كشفت المحكمة العليا في لندن عن تورط الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – حاكم دبي، في التجسس على زوجته السابقة الأميرة هيا بنت الحسين وعدد من المحيطين بها باستخدام برنامج “Pegasus” من برمجة الشركة الإسرائيلية NSO Group في أحدث التطورات القضائية بين الزوجين السابقين.
وبحسب القاضي، فإن اثنين من محامي الأميرة هيا تعرضوا للاختراق، أحدهما: فيونا شاكلتون من مجلس اللوردات، وقد تم إخطارها بشأن تعرضها للقرصنة من قبل شيري بلير التي تعمل لدى مجموعة NSO الإسرائيلية.
في يوليو/تموز الماضي، كشف تحقيق أجرته صحيفة الغارديان بالتعاون مع منصات إعلامية أخرى، أن بيانات هيا وبعض المقربين منها كانوا ضمن قائمة مسربة لأشخاص استهدفهم أحد عُملاء الشركة الإسرائيلية، وبحسب المصادر، فإن هذا العميل هو دبي.
السير أندرو ماكفارلين- قاضي المحكمة العليا، أصدر حكماً في 05 مايو/أيار، لكنه نُشر الآن فقط، أكد التوقعات القائلة بإن حكومة دبي وراء استهداف الأميرة هيا وفريقها القانوني، بل وأضاف الحكم أن المراقبة تمت بصورة غير قانونية، حيث تم الكشف أن هاتف الأميرة هيا تم اختراقه 11 مرة خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب من العام الماضي بسلطة مباشرة أو ضمنية من قبل الشيخ محمد بن راشد.
في حكم آخر صادر عن القاضي ماكفارلي ، وهو واحد من 11 حكماً تم منح الغارديان وغيرها من المؤسسات الإخبارية حق الوصول إليها اليوم -الأربعاء 06 أكتوبر/تشرين الأول، تم الكشف عن أن الوكلاء الذين يعملون نيابة عن بن راشد حاولوا شراء عقار بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني بجوار منزل هيا في “بيركشاير” ما دفع القاضي لإنشاء “منطقة حظر” بطول 100 متر حول ممتلكات الأميرة، ومنطقة حظر طيران على ارتفاع 1000 قدم فوقها لحمايتها من الشيخ وعملائه.
وبحسب نص الحكم الذي اطلعت عليه الوكالات الإخبارية المختلفة، فإن القاضي انتقد الشيخ محمد بأشد العبارات بسبب ما فعله للأميرة، حيث قال “النتائج تمثل إساءة استخدام للثقة، وإساءة استخدام للسلطة … أود أن أوضح أنني أعتبر النتائج التي توصلت إليها الآن لها تأثير كبير على أحقية حضانة الأطفال… قد يكون لها تأثير عميق على قدرة الأم والمحكمة على الوثوق به [الشيخ محمد] أو الاطمئنان لوجود الأطفال معه تحت حضانته”.
كما أشار الحكم أنه في إحدى المرات التي تم فيها اختراق هاتف هيا، تم تحميل 265 ميغا بايت من البيانات، أي ما يعادل حوالي 24 ساعة من بيانات التسجيل الصوتي الرقمي أو 500 صورة فوتوغرافية.
من جانبهم، رأى خبران إن الأحكام الأخيرة ستزيد من التدقيق في علاقة بريطانيا بالإمارات، خاصة وأن ماكفارلين أصدر حكماً في وقت سابق وجد أن الشيخ دبر عمليات اختطاف اثنين من بناته، الأميرة لطيفة والأميرة شمسة، وأخضع هيا لعملية ترهيب.
من ناحية أخرى، أكد ماكفارلين خلال حكمه الأخير المتعلق بالقرصنة أن تصريحات الشيخ محمد بعد الحكم المتعلق باختطاف ابنتيه، والتي قال فيها “بصفتي رئيسًا للحكومة، لم أتمكن من المشاركة في عملية تقصي الحقائق في المحكمة” منافية للواقع، وأضاف أن بن راشد “قدم شهادتي شاهدين في تلك المحاكمة وكان لديه فريق قانوني كبير أصدر تعليماته بالانسحاب من قاعة المحكمة بدلاً من المشاركة”.
