بعد تكليفه بتشكيل تحالف قادر على دعم الحكومة العراقية، نجح الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في الظهور كزعيم قومي يهتم بمن استبعدوا عن المشهد السياسي ويعارض التدخل الأمريكي والإيراني في البلاد.
تحت هذه الكلمات قالت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية: أعلنت المفوضية العراقية العليا للانتخابات مطلع الأسبوع النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي جرت يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث فاز تحالف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر “سائرون” بـ 73 مقعدًا من أصل 329 بالبرلمان، وأصبح لديه الآن المهمة الصعبة المتمثلة في تشكيل تحالف لتشكيل الحكومة.
وحول القوى الدافعة وراء تحقيق مقتدى الصدر هذه الانتصار، رأى عادل بكوان، مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق، أنه منذ عام 2010، احتل مقتدى الصدر مكانة مهيمنة في المشهد الانتخابي، مشيرًا إلى أن هناك عدة أسباب لذلك.
وأضاف “مقتدى الصدر لديه قاعدة شعبية مسلحة ومنظمة ومهمة للغاية. وهذا ما يفسر التعبئة السريعة لناخبيه عندما ترشح في اللحظة الأخيرة. فوالده هو المرجع الديني آية الله محمد صادق الصدر، الذي أُعدم عام 1999 في عهد صدام حسين”.
وتابع ” تمكن الصدر من الظهور على أنه الزعيم الوطني العراقي الذي يعارض التدخل الأمريكي والإيراني، ويُنظر إليه على أنه الشخص الذي يهتم بالسكان المستبعدين من المشهد السياسي والمهمشين”.
وعما إذا كان حزب الصدر، الذي حصل على 73 مقعدًا وهي نسبة بعيدة عن الأغلبية، سينجح في تشكيل تحالف؟ أجاب بكوان: نسبة الأغلبية تعني الحصول على 165 مقعدًا، لذلك سوف يحتاج إلى دعم العديد من الأحزاب”.
ونوه بأن الأمر سيكون صعبًا في ظل السياق الحالي والانقسام الطائفي والمجتمعي، فجميع مقاعد مقتدى الصدر تقع في مناطق شيعية، وسيتعين عليه إيجاد حلفاء آخرين داخل مجتمعه، لتشكيل الأغلبية في البلاد.
وأكد مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق، سيكون من الصعب على حزب الصدر أن يتحد في ظل صراعه مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي يمثل المصالح الموالية لإيران بينما يدعي أنه قومي.
لذلك، هناك خطر، كما حدث في الماضي، أن ينتهي الأمر بمأزق مع قيام الأحزاب الموالية لإيران بعرقلة تعيين رئيس للحكومة، والحل الآخر هو أن يعتمد مقتدى الصدر على الأكراد والسنة.
لكن، وفقا لبكوان، من غير المرجح أن ترغب هذه الأحزاب في الانضمام إلى ائتلاف وحكومة لم تصادق عليها طهران، فتقليديًا، يتوصل الشيعة إلى اتفاق فيما بينهم قبل اقتراح رئيس للوزراء على السنة والأكراد.
وفي رده على سؤال مفاده هل يمكن للوضع أن يخرج عن السيطرة، في ظل رفض الميليشيات المقربة من إيران النتائج التشريعية؟ قال بكوان الفصائل المسلحة القريبة من طهران هي الخاسرة إلى حد كبير بعد نشر النتائج الأولية للانتخابات، ويهددون بالتدخل عسكريًا.
ولفت إلى أن تحالف الحشد الشعبي شبه العسكري يضم 165 ألف مقاتل، مدمجين الآن إلى حد كبير في الجيش الوطني لكنهم ما زالوا موالين لإيران، يمكن لهذا التحالف معارضة رئيس الحكومة أو مقتدى الصدر في أي وقت.
وعن القضايا والتحديات التي تواجه الحكومة المقبلة، ذكر أن أحد أهم التحديات الرئيسية للسلطة التنفيذية المقبلة هو الحد من الفساد المنهجي الذي ابتليت به البلاد، فالخدمات التعليمية والاجتماعية معطلة.
والتحدي الثاني هو الأمن حيث التهديدات تعود بقوة، بعد أن تحول تنظيم داعش من إرهاب إقليمي إلى إرهاب غير إقليمي يطرق الآن أبواب المدن الكبرى، إذ عاد إلى استخدام أساليبه الكلاسيكية في تنفيذ الهجمات، فرجاله المختبئين بين السكان ينفذون هجمات ضد الشرطة والحواجز في مجموعات صغيرة، من ثلاثة إلى خمسة أشخاص، يصعب تحديدها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الميليشيات تطلق صواريخ باستمرار على القواعد التي تأوي الجنود أو الممثليات الدبلوماسية الأمريكية، كما هناك خلافات عميقة – يتعين تسويتها – بين الأكراد والدولة المركزية في بغداد حول إدارة الحدود والمطارات، ووضع البيشمركة، والمشاركة في المشروع الوطني.
وعن الحد من التدخل الأمريكي والإيراني، يؤكد بكوان أنه قضية حساسة للغاية، فالدولة لا تستطيع الاستغناء عن هذان الدولتان، ومع ذلك، منذ عام 2019، سقطت الاتفاقية الأمريكية الإيرانية بشأن العراق، فكلما ازدادت قوة الأمريكيين والإيرانيين، زاد الصراع وزاد تدهور الوضع.
وعندما سألته الصحيفة عن عملية إعادة بناء الدولة التي بلغت قيمتها 100 مليار دولار منذ المؤتمر الدولي الذي عقد في الكويت عام 2018، قال مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق: المجتمع الدولي قرر إقراض السلطات 85 مليار دولار.
وتابع لكن لسوء الحظ، لم تبدأ إعادة الإعمار بالفعل، ففي الموصل، لا يزال بإمكانك شم رائحة الجثث في الشوارع، فهل ستكون الدولة قادرة على بدء هذه العملية عندما تواجه قضايا وجودية؟
للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا
اضف تعليقا