في ظل علاقاتها المتوترة مع فرنسا اتجهت الجزائر خلال الفترة الماضية نحو إيطاليا، حيث يسعى البلدان إلى تطوير علاقاتهما الاقتصادية والدبلوماسية.
تحت هذه الكلمات سلط الكاتب فرانشيسكو ماسيلي في صحيفة “لوبينيون” الفرنسية الضوء على أسباب هذا التقارب، خاصة عقب زيارة الرئيس الإيطالي للجزائر الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن الرئيس سيرجيو ماتاريلا، أمضى يومين في الجزائر حيث توجه إلى الجزائر العاصمة ثم عنابة، في آخر مهمة له خارج الاتحاد الأوروبي قبل نهاية فترة ولايته في فبراير/ شباط المقبل.
وبين أن هذه الزيارة هي الأولى لرئيس أوروبي منذ انتخاب عبد المجيد تبون، وقد جاءت لتعزيز العلاقات ببين البلدين بالفعل.
وذكّر الكاتب بأن الرئيس الإيطالي صرح عقب زيارته أن بلاده ستعزز التعاون الاقتصادي مع الجزائر بعد اجتياز الأزمة الصحية العالمية، وأن هناك قمة ستعقد بين الحكومتين مقررة في الأشهر المقبلة.
وإيطاليا هي أول بلد مستورد للمنتجات الجزائرية ورابع مورد لها، وتريد الاستمرار في زيادة حصتها في السوق، ولهذا أكد ماتاريلا: “الجزائر شريك استراتيجي، ونريد تعزيز علاقاتنا، وتقويتها”.
وأضاف “تعاوننا الاقتصادي ممتاز، وعقب التعافي من الوباء، نريد توسيعه ليشمل قطاعات جديدة”، مشيرًا إلى تفاصيل التبادلات بين البلدين، وخاصة الصادرات الجزائرية المرتبطة إلى حد كبير بالغاز، إيطاليا ترغب في زيادة استثماراتها، نريد المساهمة بشكل ملموس في تنويع الاقتصاد الجزائري”.
وعلى هامش زيارة الرئيس الإيطالي إلى الجزائر، وقع البلدان ثلاث اتفاقات في مجالات التربية والعدل وحفظ التراث الثقافي، ويتمثل الاتفاق الأول في فتح مدرسة دولية إيطالية بالجزائر العاصمة.
كما تم التوقيع على بروتوكول توأمة بين المدرستين العليين للقضاء لكل من الجزائر وإيطاليا، وكذلك اتفاق إطار بين المدرسة الوطنية العليا لحفظ الممتلكات الثقافية وترميمها بتيبازة (الجزائر) والمعهد المركزي للترميم بروما (إيطاليا).
ويشير الكاتب إلى أن زيارة الرئيس الإيطالي إلى الجزائر لم تقتصر على البعد الاقتصادي والثقافي فحسب، ففي الجزائر العاصمة، أشرف ماتاريلا على تدشين حديقة عمومية ببلدية حيدرة، باسم صديق الثورة الجزائرية الإيطالي أنريكو ماتي.
كما تم خلال الزيارة منح الرئيس تبون لأنريكو ماتي وسام أصدقاء الثورة الجزائرية بعد الوفاة، كما تم إطلاق اسمه على أنبوب الغاز الذي يربط الجزائر بإيطاليا عرفانا بالخدمات “الجليلة” التي قدمها للثورة الجزائرية.
وماتي، الذي توفي عام 1962 في ظروف غامضة، كان له دور مهم للغاية في استقلال الجزائر، حيث ساعد في دعم جبهة التحرير الوطني وربما في تمويل المقاومة الجزائرية.
وأوضح أن الزيارة جاءت في ظرف جيوسياسي ورمزي مهم، إذ يسعى البلدان إلى التنسيق الأمني في ليبيا والساحل الإفريقي وشمال إفريقيا خاصة بعد التصعيد والتوتر الذي طرأ على العلاقات الجزائرية المغربية.
ووفقا للكاتب فرانشيسكو ماسيلي إن الزيارة الإيطالية التي تم التخطيط لفترة طويلة أتت في وقت معقد للغاية في العلاقات بين باريس والجزائر.
وتوترت العلاقات بين فرنسا والجزائر، واستدعت الجزائر أوائل الشهر الماضي سفيرها في باريس وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية، بعد ما وصفت تعليقات منسوبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “بغير المسؤولة”.
وشكك الرئيس الفرنسي خلال لقاء له مع مجموعة من الطلبة الجزائريين بباريس، في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد، عام 1830، وتساءل “هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟”، كما قال “إن الرئيس الجزائري تبون رهينة نظام متحجر”.
ونقل الكاتب عن الباحث في جامعة جلاسكو زين العابدين غبولي: الجزائر تريد أن تظهر أن لديها شركاء مهمين في أوروبا على الرغم من الصعوبات مع فرنسا”.
وأضاف “لكن هناك أيضًا بعدًا داخليًا: يسعى الرئيس تبون إلى إضفاء الشرعية السياسية على ولايته الرئاسية، ويعتمد على العلاقات الدولية للحصول عليها”.
وتعتبر إيطاليا أحد أهم شركاء الجزائر التجاريين، إذ بلغت المبادلات بين البلدين عام 2020 نحو 5.92 مليار دولار، بصادرات جزائرية قدرت بـ3.5 مليار دولار، وواردات إيطالية بلغت 2.42 مليار دولار.
وعلى مدار السنوات العشر الماضية حلت روما في صدارة الشركاء التجاريين للجزائر، وبلغت المبادلات ذروتها عام 2012، حين وصلت 16.04 مليار دولار، منها 11.69 مليار دولار صادرات جزائرية.
كما تزود الجزائر إيطاليا بالغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب الذي يعبر تونس وصولا إلى جزيرة صقلية جنوبي البلاد، إضافة لكميات من الغاز الطبيعي المسال “جي.ان.أل”.
وفي 2019 جددت الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك، عقود توريد الغاز لإيطاليا بكميات سنوية تصل 154 مليار متر مكعب مع شركات إيني وإينال وإيدسون.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا