يرى الخبراء والمحللون أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى الإمارات العربية المتحدة -الاثنين الماضي- كانت ناجحة، وتكمل سلسلة من تحركات السياسة الخارجية منذ أن تولى منصبه في يونيو/حزيران.
بدأ بينيت بالإصلاحات الطارئة لعلاقات إسرائيل المنهارة مع العاهل الأردني عبد الله، واستمروا في استعادة الثقة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع 13 سبتمبر/أيلول في شرم الشيخ، مع تحسن كبير في العلاقات مع المغرب، ومشاركة إسرائيل في جهود استعادة الهدوء في السودان بعد الانقلاب، وتعميق العلاقات مع البحرين بشكل كبير.
ستكون السعودية جوهرة في تاج تطبيع إسرائيل مع العالم العربي كما يرى بينيت، الذي يبذل مع وزير الخارجية يائير لابيد جهوداً جبارة لكسر الجمود الذي وصل إليه السعوديون بسبب رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي أثار الغضب السعودي إلى مستويات خطيرة عندما سرب معاونوه لقاءه السري في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن كسر الجليد مع السعوديين وإبراز علاقة إسرائيل السرية الخاصة بهم في الرأي العام سيتطلب مساهمة من إدارة بايدن، التي -حتى الآن- لا تتمتع بعلاقات جيدة مع الرياض على عكس ما كانت عليه العلاقات في عهد إدارة ترامب.
في غضون ذلك، يبذل بينيت جهودا كبيرة في تعزيز التحالف الإقليمي الذي بدأ في عهد نتنياهو، من جهة إنه يحارب النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، ومن جهة أخرى يقدم الحلول.
بحسب أحد مساعديه -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته-، وصف بينيت لقاءه هذا الأسبوع مع ولي العهد الإماراتي الأمير محمد بن زايد بأنه “متعة خالصة وغير محرفة”، ووفقا للإسرائيليين الذين حضروا اللقاء، كان الشعور متبادلا.
استمر الاجتماع الثنائي ما يقرب من أربع ساعات، معظمها كان بينيت وبن زايد بمفردهما في الغرفة، وهو أمر نادر الحدوث في الاجتماعات الدبلوماسية رفيعة المستوى.
حدد بينيت ثلاثة أهداف لزيارته إلى أبو ظبي: إقامة علاقات مباشرة وشخصية وذات مصداقية مع بن زايد، وتهدئة المخاوف الإماراتية بشأن الاستقرار السياسي لإسرائيل والتزام الحكومة الجديدة بالتحالف بين الدولتين، وتسريع التقدم في الاقتصاد والأعمال، وبحسب مساعديه، حقق الاجتماع الأهداف الثلاثة.
لم يرد ذكر إيران في تصريحات رسمية ولا في إحاطات إعلامية غير رسمية، لكن تمت مناقشتها بشكل مكثف خلف الأبواب المغلقة، وبالطبع لا يمكن إغفال العوامل الخارجية الحالية المحيطة بالموضوع، حيث يعمل بينيت في وضع غير مؤات مقارنة بنتنياهو، كما تم استبدال إدارة ترامب، التي لعبت دورًا مهيمنًا في إرساء أسس العلاقات الجديدة لإسرائيل في العالم العربي، بإدارة بايدن التي تضاءل وجودها في المنطقة بشكل ملحوظ، ما جعل على بينيت مسؤولية سد الفجوة الكبيرة التي سببها ذلك.
قال مصدر مطلع على تفكير بينيت، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن رئيس الوزراء أطلق على ولي العهد الإماراتي لقب “مهندس الشرق الأوسط الجديد”، وأضاف أن بينيت شعر بتكوين صداقة حقيقية مع بن زايد.
نُقل عن بينيت نفسه قوله هذا الأسبوع، “كلانا نفخر بمعتقداتنا الإيمانية. أنا يهودي بكل معنى الكلمة… بن زايد مسلم متدين وفخور بذلك… لذلك لا ينقص كلانا الثقة في أصولنا، وعمق جذورنا يمنحنا الثقة بالنفس من أجل الانفتاح الخارجي “.
نفوذ إيران الإقليمي المتزايد وقدراتها الهجومية، وخاصة الطائرات بدون طيار والصواريخ الهجومية، تثير قلق حلفاء إسرائيل بشكل كبير، وكلما زاد قرب المواجهة مع إيران، زادت مخاوفهم.
قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي الميجور جنرال أميكام نوركين في 23 نوفمبر/تشرين الثاني في مؤتمر الأمن والسياسة بجامعة رايشمان، إن إسرائيل تتصدر سباق التسلح الحالي بقدراتها في اعتراض الطائرات بدون طيار والصواريخ، كذلك يمكن لإسرائيل أن تناقش مع أصدقائها في داخل الخليج العربي وخارجه شبكة من أجهزة الاستشعار تتيح التحذير المسبق من الطائرات بدون طيار والصواريخ التي نشرتها إيران بين وكلائها في المنطقة من سوريا ولبنان وصولاً إلى اليمن.
كان بينيت يشرح في اجتماعات ومكالمات هاتفية مشفرة الخطوات التي تتخذها إسرائيل قبل التطورات الجديدة بشأن القضية النووية الإيرانية، وبالإضافة إلى زيادة كبيرة في الميزانية المخصصة للحشد العسكري، تتخذ إسرائيل إجراءات سرية إضافية لدعم الخيار العسكري.
بينيت منشغل بجعل حلفاء إسرائيل في الشرق الأوسط على دراية بهذه الإجراءات في الوقت الذي يحاول فيه إبطاء نفوذ إيران المتزايد وتراجع اهتمام الغرب.
وعلى عكس نتنياهو، يعرف بينيت كيف يستمع، عند توليه المنصب، تعهد بينيت بتجنب إعطاء وعود جوفاء أو كذب أو تضليل محاوريه: “سأقول ما يمكنني فعله وأقول ما لا أستطيع”، ورد أنه قال هذا في أحد اجتماعاته الدبلوماسية.
يعرف بينيت أيضاً أن أكبر مشكلة لنتنياهو كانت المصداقية، على الرغم من افتقاره إلى الكاريزما الوفيرة التي كان يتمتع بها نتنياهو، يعمل بينيت على حل مشكلة المصداقية، عله يستطيع جذب السعودية وإلحاقها بقطار التطبيع العربي الإسرائيلي.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا