العدسة_ بسام الظاهر

يبدو أن الأزمة الليبية عصية على الحل حتى الآن، في ظل استمرار الخلافات بين المعسكرين “الشرقي والغربي” حول طبيعة ترتيبات المرحلة الانتقالية التي تؤدي مباشرة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية.

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة طرح خارطة طريق جديدة لحل الأزمة الليبية وإنهاء الانقسام على هامش اجتماعات الأمم المتحدة الشهر الماضي.

وبالفعل بدأت الأطراف الليبية المتناحرة التوافد على تونس لبدء أول خطوات خارطة الطريق “الأممية” التي تقضي بتعديل الاتفاق السياسي المسمي “اتفاق الصخيرات”.

ولكن يبدو أن الأوضاع والمشاورات لا تسير على ما يرام، دون الجزم بفشلها حتى الآن، بما يترتب على هذا الفشل عدة سيناريوهات لهذه الأزمة.

تعثر المفاوضات

الجولة الأخيرة من المفاوضات التي انتهت قبل يومين بين معسكر برلمان طبرق المنحاز إلى خليفة حفتر قائد ما يسمى بـ “الجيش الوطني الليبي”، ومعسكر الغرب برئاسة المجلس الرئاسي للدولة.

المبعوث الأممي أصدر بيانا عقب انتهاء جولة المفاوضات الثانية، يشير إلى تباطؤ الأطراف في حسم القضايا الخلافية حتى الآن في مسار تعديل اتفاق الصخيرات.

سلامة قال: “إن الجولة تمكنت فقط من تحديد نقاط التوافق والاختلاف قصد المزيد من التشاور بشأنها”

” غسان سلامة “

بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أعطت توضيحا لتصريحات سلامة، وقالت إنها تؤمن إيمانا راسخا بأن المؤسسات اليقظة والقادرة المترفعة عن الحسابات الفردية هى ما ينبغي أن يصبو إليها الجميع في سبيل قيام دولة ليبية فعالة وعادلة.

وأكدت البعثة أنها ستبقى مُنْكّبة على السعي لتنفيذ مختلف عناصر خطة العمل التي طرحها الممثل الخاص وتبناها مجلس الأمن الدولي والتي تتوج بانتخابات حرة ونزيهة في غضون عام واحد من إعلانها، لإخراج ليبيا من الانسداد السياسي الراهن وتهيئة مستقبل أفضل لابنائها.

فتش عن حفتر

يبدو أن حفتر عاد لممارسة هويته المفضلة بإفشال أي مبادرات أو مفاوضات لحل الأزمة وإنهاء الانقسام والتمهيد لقيام حكومة الوفاق بدورها في إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية.

الخلافات بين وفدي مجلس النواب الداعم لحفتر والمجلس الأعلى للدولة، حول المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات، الذي أعطى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق حق تعيين كل المناصب العسكرية.

” حفتر “

وتدفع لجنة الجوار التابعة لمجلس النواب بإلغاء هذه المادة، خوفا من الإطاحة بحفتر من أن يكون قائدا للجيش الليبي، وهو أمر لن يقبل به قائد القوات الموالية لبرلمان طبرق.

وهذا الخلاف يهدد بفشل المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في تونس، حتى إنه لم يتم تحديد موعد الجولة الثالثة.

عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار قال، إنه في حالة فشل تلك المفاوضات فإن مجلس النواب لديه خيارات أخرى وبدائل سيتم الإعلان عنها في حينها، وهذا عند الوصول لنقطة عدم الاتفاق.

ويدرك مجلس النواب أن هناك رفضا في المعسكر الغربي لليبيا بتولي حفتر مسؤولية الجيش الليبي، خاصة مع الانتهاكات التي ارتكبها في حق المواطنين العزل خلال عمليات “الكرامة”.

سيناريوهات التعامل

ومن وحى هذه الخلافات وعرقلة “حفتر” جلسات الحوار لإنهاء الانقسام الليبي، تبرز عدة سيناريوهات:

أولا: الحسم العسكري:

في حالة فشل المفاوضات بين الفرقاء الليبيين، يمكن أن يفكر حفتر في الخيار العسكري لحسم الأزمة لصالحه والسيطرة على ليبيا وإضعاف حكومة الوفاق.

وفي هذه الحالة يرغب حفتر في إنهاء فعلي لحكومة الوفاق من باب فرض الأمر الواقع، على الرغم من أنها الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا.

وهدد حفتر في القاهرة خلال محاولات جمعه بفايز السراج رئيس الحكومة الوفاق بالحسم العسكري في ليبيا، وهو ما استدعى تدخل أطراف مثل أمريكا لوقف هذه التحركات… ولكن السؤال هل تقف الدول الكبرى موقف المتفرج من هذا السيناريو؟.

” ماتيو رينزي “

 

” دونالد ترامب “

 

” فلاديمير بوتين “

ثانيا: حل وسط:

وربما ترضخ كل الأطراف وتحديدا برلمان طبرق وحفتر إلى ضغوط الدول الكبرى في مسألة المادة الثامنة مع الاتفاق على تولي حفتر قيادة الجيش الليبي، كأحد الحلول لإنهاء الخلافات حول المادة الثامنة.

وهذا حل قد يلجأ له مجلس الأمن من خلال المبعوث الأممي، أملا في عدم فشل المفاوضات بين الطرفين.

ثالثا: تجاوز حفتر:

كما يبرز إمكانية إبعاد حفتر عن المشهد الليبي تماما من خلال المضي قدما في ترتيب المشهد بعيدا عنه بضغوط دولية، خاصة مع إمكانية الضغط على مصر والإمارات أكبر الداعمين له.

وربما تتطلع أمريكا بهذا الدور خاصة وأن حفتر أكثر قربا لروسيا، وبالتالي فإنه من المرجح أن يتم استبعاده من ترتيبات المشهد إذا أصر على إفشال المفاوضات والرغبة في السيطرة التامة على ليبيا، بما يعني أن الولاء سيكون أكثر لموسكو.