قالت صحيفة “لاكروا” الفرنسية إنه منذ الانقلاب الذي شهدته السودان في 25 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، استعادت لجان المقاومة الدور القيادي الذي لعبته خلال ثورة 2018، لكن حتى الآن فشل هؤلاء في منع القمع العنيف للمظاهرات.
وأوضحت الصحيفة أنه يوم 10 نوفمبر / تشرين الثاني، بعد أن حل الظلام، كسر صوت قوي صمت حي الرياض شرقي الخرطوم عاصمة السودان، وكان ذلك دقات الطبول وصوت نحو عشرة شبان يغنون شعارات مؤيدة للديمقراطية، ليصبحوا أكثر من مائة عندما يحين وقت الانفصال.
وأنشد محمد “لو كانت لدينا أسلحة لكنا بدأنا حربا كبيرة للدفاع عن أنفسنا، ولكن للأسف ولدنا دون أسلحة ونحن الذين نقتل ونغتصب ونضرب ونتوقف وننتهك حقوقنا”.
قمع عنيف
من جهتها قالت سلمى، عضو بلجنة المقاومة بالرياض، جئت إلى هنا بعد أن تلقيت رسالة نصية عن الوقت والمكان قبل ساعات قليلة.
ومنذ الانقلاب اعتاد السودانيون على تبادل المعلومات والدعوات إلى التظاهر عبر الرسائل النصية القصيرة بدلا من وسائل التواصل الاجتماعي بسبب قطع السلطات خدمة الإنترنت لفترات طويلة، لكن الآن لم يعد بوسعهم حتى الوصول إلى أي شبكة من شبكات الهواتف النقالة.
وتشير اليومية الفرنسية إلى أن لجان المقاومة، التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء البلاد، لعبت دورًا رئيسيًا في انتفاضة ديسمبر/ كانون أول 2018 التي أطاحت بالديكتاتور عمر البشير.
وتحول هؤلاء أكثر فأكثر إلى أعمال المساعدة الاجتماعية منذ بدء التحول الديمقراطي، في أغسطس/ آب 2019، لكن انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين أول أحيا الروح الثورية، التي قوبلت بقمع عنيف من قبل الجيش.
وعن دورهم تقول راحة “نحن هناك لإحداث ضوضاء من أجل الحفاظ على تنشيط المواطنين”، ويتناوب أعضاء هذه المجموعة على قطع الشوارع وإلقاء الشعارات وتوزيع المنشورات والخطب العامة.
من بين هؤلاء أيضا سلمى التي تقوم بتصوير كل حدث وتنشره على وسائل التواصل الاجتماعي، متحدية قطع الإنترنت الساري منذ الانقلاب.
فلمدة عامين، يقول صديقها في لجان المقاومة أحمد محاطًا بالعشرات من السكان مساء 2 نوفمبر / تشرين الثاني، وقف الجيش في طريق الديمقراطية، حتى يستولوا على السلطة ويسجنوا أعدادا كبيرة من المواطنين، سنتجاهل الآن أي اتفاق بين العسكريين والمدنيين.
انتخابات لزيادة الفاعلية
وبعد سبعة أيام من الانقلاب، تخللت أبواق التشجيع هتافات الثوار، حيث يقوم نعمت بعمل حرفV في إشارة لتحقيق النصر، كما تؤكد أرملة الزعيم الشيوعي عبد الخالق محجوب المشنوق عام 1971 في ظل ديكتاتورية جعفر نميري: “نحن نطالب بمؤسسات ديمقراطية، وبرلمان، واتفاقية سلام حقيقية، وعدالة حقيقية، وأخيرًا وليس آخرًا، يجب أن تصل المرأة إلى المناصب التي تستحقها في الحكومة”.
وبحسب الصحيفة لجان المقاومة ضمت كل الأجيال والطبقات الاجتماعية، ونقلت عن موسى الذي شارك في تأسيس لجنة الرياض “المشكلة هو أننا نقوم فقط بالتنبؤات قصيرة المدى، لكن الترقب يجب أن يكون المفتاح لمنظمتنا”.
ويناشد طالب العلوم السياسية هذا أيضًا جميع هذه الهيئات لانتخاب ممثلين عنها لتصبح أكثر كفاءة وفاعلية، فقط عدد قليل من اللجان في الخرطوم أنجزت ذلك.
قتلى وجرحى
وأوضحت “لاكروا” أنه في بداية “مسيرة المليون” التي انطلقت في 13 نوفمبر/ تشرين ثاني، كانت لجنة الرياض لا تزال مترددة بشأن المسار الذي يجب أن تسلكه، وأخيرا تحركوا في اتجاه شارع الستين، وعند الساعة 2 بعد الظهر، استقبلتهم قوات الأمن بقنابل الغاز المسيل للدموع، قبل إطلاق الطلقات الأولى.
وسجلت اللجنة الطبية السودانية في اليوم التالي مقتل ستة بأعيرة نارية وإصابة أكثر من 200، ولم ينته الأمر على ذلك إذ اقتحمت القوات المشتركة مستشفى يعالج المتظاهرين وألقت الغاز المسيل للدموع على المبنى.
ولأنها مقتنعة بأن سلاحها الوحيد يبقى التعبئة السلمية، فإن لجان المقاومة عادت إلى الشوارع في ما أطلق عليه مليونية 17 نوفمبر/ تشرين الثاني.
لكن قوات الأمن السودانية أطلقت قنابل غاز مسيل للدموع على عشرات المحتجين في الضواحي الشمالية للخرطوم، كما ذكر شهود عيان.
وصباح الخميس 18 نوفمبر/ تشرين ثاني عندما عادت الاتصالات الهاتفية بعد انقطاع خلال حملة القمع، حاولت القوات الأمنية مرة أخرى تفريق عشرات المتظاهرين الذين بقوا أمام حواجزها في الضاحية الشمالية للعاصمة.
وقتل 11 شخصا على الأقل بينهم امرأة في هذه المنطقة برصاص قوات الأمن التي استهدفت “الرأس أو الرقبة أو الجذع” حسب نقابة الأطباء المؤيدين للديموقراطية.
ومنذ الانقلاب قُتل في المجموع 39 شخصًا بينهم ثلاثة مراهقين وجرح مئات خلال المظاهرات التي شهدتها البلاد، فالقمع بدأ منذ اليوم الأول للاحتجاجات إلا أنه بلغ مستوى جديدًا في الفترة الأخيرة.
وبينما لا يبدو أي حل سياسي في الأفق بعد الانقلاب، كثفت الولايات المتحدة من مناشداتها، فبعد العقوبات، أعلنت واشنطن أنها مستعدة لدعم السودان مرة أخرى، إذا ” أعاد الجيش القطار [الانتقالي] إلى مساره”، كما أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وقام مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية، مولي في خلال الأيام الأخيرة، بجولات مكوكية بين المدنيين – مثل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي لا يزال قيد الإقامة الجبرية – والجيش، ولا سيما اللواء عبد الفتاح البرهان، في محاولة لإعادة إطلاق مشروع الانتقال الديمقراطي في السودان، الذي تحرر في عام 2019، من نظام ديكتاتوري عسكري شبه دائم منذ الاستقلال عام 1956.
لكن لا يبدو أن البرهان يفكر في العودة لقد عاد إلى رأس أعلى مؤسسة في الفترة الانتقالية، مجلس السيادة، وجدد كل أفرادها العسكريين أو الموالين للجيش، واستبدل أربعة أعضاء يدعمون قوة مدنية بالكامل بمدنيين آخرين غير سياسيين.
للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا
اضف تعليقا