قال مصدر على صلة بمسؤولين كبار في المخابرات السعودية إن ثلاثة على الأقل من المحكوم عليهم بالسجن على خلفية قتل الصحفي جمال خاشقجي يعيشون داخل “سكن من فئة سبع نجوم” داخل مجمع أمني تديره الحكومة السعودية في الرياض.

وبحسب المصدر، فإن القتلة يقيمون في فيلات ومبانٍ تديرها وكالة أمن الدولة السعودية – بعيداً عن جدران سجونها سيئة السمعة- وهو ما باح به لشخصين سربا هذه المعلومات، حيث قالا إن أفراد الأسرة كثيرا ما يزورون الرجال المسموح لهم باستخدام صالة الألعاب الرياضية ومساحات العمل في الموقع.

حُكم على هؤلاء المتهمين جميعًا أمام محكمة سعودية، في محاكمة أُدينت على نطاق واسع باعتبارها صورية – خاصة وأن السلطات أخفت هويتهم باستثناء صلاح الطبيقي، وقد حُكم على بعضهم بالإعدام، لكن الأحكام خُففت فيما بعد إلى أحكام بالسجن المؤبد.

هذه المعلومات الأخيرة زادت من الشكوك التي أحاطت بالمحاكمة وبنية النظام السعودي في محاسبة القتلة، خاصة بعد أن عاد المستشار الأكثر ثقة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، سعود القحطاني، للظهور مرة أخرى في الديوان الملكي بعد ثلاث سنوات في الاختباء بعد اتهامه بالتورط في قتل خاشقجي.

تمت تبرئة القحطاني من أي تورط، على الرغم من تقييم المخابرات الغربية بأنه كان العقل المدبر للاغتيال بأمر من ولي العهد.

وأكد المصدر أن الطبيقي، الطبيب الشرعي الذي قطع أوصال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، كان من بين الذين شوهدوا داخل المنشأة.

كما شوهد مصطفى المدني، الجثة “المزيفة” التي أرسلها فريق الاغتيال لخلق الحيلة التي مفادها أن خاشقجي ترك القنصلية حيا، وكذلك منصور أبا حسين المتهم بقيادة العملية.

وقد زار الشاهدان المجمع في عدة مناسبات خلال العامين الماضيين، وقالا إن الرجال كانوا مرتاحين وبدا يعيشون حياة طبيعية، ووفقًا لمصدر المخابرات، فإن الزوار، بمن فيهم متعهدو الطعام والبستنة والفنيون وأفراد الأسرة، يحضرون بشكل متكرر إلى المجمع.

تمت مشاهدة الطبيقي وأبو حسين ومدني في أواخر عام 2019 وقرب منتصف عام 2020، ولم يكشف الشهود عن أسمائهم علنًا خوفًا من عقاب محمد بن سلمان وجهاز أمن الدولة، الذي يسيطر على السعودية.

من المعروف أن أبا حسين ومدني ضابطا مخابرات يعملان في أمن الدولة، والجدير بالذكر أن رئيسهم، عبد العزيز بن محمد الهويريني، شوهد مع بعض المتهمين داخل تلك المنشأة خاصة داخل صالة الألعاب الرياضية.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، بعد إجراءات اكتنفها السرية، برأت محكمة سعودية ثلاثة متهمين؛ حكم على خمسة آخرين بالإعدام؛ وخمسة آخرين بالسجن، الرجال الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام تم العفو عنهم قانونيًا في مايو/أيار 2020 من قبل أبناء خاشقجي في ترتيب توسط فيه بن سلمان.

تم الكشف عن القليل حتى الآن، حول مكان وجود اللاعبين الرئيسيين في المؤامرة، لكن وجودهم الواضح في مجمع استخبارات حديث ومجهز جيدًا، حيث يتمتعون بحرية الحركة، يتعارض بشكل صارخ مع تأكيدات الديوان الملكي السعودي بأن الجناة واجهوا عقوبات قاسية.

تأتي هذه الاكتشافات مع استمرار الغموض الذي يحيط بهوية رجل اعتقلته الشرطة الفرنسية هذا الشهر، والذي تم تحديده في البداية على أنه عضو في فريق قتلة خاشقجي، حيث قُبض على خالد عايض العتيبي في مطار شارل ديغول في 7 ديسمبر/ كانون الأول بناء على مذكرة توقيف صادرة عن تركيا.

وقالت الشرطة الفرنسية في وقت لاحق إن الاعتقال يتعلق بخطأ في تحديد الهوية، ومع ذلك، من المفهوم أن المسؤولين الأتراك يعتقدون أن فرنسا ألقت القبض على الرجل الصحيح وأطلقت سراحه لأسباب سياسية.

وأكد مصدر مطلع لصحيفة الغارديان أن المسؤولين الأتراك أبلغوا عن مخاوفهم، زاعمًا أن البيانات التي قدموها إلى الإنتربول تتطابق مع ما أرسلته الشرطة الفرنسية إليهم في البداية.

من المعروف أن محمد بن سلمان حريص على منع الإعلان عن مزيد من التفاصيل عن الاغتيال، وهو أمر كان متوقع الحدوث في حالة قُبض على أحد القتلة وسُلم إلى تركيا، ليحاكم بعدها في محاكمة علنية.

استقبل محمد بن سلمان في جدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر في أول زيارة يقوم بها زعيم غربي إلى المملكة العربية السعودية منذ اندلاع الفضيحة في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وكمقابل، أصر ماكرون على أن يتلقى الحاكم الفعلي للسعودية دعوة رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، في زيارة ربما تفتح الطريق أمام الرياض لإرسال مساعدات إلى الدولة المفلسة.

في الأيام التي أعقبت إطلاق فرنسا للرجل الذي اعتقلته، خفت اللغة التي يستخدمها المسؤولون السعوديون والخليجيون تجاه لبنان إلى حد كبير.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا