سلطت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية الضوء على كواليس المظاهرة التي نظمها في تونس من وصفوا بالمعارضين لحكم الرئيس قيس سعيد الأحادي.

وشهدت ساحة باردو بالعاصمة التونسية يوم الأحد 14 نوفمبر/ تشرين ثاني، اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين أثناء تجمعهم أمام مقرِ البرلمان، احتجاجا على قرارات الرئيس قيس سعيد، وسط تعزيزات أمنية مكثفة.

وقالت الكاتبة ماريلين دوما على غرار خير الدين، تجمع عدة آلاف – 20 ألفًا وفقًا للمنظمين، و4000 وفقًا لوسائل الإعلام المحلية عند الساعة 12 ظهرًا الأحد للتظاهر أمام البرلمان الذي علق عمله الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز الماضي. 

وأوضحت أن هذه هي أول مظاهرة تحت شعار مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” التي توعدت بتنظيم مسيرات نهاية كل أسبوع في المستقبل.

ونقلت الكاتبة عن خير الدين قوله: نحن لا نقبل أن تسلب حريتنا، قيس سعيد يدمر عشر سنوات من العمل”، حيث اتخذ الرئيس منذ نهاية تموز/يوليو العديد من القرارات التي سمحت له بتعزيز صلاحياته.

ففي 25 يوليو/ تموز أعلن سعيّد في خطوة مفاجئة تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولي السلطات في البلاد، بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخوله اتخاذ تدابير في حالة “خطر داهم مهدد لكيان الوطن”.

وصدرت تدابير “استثنائية” بأمر رئاسي في 22 سبتمبر/ أيلول، أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه فيما يتولى بنفسه إصدار التشريعات عوضا عن البرلمان، ما اعتبره خبراء تمهيدًا لتغيير النظام السياسي البرلماني في البلاد الذي نص عليه دستور 2014.

كما أنه في 29 من الشهر ذاته، كلّف سعيد الأستاذة الجامعية المتخصصة في الجيولوجيا وغير المعروفة في الأوساط السياسية نجلاء بودن بتشكيل حكومة جديدة، وهي إجراءات انتقدتها منظمات تونسية ودولية وأعربت عن خوفها إزاء الحقوق والحريات العامة.

ووفقا للصحيفة الفرنسية فإن مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” خرجت للنور رسميا 8 نوفمبر/ تشرين ثاني، وعلى مدى أسابيع، سعت شخصيات تونسية إلى تأسيس تنظيم معارض للرئيس قيس سعيد.

ويقترح “مواطنون ضد الانقلاب” خارطة طريق للخروج من الأزمة المؤسسية، تنص على عودة مجلس نواب من أجل تشكيل الحكومة واستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة بحلول الخريف المقبل وإجراء حوار وطني استراتيجي. 

ويؤكد جوهر بن مبارك، الخبير الدستوري الذي كان مستشارًا لرئيس السابق الحكومة إلياس الفخفاخ (فبراير/ شباط 2020 – سبتمبر/ أيلول 2020)، وهو عضو بارز في اللجنة التنفيذية لمبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”، أنه من المهم للمعارضة أن يكون لديها رؤية واضحة.

 

فوضى وخلافات

وذكرت الكاتبة أن المظاهرة سادها نوع من الفوضى والخلافات، فبينما كان خير الدين يردد ” قيس سعيد ارحل” عارض آخر هذا الشعار قائلا إن الرئيس التونسي منتخب بشكل قانوني، مشيراً إلى أن رحيله لا يكون إلى من خلال إجراء انتخابات جديدة. 

وأكدت الكاتبة إلى أنه رغم الفوضى والخلافات بدا الغضب واضحًا، إذ قال أحد المتظاهرين للصحيفة إن قيس سعيد يقسم المجتمع التونسي واقتصاد البلاد في حالة سقوط حر منذ أكثر من شهرين، فهو سبب كل المشاكل التي تشهدها البلاد، بما في ذلك تلك التي كانت موجودة قبل وصوله إلى قصر قرطاج. 

وحسب بلقاسم، مدرس في مدرسة ثانوية: “الاقتصاد أصبح في حالة تدهور تام، والعملة الأجنبية تنهار، وتكاليف المعيشة آخذة في الازدياد”.

وأشارت الصحيفة إلى أن أغلب المتظاهرين كانوا من مناصري حركة النهضة، ومنهم نسبة كبيرة صوتت لقيس سعيد عام 2019 ضد نبيل القروي المتهم بالفساد.

 ونقلت “لوفيجارو” عن أحدهم ويدعى عابد “أنا هنا لأقول إنني أسحب صوتي من الرئيس قيس سعيد”، حيث صوت له هذا الطبيب التابع لحزب النهضة في الجولة الثانية، مشيرة إلى أن هذه الحزب كان الضحية الأولى للرئيس قيس سعيد، بعد أن تولى رئاسة مجلس النواب المجمد وحصل على الأغلبية.

أما الليبراليون واليساريون الرافضون لإجراءات الرئيس التونسي فلا يرغبون في التظاهر إلى جانب الإسلاميين وهو ما يمثل انقسام في صفوف المعارضين.

ويعلق جوهر بن مبارك، متظاهر أخر، على هذا الأمر بالقول: “نعم، هناك أعضاء في حزب النهضة في التظاهرات ضد قيس، وهذا لا يصدمني، ما يصدمني هو غياب اليسار والديمقراطيين”.

وتشير “لوفيجارو” إلى أنه بسبب القيود المفروضة والكثافة الأمنية كان على المتظاهرين اتخاذ طرق التفافية للوصول إلى المسيرة. 

وبينت أنه لم تظهر أية أعلام حزبية يوم الأحد أو في الاحتجاجات السابقة، لكن تم التلويح باللافتات التي تظهر سيف الدين مخلوف، النائب المعارض المعتقل حاليا في عدة قضايا (ازدراء المحكمة، وتعريض أمن الدولة للخطر، وما إلى ذلك). 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا