العدسة_ حميد العبادي

يسابق الاحتلال الإسرائيلي الزمن عبر التوسع في تهويد فلسطين وتكريس الواقع الاستيطاني في أنحاء القدس والضفة.

ومن خلال سياسة الأمر الواقع يعمل الاسرائيليون على فرض خرائط الاستيطان التي تعبر فعليًا عن مستقبل الضفة والدولة الفلسطينية المنتظرة.

فعملية السلام التي تأسّست في عام 1994 على مبدأ حل الدولتين والذي يقضي بإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل على كامل أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، يبدو وكأن هذا الحل قد تلاشى.

وبعد 24 عامًا لم يجنِ الفلسطينيون من “وهم السلام” سوى خسارة مزيد من الأرض ومئات الشهداء والأسرى.

وتزامنًا مع المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس داخليًا كانت إسرائيل على الطرف الآخر تكثّف من عمليات الاستيطان في الضفة الغربية رغم الانتقادات الدولية..

إحصائيات

ورغم قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في ديسمبر2016، والذي ينصّ على الوقف الفوري للأنشطة الاستيطانية كافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إلا أن ذلك لم يمنع الحكومة الإسرائيلية من مواصلة الاستيطان.

وقامت تل أبيب بمضاعفة مشاريعها الاستيطانية في الأراضي المحتلة منذ بداية العام الجاري، مقارنة مع ما نفّذته خلال السنوات الماضية، وسط توقعات بالمصادقة على مشاريع بناء آلاف الوحدات الأخرى، حتى نهاية العام 2017.

تشير حركة “السلام” الآن” الإسرائيلية الناشطة في رصد الاستيطان على أراضي فلسطين إلى أنّ إسرائيل لم تكتفِ بآلاف الوحدات الاستيطانية وإنما تطمع بالمزيد موضحة أنها تترقب مصادقة تل أبيب على خطط استيطانية جديدة لبناء 2413 وحدة على الأقل في الضفة الغربية.

يأتي ذلك بالتزامن مع موافقة السلطات الإسرائيلية في 16 أكتوبر الجاري على بناء 31 وحدة استيطانية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة وهي المرة الأولى منذ عام 2002.

وتشكل هذه الخطوة خطورة بالغة خاصة وأنّ مدينة الخليل يقطنها 200 ألف فلسطيني يعيش بينهم نحو 800 مستوطن يهودي تحت حماية جيش الاحتلال، ويزيد من تعقيد وخطورة الخطوة أنّ قرار البناء جاء في منطقة شارع الشهداء التي كانت تضمّ محلات تجارية حيوية على مقربة من الحرم الإبراهيمي.

تضاعف الاستيطان

تشير إحصاءات حركة “السلام” الآن” إلى مصادقة تل أبيب على مخططات بناء 6500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري 2017، بخلاف الخطة الرامية لبناء 2413 وحدة التي يتوقع أن تقرها الحكومة الإسرائيلية قريبًا.

ويقترب العدد الذي صادقت عليه إسرائيل منذ بداية العام من ضعف ما تمّت المصادقة عليه في عامي 2015 و 2016 حيث صادقت على بناء 4611 وحدة بواقع 2629 وحدة، و1982 وحدة على التوالي.

وذكرت “الحركة” أنّ الحكومة الإسرائيلية، طرحت أيضًا مناقصات لبناء 3154 وحدة استيطانية أخرى في الضفة الغربية، منذ بداية العام الجاري، بزيادة تصف إلى خمسة أضعاف ما طرحته خلال العامين الماضيين، حيث تشير “إسرائيل الآن” إلى أنّ تل أبيب طرحت مناقصات لبناء 42 وحدة خلال العام 2016 و560 وحدة في العام 2015.

وعادة ما يتم طرح تلك المناقصات، بعد المصادقة من قبل الحكومة الإسرائيلية على المخططات الاستيطانية، ومن ثم تبدأ عملية البناء الفعلي.

 لماذا الآن؟

الشهور الأخيرة كانت شاهدة على تقارب كبير بين حركتي فتح وحماس والذي أفضى في النهاية إلى توقيع اتفاق للمصالحة في 12 أكتوبر 2017 برعاية مصرية في القاهرة.

على الجانب الآخر يعتبر الاحتلال الإسرائيلي اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام خطرًا على مشاريعه الاستيطانية وجرائمه التي يمارسها في القدس والضفة من سرقة للأرض وتزوير للواقع.

ويعتبر بعض المحللين إعلان الخطة الاستيطانية الجديدة في هذا التوقيت رسالة إلى الحكومة الفلسطينية ورئيس السلطة محمود عباس، حيث كانت تمارس تل أبيب دورًا كبيرًا في الضغط عليه لإفشال أي محاولة للصلح مع حماس.

وستعمل إسرائيل على إفشال هذه المصالحة بمزيدٍ من الضغوط من بينها زيادة الاستيطان الذي يعدّ إعلانًا للحرب وتصعيدًا ضد الشعب الفلسطيني.

مكاسب انتخابية

ومن الواضح أيضًا أنّ الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل أراد الانقلاب على الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية بتَبَنّيه للسياسة الاستعمارية والاستيطانية والتي تقوم على تكريس الاحتلال وتعميقه بحثًا عن تسجيل مكاسب انتخابية في أوساط جمهور المستوطنين واليمين المتطرف.

كما يبدو أنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد الهروب من قضايا الفساد التي تلاحقه بتحقيق أي مكسب على الأرض والحصول على دعم داخلي بعد تراجع شعبيته.

الموقف الأمريكي

وفي الوقت الذي تقول فيه الولايات المتحدة إنها تبذل جهودًا كبيرة من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة منذ أبريل 2014 يزداد التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.

كما تشير المواقف الأمريكية إلى مباركة واشنطن لخطوات تل أبيب خاصة بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فمنذ وصوله لم يبدِ أي اعتراض على الخطة الاستيطانية لإسرائيل.

وتعتقد حكومة إسرائيل أنّ لديها الضوء الأخضر للاستمرار بهذه الجريمة، من خلال الموقف الأمريكي الصامت عن البناء والتوسع الاستيطاني.

يُقيم في هذه المستوطنات نحو نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية و220 ألف مستوطن في القدس الشرقية وحدها، حيث تطمح إسرائيل إلى رفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون في غضون فترة قصيرة. بحسب وكالة الأناضول.