“إعطاء أنظمة دفاع جوي لأبو ظبي قد يضر بالتفوق التكنولوجي لإسرائيل – بل ويثير غضب واشنطن”

في أعقاب الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على أبو ظبي بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة، لجأ حكام الإمارات العربية المتحدة إلى إسرائيل طلباً للمساعدة العسكرية، لكن الأخيرة لم تسرع إلى مساعدتها كما كان يأمل الإماراتيون، لأسباب رجح الخبراء أنها تتعلق بخوف إسرائيل من فرض دولة أخرى سيطرتها على المنطقة.

وكان الحوثيون قد استهدفوا الإمارات بهجوم بطائرة بدون طيار خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ -إلى الدولة الخليجية- الأسبوع الماضي، رفقة وفد رفيع المستوى مؤلف من مسؤولين في وزارة الدفاع ونشطاء الموساد والمسؤولين التنفيذيين لشركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية.

لم يكن الهجوم أول تهديد حوثي موجه صراحة لإسرائيل، إذ هدد الحوثيون المتحالفون مع إيران في الماضي بإطلاق صواريخهم على مدينة إيلات الساحلية الواقعة في جنوب إسرائيل والتي تبعد 1500 كيلومتر عن اليمن.

رداً على ذلك، رفعت إسرائيل قبل عامين من حالة التأهب في منطقة إيلات، مع تفعيل نظام القبة الحديدية هناك -في كثير من الأحيان- بناءً على تحذيرات استخباراتية، في الوقت نفسه، كثف الموساد والاستخبارات العسكرية من رقابتهما على اليمن وجمع المعلومات هناك.

بدورهم، يهتم المسؤولون الإماراتيون بشكل خاص بالدفاعات الجوية الإسرائيلية الصنع، مثل القبة الحديدية  وآرو ومقلاع داوود، بالإضافة إلى أنظمة الرادار الخاصة بهم، وترغب في استيراد المزيد من إسرائيل، لكن مصادر إسرائيلية قالت لموقع Middle East Eye، إن “إسرائيل تدرس الطلب الإماراتي كونه أمر خطير يجب التعامل معه بحذر”.

وبحسب المصادر، سيتعين على إسرائيل الموازنة بين رغبتها في بيع الأسلحة في جميع أنحاء العالم- خاصة وأنها أعلنت رسميًا هذا الأسبوع أنها منحت تراخيص تصدير عسكرية إلى 139 دولة – وبين والحاجة إلى حماية معداتها الحساسة محلية الصنع.

 

التطور التكنولوجي

الرفض -الضمني- الإسرائيلي يرجع إلى كيفية الحفاظ على تفوقها التكنولوجي أثناء بيع الأنظمة لشركاء استراتيجيين، خاصة وأنه ورد أن المملكة العربية السعودية مهتمة أيضًا بأنظمة القبة الحديدية.

حتى الآن، باعت إسرائيل مكونات جزئية من نظام القبة الحديدية، مثل الرادارات والتحكم الأرضي، إلى سنغافورة وأذربيجان، ولكن لم تبيع الصواريخ الاعتراضية، التي تصنعها شركة رافائيل المملوكة للدولة، كما اشترت واشنطن نظامين من أنظمة القبة الحديدية لتقييم فعاليتهما.

كما أعربت كوريا الجنوبية أيضًا عن اهتمامها بالنظام القادر على اعتراض الصواريخ التي يبلغ مداها حوالي 80 كيلومترًا.

ليس فقط الخوف من الفشل في موازنة تلبية احتياجاتها الداخلية وبين تصدير تلك الأنظمة للدول الشرق أوسطية، لكن هنا عقبة أخرى في طريق تسليم إسرائيل الدفاعات الجوية إلى الخليج، وهي الأقوى: الولايات المتحدة، حيث تنظر الولايات المتحدة إلى المنطقة على أنها مجال اهتمامها، وبالفعل لها وجود عسكري وقواعد في قطر والبحرين والإمارات.

تقوم واشنطن بتصدير أسلحة من جميع الأنواع إلى الدول الخليجية، من طائرات F-35 المقاتلة والطائرات بدون طيار وتكنولوجيا الاستخبارات، إلى المعدات البحرية والبطاريات المضادة للطائرات، لذلك لا ترغب الشركات العسكرية والأمنية الأمريكية في رؤية المنافسة الإسرائيلية تدخل ما تعتبره ساحتها الخلفية.

 

التعاون السري

لسنوات، سهّل الموساد العلاقات السرية بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية، مما أدى إلى تعاون وثيق في تبادل المعلومات الاستخباراتية ضد إيران، فضلاً عن بيع معدات استخباراتية مثل برنامج التجسس بيغاسوس سيئ السمعة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن شركات إسرائيلية مثل لوجيك، المملوكة لماتي كوتشافي، عملت سرا لسنوات في الإمارات العربية المتحدة، حيث وظف كوتشافي مسؤولين سابقين في الموساد والشين بيت، بالإضافة إلى خبراء سابقين من صناعات الفضاء الإسرائيلية.

لكن آل نهيان -العائلة الحاكمة في أبو ظبي- استدبلوا كوتشافي بديفيد ميدان، وهو عميل سابق في الموساد، كوسيط بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة.

كل هذه الصفقات والاتصالات السرية حظيت بموافقة وتشجيع وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكن لم يعد هناك حاجة للسرية بعد أن بدأ التطبيع العلني بتوقيع اتفاقات إبراهام عام 2020، تمكنت إسرائيل من فتح علاقات دبلوماسية وتجارية كاملة مع الإمارات والبحرين والمغرب لاحقًا، فضلاً عن تعزيز علاقاتها الاستخباراتية.

في الأسبوع الماضي، زار وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس البحرين والتقى بحكامها ووقع مع نظيره مذكرة تفاهم للتعاون الأمني ​​- وهي الاتفاقية الأولى من نوعها التي يتم الاتفاق عليها مع دولة عربية.

بالرغم من هذه العلاقات العلنية، لا يزال التعاون الإسرائيلي السعودي يعتريه السرية بسبب رفض المملكة التطبيع مع إسرائيل حتى الآن، لكن مصادر أمنية ودبلوماسية إسرائيلية تؤكد أن لديها توقعات كبيرة بأنه بمجرد أن يجلس ولي العهد محمد بن سلمان على العرش، ستُعلن المملكة على الأرجح العلاقات علنًا.

في غضون ذلك، ستواصل المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى تعاونها الأمني مع إسرائيل، من بينها شراء المزيد من الأسلحة.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا