قرر قاضٍ رفيع المستوى في المحكمة العليا في المملكة المتحدة أن حاكم دبي اخترق هاتف زوجته السابقة، الأميرة هيا، باستخدام برنامج تجسس بيغاسوس المثير للجدل، وهو ما يعد انتهاكًا غير قانوني للسلطة والنفوذ.

قام رجال محمد بن راشد باختراق هاتف الأميرة هيا وخمسة من رفاقها، وكان من بين هؤلاء الذين تم اختراق هواتفهم اثنان من المحامين المدافعين عن هيا؛ إحداهما، فيونا شاكلتون، كانت تجلس في مجلس اللوردات وتم إخطارها بشأن القرصنة من قبل شيري بلير، التي تعمل مع مجموعة NSO الإسرائيلية.

في يوليو، كشف تحقيق أجرته صحيفة الغارديان البريطانية أن هيا وشركاءها كانوا مدرجين في قائمة بيانات مطلوب التجسس عليها من قبل عميل لشركة NSO، وكان آكدًا أن هذا العميل هو حاكم إمارة دبي على وجه التحديد.

يبدو أن الحكم الذي أصدره السير أندرو ماكفارلين بتاريخ 5 مايو، والذي نُشر الآن فقط، يؤكد هذه النتيجة – التي كانت جزءًا من تحقيق مشروع Pegasus -، لكنه يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يشير الحكم إلى أن المراقبة غير القانونية قد تم تنفيذها بالفعل.

تم اكتشاف أن هاتف هيا قد تم اختراقه 11 مرة في يوليو وأغسطس من العام الماضي “بأوامر صريحة أو ضمنية” للشيخ محمد.

وقالت الشرطة إنها أُبلغت بالاختراق المزعوم العام الماضي وأن المحققين أجروا “تحقيقات مكثفة” على مدار خمسة أشهر، لكن التحقيق أُغلق في فبراير / شباط بسبب “عدم وجود فرص تحقيق أخرى”.

كما تم الكشف في الحكم الصادر بحق حاكم دبي أن الوكلاء الذين يعملون نيابة عن الشيخ حاولوا شراء عقار بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني بجوار منزل الأميرة هيا في المملكة المتحدة. ورداً على ذلك، أنشأ القاضي منطقة حظر بطول 100 متر حول ممتلكاتها، ومنطقة حظر طيران على ارتفاع 1000 قدم فوقها لحمايتها من الشيخ وعملائه.

جدير بالذكر أن حكم ماكفارلين هو واحد من 11 حكمًا مُنحت الصحف والوكالات الإخبارية حق الوصول إليها والنشر عنها ابتداء من الأربعاء، 6 أكتوبر 2021.

وفي حيثيات حكمه على جريمة اختراق الهاتف، انتقد ماكفارلين الشيخ محمد بأشد العبارات.

وقال: “النتائج تمثل إساءة كبيرة ومروعة لاستخدام السلطة والنفوذ. كما أنها تمثل شرخًا في الثقة، حيث قد يكون لهذا الحكم تأثير عميق على قدرة الأم والمحكمة على الوثوق به -أي الشيخ- في أي من الترتيبات المتعلقة بأمان الأطفال وعلاقته بهم في المستقبل”

وفقًا لما ورد في أوراق القضية، في إحدى المرات التي تم فيها اختراق هاتف هيا، تم تحميل 265 ميغا بايت من البيانات، أي ما يعادل حوالي 24 ساعة من بيانات التسجيل الصوتي الرقمي أو 500 صورة فوتوغرافية. 

قد تؤثر الأحكام الأخيرة بشكل أو آخر في العلاقة بين الإمارات وبريطانيا، فبعد الحكم الصادر في ديسمبر 2019 عن ماكفارلين، والذي وجد فيه أن الشيخ دبر عمليات اختطاف لاثنين من أبنائه، الأميرة لطيفة والأميرة شمسة، من قلب شوارع كامبريدج، كما تعرضت هيا لحملة ترهيب مروعة.

استغل ماكفارلين فرصة حكم اختراق الهاتف لينتقد ادعاءات ومزاعم الشيخ بعد الحكم الصادر ضده في ديسمبر 2019، والذي قال فيه حاكم دبي: “بصفتي رئيسًا للحكومة، لم أكن قادرًا على المشاركة في عملية تقصي الحقائق في المحكمة”.  وهنا أكد ماكفارلين أن تلك الادعاءات غير صحيحة، لأن الشيخ قدم شهادتي شاهدين في تلك المحاكمة، كما كان لديه فريق قانوني كبير أصدر تعليماته بالانسحاب من قاعة المحكمة بدلاً من المشاركة.

حاول الفريق القانوني للشيخ محمد الذي تم تجميعه بشكل مكثف منع إصدار حكم بشأن قرصنة الهاتف، من خلال الادعاء بأن المحكمة ليس لديها اختصاص للجلسة في الحكم على فعل أجنبي، أي الاستخدام المزعوم لبرامج التجسس من قبل الإمارات العربية المتحدة.  ومع ذلك، رفضت المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف تلك المحاولات في جلسات استماع منفصلة، مع رفض المحكمة العليا السماح باستئناف آخر.

هربت هيا إلى لندن في أبريل 2019 مع طفليها الصغيرين، مما أثار معركة قانونية لا تزال مستمرة حول الحضانة والوصول والدعم المالي.