تحدثت مصادر مطلعة على الملف الليبي أن مصير الانتخابات الرئاسية الليبية 2021 “بات شبه محسوم بالتأجيل”، مضيفة أن الجانبين الفرنسي والإيطالي “باتا متوافقين بدرجة كبيرة على التأجيل في ظل صعوبة إتمام العملية الانتخابية” في الموعد المحدد سلفاً، والمقرر في 24 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وأوضحت المصادر أنه على الرغم من عدم إبداء الجانب الأميركي موقفه النهائي بالموافقة على تأجيل الانتخابات الليبية، إلا أن المؤشرات القادمة من واشنطن تسير في اتجاه عدم رفض التأجيل.

وبحسب المصادر ذاتها، فإنه تولد خلال الأيام الماضية اقتناع لدى بعض الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي بصعوبة إفراز الانتخابات الليبية بظروفها الراهنة عن قيادة قادرة على توحيد ليبيا، وإنهاء أزمتها.

وأشارت المصادر إلى أن “الأرجح في الوقت الحالي هو تأجيل الانتخابات الرئاسية عدة أشهر إلى حين التوصل إلى صيغة دولية بين الأطراف الفاعلة في ليبيا، تكون بمقتضاها القيادة الجديدة التي ستفرزها العملية الانتخابية قادرة على لم شمل الليبيين، وأيضا إقناع التركيبة القبائلية والجهوية في ليبيا بالتعاطي الإيجابي معها”.

وكشفت المصادر عن أن دائرة صناعة القرار المصري تبحث في الوقت الراهن الدعوة لمؤتمر بشأن ليبيا في القاهرة، حال تم الإعلان النهائي عن تأجيل الانتخابات، يتم خلاله دعوة كافة الأطراف الليبية والمرشحين للانتخابات الرئاسية هناك لـ”التباحث والاتفاق على صيغة تضمن اعتراف الجميع بالنتائج التي ستسفر عنها العملية الانتخابية حال إجرائها”.

وقالت المصادر إن المؤتمر، الذي تعكف عليه الجهات المصرية المشرفة على الملف الليبي، يهدف أيضاً لـ”تعظيم الوجود المصري في ليبيا، خاصة في ظل صعوبة الرهان على مرشح واحد لتقارب فرص عدد كبير من المرشحين، بالإضافة إلى صعوبة موقف بعض أصحاب الفرص الجيدة، والذين يتمتعون بعلاقات متميزة مع القاهرة”.

ولفتت المصادر إلى أن القاهرة تتعامل مع عدد من السيناريوهات المعنية بليبيا، مشيرة إلى أن “أحد السيناريوهات التي تبحثها مصر، وجرت بشأنه مباحثات معمقة مع أطرافه، هو تفعيل اتفاق قديم تمت هندسته في مصر بين وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، يقضي بتنسيق انتخابي، برعاية مصرية، ودعم من أطراف دولية أخرى، بحيث يكون ذلك التنسيق جاهزا مع إجراء العملية الانتخابية”.

وأكدت المصادر أن “تنسيقاً مصرياً فرنسياً إيطالياً يجرى في الوقت الراهن، لدفع واشنطن لتبني رؤيتهم نحو تأجيل الانتخابات”.

 

مساءلة مفوضية الانتخابات

في غضون ذلك، طالب 72 نائباً في مجلس النواب الليبي بعقد جلسة يوم غد الاثنين لمساءلة رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السايح، وممثلي المؤسسات المشرفة على العملية الأمنية والقضائية.

واتهم الأعضاء المؤسسات القضائية ومفوضية الانتخابات الليبية بـ”عدم تنفيذ القانون والالتفاف عليه، والسكوت عن شبهات تزوير وشراء أصوات والتأثير في القضاء”.

وحذر النواب مفوضية الانتخابات من إعلان قائمة المرشحين النهائية قبل انتهاء جلسة المساءلة ليتسنى للمجلس تقييم الوضع وسبل إنقاذ العملية الانتخابية.

ويأتي هذا في الوقت الذي قالت فيه المبعوثة السابقة للأمم المتحدة إلى ليبيا، الأميركية ستيفاني ويليامز، إن واشنطن لن تسمح بأن تكون انتخابات ديسمبر/ كانون الأول جزءاً من المشكلة في ليبيا.

وأضافت ويليامز أن ليبيا تُمثّل أولوية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مستندةً في ذلك إلى “المهمة المزدوجة للمبعوث الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، ومشاركة نائبة الرئيس كامالا هاريس في منتدى البحر المتوسط”.

وأوضحت خلال مداخلتها في الحلقة النقاشية لمنتدى البحر المتوسط، أن الولايات المتحدة، شأنها شأن الدول الأخرى، تدعم الانتخابات الليبية المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول.

وبيَّنت أنها لا ترى قصوراً في القيادة الأميركية بشأن الملف الليبي، لافتةً في الوقت ذاته إلى أن “ليبيا عانت من أزمة شرعية لن تُعالج إلا من خلال عملية انتخابية حُرة ونزيهة”.

كما أشارت وليامز إلى تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بأن “هذه الانتخابات يجب أن تكون جزءاً من الحل وليس جزءًا من المشكلة”، مؤكدة أن “واشنطن لن تسمح بأن تكون انتخابات ديسمبر جزءاً من المشكلة، نظراً لأهمية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استراتيجياً وجغرافياً”.

بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن بلاده تؤيد إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، و”ستواصل دعم الشعب الليبي وحكومته الشرعية مهما كانت نتيجة الانتخابات”.

وأضاف قالن، في تصريحات صحافية، أن أنقرة تشدد على ضرورة توضيح الأسباب بشفافية للرأي العام في حال تأجيل الانتخابات، والإعلان عن خريطة طريق محددة بخصوص السباق الانتخابي.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة التركية أنهم يعتقدون أن “تلك الخطوات مهمة جداً من ناحية شرعية الحكومة القائمة، وسلامة الإجراءات التي سيتم اتخاذها حتى موعد إجراء الانتخابات”، وفق قوله.