانتانامو يوضح المأزق وفشل الحرب ضد الإرهاب التي فرضها بوش عام 2002”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا