منذ سبع سنوات، يتعرض الشعب اليمني للقصف بالقنابل السعودية التي اشترت عدد كبير منها من المملكة المتحدة، ومع ذلك، ورغم كل الخسائر والانتهاكات، لا تزال وستمنستر صامتة.

ما يحدث في اليمن، برعاية الأسلحة والصمت البريطانيين يمكن اعتباره بأنه من أكبر فضائح داونينغ ستريت، إنه بدون مبالغة يؤكد على فشل رئاسة الوزراء.

هذا الأسبوع فقط، تسببت الغارات الجوية التي شنها السعوديون وحلفاؤهم في مقتل أكثر من عشرة أشخاص مدنيين في اليمن، وفي الشهر الماضي قتل ما يقدر بنحو 32 مدنيا نتيجة للصراع المستمر منذ بداية الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد منذ عام 2014.

على مدى سبع سنوات، دأب التحالف الذي تقوده السعودية على ضرب الدولة الفقيرة بالقنابل، التي وفرت بريطانيا الكثير منها، لذلك، فإن التحالف العسكري القوي مع الدكتاتورية السعودية، يجعل من الحكومة البريطانية متورطة بشكل مباشر في هذه الفظائع.

الشعب البريطاني على غير علم كافي بما يحدث في ذلك البلد الفقير الذي يهدد الموت جميع أفراده، حيث تعطي معظم وسائل الإعلام البريطانية القليل من الاهتمام بالمذبحة التي تتواطأ فيها الحكومة بشكل مباشر.

 لقد ازداد العنف السعودي في اليمن فقط منذ أكتوبر/تشرين الأول، بعد قرار الأمم المتحدة الإنساني حيث صوت مجلس حقوق الإنسان على إغلاق تحقيقه في جرائم الحرب بعد ضغوط مكثفة من قبل الديكتاتورية في الرياض.

على مدار السنوات الماضية كانت الأوضاع في اليمن تشكل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع ذلك، يُلاحظ البعض أنها تراجعت في هذا الترتيب، لكن ليس بسبب تحسن الأوضاع، لكن بسبب تصاعد أزمات أخرى حول العالم.

الحصار الغربي لأفغانستان احتل مركز الصدارة، ومع ذلك، حذرت الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، من أن ملايين اليمنيين “على بعد خطوة من المجاعة” حيث “وصل اقتصاد البلاد إلى انهيار أشد عمقاً”، في حين تم قطع حصص الإعاشة لثمانية ملايين يمني خلال عيد الميلاد.

ومع ذلك، ورغم كل تلك الفظاعات، لا تزال الحكومة البريطانية متمسكة بتحالفها الوثيق مع النظام السعودي، الذي يشن حملة شرسة ضد المعارضين، ويعامل النساء بوحشية. هذا هو النظام الذي قطع الصحفي جمال خاشقجي إلى أشلاء في قنصلية بلاده في إسطنبول، وأضرم النار في أطفال يمنيين أثناء تواجدهم داخل حافلة مدرسية في طريق عودتهم من نزهة “ما يتم تصنيفه أنه جريمة حرب”، على حد تعبير هيومن رايتس ووتش.

بالرغم من أن القوات التي تقودها السعودية ليست مسؤولة عن الأعمال الإجرامية وحدها، بل يتحمل أطراف النزاع الآخرين المسؤولية أيضاً، كالحوثيين المدعومين من إيران ويسيطرون على جزء كبير من البلاد، فإن الحكومة البريطانية تقوم بتسليح ودعم جانب واحد بشكل مباشر، وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية المباشرة عن أفعالهم.

الحملة العالمية ضد تجارة الأسلحة (CAAT)- ومقرها المملكة المتحدة- بذلت جهود واسعة في التدقيق في دور الحكومة البريطانية في تلك الحرب الدامية، وفقًا لأبحاثها، باعت شركة BAE ما يقدر بـ 17.6 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة والخدمات العسكرية إلى الديكتاتورية السعودية منذ عام 2015، في حين أن الشركة لديها 6700 موظف يعملون في المملكة العربية السعودية.

بفضل المراجعة القضائية التي قدمتها CAAT في عام 2019، وجدت محكمة الاستئناف أن قرار الحكومة البريطانية بالإبقاء على ترخيص المعدات العسكرية للسعودية كان غير قانوني، لكن الحكومة استأنفت مبيعات الأسلحة بعد أن جادلت بأن الغارات الجوية السعودية التي تنتهك القانون الإنساني هي مجرد “حوادث منفردة”.

لا تزال المعركة القضائية بين CAAT والحكومة البريطانية مستمرة، في تصريحات للغارديان، قال منسق الأبحاث سام بيرلو فريمان: “لم تكن هناك جهود لتخفيف أو رفع الحصار…السعوديون يحافظون على ذلك دون معاناة أي عواقب أو جهود دبلوماسية…. الاهتمام الذي توليه القوى العالمية لإنهاء الحرب أو على الأقل الأزمة الإنسانية في اليمن غير ملائم على الإطلاق، ربما هو غير موجود من الأساس”.

الجدير بالذكر أنه بينما تواصل حكومة المملكة المتحدة تسليح ودعم المجهود الحربي السعودي، قامت بتخفيض مساعداتها الإنسانية لليمن بمقدار النصف في عام 2021، بينما حذر برنامج الغذاء العالمي من عدم تمكنها توفير الغذاء اللازم لليمنيين بشكل صحيح بسبب نقص التمويل.

لا ينبغي أن يتحمل اتحاد مناهضة التعذيب وغيره من منظمات حقوق الإنسان هذا العبء بمفرده، حياة اليمنيين مهمة رغم الصمت الذي يوحي بغير ذلك، ويجب محاسبة الحكومة البريطانية على تواطؤها في هذه الجرائم البشعة.

لذا نعم، يجب على جميع البريطانيين أن يغضبوا من المسؤولين الذين يحتفلون ويشربوا الخمور بينما لا يستطيع المواطنون العاديون الإمساك بأيدي أقاربهم المحتضرين.

التورط المباشر للحكومة في مذبحة بحق المدنيين تنفذها واحدة من أكثر الديكتاتوريات إثارة للاشمئزاز في العالم جريمة أشد خطورة، إن الفشل في التعبير عن الغضب من الحكومة ومن هذه الجرائم هو الذي يسمح باستمرار القتل.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا