لم ينفك عبد الفتاح السيسي ومحمد بن زايد يوماً عن استهداف التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قلقين من أن مثل هذه الدعوات للتغيير قد تمتد إلى بلدانهم، وتُصاب شعوبهم بعدوى التحرر والتغيير والديموقراطية.

خلال الاحتجاجات الأخيرة في السودان، رفع المتظاهرون صور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مرددين هتافات ضدهما، في رفض واضح لدعمهم لانقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان في البلاد.

فعل المتظاهرون التونسيون الشيء نفسه خلال احتجاجاتهم على انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد، في الواقع، لا تكاد توجد مظاهرة تطالب بالحرية والديمقراطية في العالم العربي من دون رفع صور بن زايد والسيسي والهتاف ضدهما.

الرسالة واضحة وصريحة: يعتقد الكثير من الشباب العربي أن النظام المصري ونظيره الإماراتي يمثلان العقبة الرئيسية أمام التغيير في المنطقة، حيث يحاولان دفن أي انتفاضة أو ثورة محتملة، هناك قناعة تامة أن البلدين يصدران الانقلابات لدول المنطقة، ويبدو أنهما مستعدان لفعل أي شيء – بما في ذلك انتهاك حقوق الإنسان – لوأد أي مطالب بالتغيير الديمقراطي.

بالتالي لم يكن من المستغرب أن يدعم السيسي وبن زايد محاولة انقلاب خليفة حفتر في ليبيا، وانقلاب سعيد في تونس، وانقلاب البرهان في السودان.

كانت مصر من أوائل الدول التي رحبت بإجراءات سعيد لتجميد البرلمان وحل الحكومة، وفي السودان لم يكن بإمكان البرهان أن ينفذ انقلابه لولا الضوء الأخضر من مصر، أحد أهم حلفائه الإقليميين، لهذا السبب لم تدين مصر انقلاب البرهان الشهر الماضي.

في الوقت نفسه، أجرى مسؤولون أميركيون وإماراتيون محادثات حول إيجاد تسوية للأزمة السودانية، يبدو الأمر كما لو أن الإماراتيين يتفاوضون نيابة عن البرهان، مما يعكس دورهم المهم في دعم انقلابه ضد الحكومة المدنية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

 

محور الثورة المضادة

كان بن زايد يقود محور الثورة المضادة، بالشراكة مع السعودية وإسرائيل، منذ سنوات، يعتبره الكثيرون العدو الرئيسي للديمقراطية في العالم العربي، حيث خرب محاولات لا حصر لها من قبل الشباب العربي للمطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة.

يقدم بن زايد دعمًا سخيًا للديكتاتوريين وأمراء الحرب في جميع أنحاء المنطقة العربية، بما في ذلك مصر وليبيا واليمن والسودان وسوريا، يستخدم أمواله ووسائل الإعلام للتشويه والتحريض ضد الثورات العربية، ويفضل على ما يبدو التعاون مع جنرالات الجيش على النخب المدنية المنتخبة.

في مصر، أجهض السيسي أول محاكمة ديمقراطية حقيقية في البلاد من خلال انقلابه عام 2013، لم يكن نظامه ليصمد لولا الدعم المالي والدبلوماسي والسياسي من الإمارات والسعودية وإسرائيل.

ساعد بن زايد في بناء دكتاتورية السيسي، والتي بدورها تهدف إلى منع كل محاولات التغيير السلمي في المنطقة العربية. السيسي يعتقل كل من يعارضه من سياسيين وصحفيين ونشطاء، والسجون المصرية خير دليل على ذلك، حيث تمتلئ بآلاف السجناء السياسيين.

ومع ذلك، يواصل السيسي إلقاء اللوم الكاذب على ثورة 2011 في جميع المشاكل التي تواجه بلاده، بما في ذلك النزاع حول سد النهضة الإثيوبي الكبير.

 

الفزاعة الإسلامية

تشن كل من مصر والإمارات العربية المتحدة حربًا ضد الإسلاميين محليًا وإقليميًا وعالميًا، حيث تنظران إلى الأحزاب الإسلامية على أنها العدو الرئيسي للوصول إلى السلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة، ومع ذلك، من الواضح أن مشكلتهم الرئيسية تتعلق بفكرة الديمقراطية نفسها، والتي تمثل خطرًا على قبضتهم على السلطة.

لقد أصبح الإسلاميون فزّاعة، اعتادوا على تخويف مواطنيهم والغرب، ولردع فكرة التغيير، في الوقت نفسه، خسر الإسلاميون الانتخابات في العديد من البلدان العربية، بما في ذلك المغرب والجزائر وتونس.

لم يشكل أداء الأحزاب الإسلامية أثناء وجودها في السلطة أي تهديد حقيقي لمصالح مصر أو الإمارات، ولكن يبدو أن السيسي وبن زايد لديهما ثأر شخصي من جماعة الإخوان المسلمين والجماعات التابعة لها، يريدون القضاء عليهم بأي صورة.

في بداية الربيع العربي، كانت هناك مخاوف في الإمارات من وصول حمى التغيير إلى شواطئها، مما دفعها إلى الانتقال من استراتيجية دفاعية إلى هجومية.

منذ ذلك الحين، يحاول بن زايد بناء حصن ضد الثورات العربية – بهدف القضاء على أحلام التغيير في مهدها، لا تقتصر الاستراتيجية على تمويل الثورات المضادة في الدول العربية، بل تشمل أيضاً تمويل وتصدير نموذج الانقلاب.

ومع ذلك، بالرغم من محاولاتهم وقواهم المادية والاستراتيجية، يقف بن زايد والسيسي وكل من يدعمهم في الجانب الخطأ من التاريخ. معركة التغيير طويلة، وسنرى من الذي يضحك أخيرًا.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا