في فصل جديد من فصول عرقلة مجلس النواب الليبي للاستقرار في ليبيا، اختار المجلس المنعقد في طبرق -التي يسيطر عليها مجرم الحرب خليفة حفتر، بالإجماع وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للحكومة، بافتراض أن عهد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، قد انتهى.
حيث قال المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، لوكالة الأنباء الألمانية، إن مجلس النواب صوت على اختيار فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للحكومة. وأضاف بليحق أن المجلس اعتمد أيضًا تعديلًا دستوريًا بخصوص خارطة الطريق للمرحلة المقبلة يتضمن نقاطًا عدة، أبرزها تشكيل لجنة لبحث المواد الخلافية في مشروع الدستور.
وأوضح أن المقترح ينص على “تعديل الفقرة 12 من المادة 30 من الإعلان الدستوري، بحيث تشكل لجنة من 24 شخصًا من الخبراء والمختصين يمثلون الأقاليم الثلاثة يتم اختيارهم مناصفة بين (مجلس) النواب و(المجلس الأعلى) الدولة، وتتولى اللجنة مراجعة المواد محل الخلاف في مسودة الدستور المنجز وإجراء التعديلات الممكنة”.
كذلك ينص المقترح على أن “اللجنة تنتهي من إجراء التعديلات خلال 45 يومًا، ويحال مشروع الدستور المعدل مباشرة للمفوضية العليا للانتخابات للاستفتاء عليه، وإذا تعذر إجراء التعديلات بعد انتهاء هذه المدة تتولى لجنة مشكّلة من مجلسي النواب والدولة خلال شهر إعداد قاعدة دستورية وقوانين انتخابية ملزمة”.
تمسك الدبيبة باستمرار حكومته
وفي المقابل، أكد الدبيبة -في تصريح صحفي عقب اللقاء مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في طرابلس- على ضرورة الدفع بالمسار الدستوري من أجل الوصول إلى الانتخابات. كما شدد على أن حكومته مستمرة في عملها، وأنه لن يسمح بـ”مرحلة انتقالية جديدة”، كما لن يسمح للطبقة السياسية المهيمنة طوال السنوات الماضية بالاستمرار لسنوات أخرى، في إشارة إلى تحالف “باشاغا” مع “حفتر” مؤخرًا.
علاوة على ذلك، التقى الدبيبة بوجهاء من مدينة طرابلس في ملتقى “أعيان وحكماء وعمداء بلديات الساحل الغربي والجبل للمصالحة ولم الشمل”، وقال: “لقد نبهت في خطاب سابق بأن ما يحدث تحت قبة البرلمان هو عبث يشوبه التزوير والتدليس وإن قلة في المجلس تستحوذ على قراره بالترهيب”.
بل وقرر الدبيبة الاستمرار في برنامجه، قائلًا إنه سيعلن خطة لإجراء الانتخابات في ذكرى ثورة 17 فبراير، ومؤكدًا أنه باشر التشاور مع عدد من الأطراف الوطنية (لم يذكرها) لتحديد موعد قريب للانتخابات. وأضاف أنه سيعلن خطة إجراء الانتخابات في ذكرى ثورة 17 فبراير (شباط) تحت اسم “عودة الأمانة للشعب”.
أعيان مصراتة يرفضون إزاحة الدبيبة
بدورهم، اعتبر أعيان وحكماء مصراتة شرق العاصمة الليبية قرار مجلس النواب في طبرق بتشكيل حكومة موازية “تمكينًا للانقلابيين”.
ووصف الوجهاء في بيان صادر عنهم ما حدث بأنه “محاولة شق صف مدينة مصراتة باستخدام بعض أبنائها (إشارة إلى باشاغا) في تنفيذ مشروع يهدف إلى تمكين الانقلابيين من السيطرة على طرابلس”. كذلك دعا البيان إلى “تنفيذ أحكام خارطة الطريق والتي تقتضي بإجراء الانتخابات في زمنها المحدد (..) كل القوى العسكرية جاهزة للدفاع عن الشرعية”.
إضافة لذلك، تظاهر عشرات الأشخاص في طرابلس بدعوة من ناشطين، للمطالبة بـ”إسقاط” مجلس النواب وإجراء الانتخابات في ليبيا، ورفع المتظاهرون لافتات عليها عبارات من أبرزها “يسقط مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة”، و”نعم لحكومة الوحدة الوطنية”.
وشارك في التظاهرة وزير الثقافة الأسبق، الحبيب الأمين، الذي قال إن “الشعب الليبي لن يخذل الشهداء ولن يسمح للقتلة والمتورطين في التعذيب بحكم البلاد”. وأضاف الأمين أن “كل هذه الجموع عليها ألا تغادر الميادين قبل إقرار حق الليبيين في الانتخابات والدستور”.
القوة المساندة للجيش ترفض قرار البرلمان
وما يؤكد وجود حالة من الرفض العام لما حدث، هو إدانة قادة وثوار القوة المساندة للجيش الليبي، لقرارات مجلس النواب، وما وصفوه “بإدخال البلاد في مرحلة انتقالية أخرى”. وقالت “القوة” في بيان لها: “ندين ونستنكر حالة العبث التي تتعارض مع مخرجات ملتقى الحوار السياسي وتريد أن تدخل البلاد في مراحل انتقالية جديدة”.
وأضافت أن “ما اتخذ من قرارات بمجلس النواب في اجتماعه الأخير المنعقد في طبرق (..) لم يكن وفق الإجراءات النزيهة والشفافة”. كما أعلن قادة وثوار القوة المساندة للجيش الليبي، وفق البيان، “دعمهم بكل قوة لانتخابات برلمانية والاستفتاء على الدستور وانتخابات رئاسية في أسرع وقت”، مؤكدين على “مسار الأمم المتحدة الذي يدعم حالة الاستقرار وعدم الدخول في مرحلة انتقالية جديدة مع التأكيد على عقد الانتخابات في شهر يونيو (حزيران) القادم”.
تضارب في موقف الأمم المتحدة
وعلى المستوى الدولي، رفضت الأمم المتحدة إطاحة البرلمان بحكومة الوحدة الوطنية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن المنظمة الدولية لا تزال تدعم عبد الحميد الدبيبة بوصفه رئيسًا للوزراء في ليبيا. وسئل دوجاريك -خلال مؤتمر صحفي- عما إذا كانت الأمم المتحدة لا تزال تعترف بالدبيبة رئيسًا للوزراء، فأجاب “نعم”.
لكن ذلك تم قبل أن يعدّل الأمين العام الموقف معلنًا أنه “أخذ علمًا” بتكليف باشاغا ودعا “جميع الأطراف إلى الحفاظ على الاستقرار في ليبيا كأولوية مطلقة”.
ومن جهتها، اتخذت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، موقفًا حذرًا؛ حيث أنها لم تعلن انحيازها لأي من الطرفين. فقد التقت “وليامز” عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، أمس الأحد، ودعتهما إلى “الحفاظ على الاستقرار” في البلاد، من دون أن تتخذ موقفًا من الخلاف الجاري.
وأكدت “وليامز”، التي تحمل جنسية أمريكية، للدبيبة “أهمية أن تعمل جميع الأطراف” للحفاظ على الاستقرار. كما شددت على “ضرورة المضي قدما بطريقة شفافة وتوافقية… والحفاظ على الاستقرار في طرابلس وفي جميع أنحاء البلاد”، أثناء لقائها مع باشاغا. وأضافت ويليامز في تغريدات بالعربية عبر حسابها على تويتر، أنه “يتوجب مواصلة التركيز على إجراء انتخابات وطنية ونزيهة وشاملة في أقرب وقت ممكن”.
اضف تعليقا