حاول الفريق القانوني للشيخ محمد الذي تم تجميعه بشكل مكثف منع حكم ماكفارلين بشأن القرصنة الهاتفية من الظهور للنور وذلك من خلال الادعاء بأن المحكمة ليس لديها اختصاص بالحكم على تصرفات الأجانب، في إشارة لاختراق الهاتف من قبل دبي، ومع ذلك، رفضت المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف هذا في جلسات استماع منفصلة، مع رفض المحكمة العليا السماح باستئناف آخر.
وكانت الأميرة هيا قد فرت إلى لندن في أبريل/نيسان 2019 مع طفليها الصغيرين هرباً من معاملة زوجها القاسية، ما جعلها تدخل في معركة قانونية لا تزال مستمرة حول حضانة الطفلين وسبل رعايتهم.
في إفادة تدعم طلبها لفرض حظر على المنطقة المحيطة بمنزلها في كاسلوود، الذي كان يشغله الأمير أندرو وسارة فيرجسون سابقًا، قالت هيا: “أشعر كما لو أنني مطاردة، لا يوجد مكان أذهب إليه حرفيًا في مأمن منه [زوجها السابق]، أو من عملائه… أتعرض لقمع شديد … أشعر أنني لا أستطيع التنفس… لا أريد أن يعيش الأطفال مع هذا النوع من الخوف الذي أعاني منه في جميع الأوقات… إنهم لا يستحقون هذا “.
في 9 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، ردا على طلبها، قال ماكفرلين إنه في اختطاف ابنتيه [لطيفة وشمسة]، أكد الشيخ محمد “قدرته على التصرف والقيام بذلك بغض النظر عن القانون الجنائي المحلي”، مشيراً صراحة إلى حقيقة أن شمسة قد اختطفت من كامبريدج إلى دبي بطائرة هليكوبتر.
وأضاف “الأم [هيا] لديها ما يبرر مخاوفها من شراء الشيخ محمد عقاراً ضخماً بالقرب منها… إنه يعد تهديداً كبيراً لأمنها، سواء من حيث توفير فرصة للمراقبة عن كثب على مدار 24 ساعة وكمركز نقل قريب”.
من جانبه نفى الشيخ محمد ما جاء في حكم القاضي الإنجليزي، وقال في بيان “لطالما نفيت المزاعم الموجهة ضدي وما زلت أفعل ذلك. هذه الأمور تتعلق بعمليات مفترضة لأمن الدولة. وبصفتي رئيس حكومة مشارك في إجراءات عائلية خاصة، لم يكن من المناسب لي تقديم أدلة على مثل هذه الأمور الحساسة، سواء شخصيًا أو من خلال مستشاري، في محكمة أجنبية”.
وأضاف “لا طرف لإمارة دبي أو دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه الإجراءات، ولم تشاركا في الجلسة. وبالتالي فإن النتائج تستند حتمًا إلى صورة غير مكتملة”.
إن الأحكام التي سُمح بنشرها اليوم وقاتل بن راشد من أجل منع نشرها أكدت أنه لا يتمتع بأي حصانة دبلوماسية لأنه تنازل عنها عندما قدم للمحكمة طلبا يطالب فيه بإعادة أولاده بادعاء أن زوجته هيا اختطفتهم.
أهمية هذا الحكم أنه يفتح الطريق أمام محاكمة بن راشد جنائيا في المملكة المتحدة في أي قضية لها علاقة بالقضية العائلية الأصلية.
وما هو مشين بحق رئيس وزراء دولة أجنبية أن المحكمة أصدرت أمراً بمنع “التحرش” بناءً على أدلة تؤكد تاريخه الجنسي السيء حتى مع أقرب المقربين له، وهذا يفتح الباب لتقديم طلب للسلطات المختصة بوضعه على لائحة المعتدين جنسيا.
الأمر الأخير الذي أكدته الأحكام، هو أن بن راشد من خلال برنامج بيغاسوس الإسرائيلي تجسس على هيا وطاقم المحامين وحراسها ومساعديها للتأثير على سير القضية.
للاطلاع على صورة من الحكم
للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا
اضف تعليقا