منذ وصول قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، إلى حكم البلاد على ظهر دبابة، بعد انقلابه على الرئيس الشرعي، محمد مرسي، أصبح الدين الإسلامي وممثلوه تحت نيران قائد الانقلاب. فقد فتحت السجون لكل من يحمل فكرًا له مرجعية إسلامية، أيًا كان اتجاهه ما دام غير متوافق مع رؤية السلطة الجديدة لدور الدين في حياة الشعب.
وحتى هؤلاء الذين يخالفون تطاول السيسي على أحكام الدين الإسلامي، لكنهم من دائرة السلطة -كشيخ الأزهر أحمد الطيب- فإن هؤلاء يواجهون تضييقًا مستمرًا وهجومًا إعلاميًا كبيرًا من الأبواق الإعلامية الناطقة باسم النظام الإنقلابي في مصر.
فقبل أيام، استحضر إعلاميون مقطعًا لحديث سابق لشيخ الأزهر واجتزؤوا من كلامه ليشيروا بأنّه يحرّض الرجال على ضرب زوجاتهم في إطار التأديب وكسر كبرياء المرأة. حيث شن إعلامي السلطة، عمرو أديب، ومايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة، وإسلام البحيري الذي قدّمه الإعلامي المصري كـ”باحث إسلامي كبير”، هجومًا لاذعًا ضد “الطيب”.
وقالت مرسي إنّ “حق السيدات اللاتي يتعرضن للعنف الأسري في رقبة شيخ الأزهر”، فيما هاجم البحيري شيخ الأزهر قائلاً إنّ “كلامه خطأ وضد الدستور”.
التطاول على التشريعات الإسلامية
وبالإضافة إلى محاولة اجتثاث كل من يمثل الرأي الشرعي الصحيح، فإن هناك محاولات حميمة لتغيير هوية المجتمع الإسلامية، عبر الضرب والتشكيك في ثوابت الإسلام، التي توافقت عليها الأجيال منذ بعثة النبي محمد ﷺ.
وآخر هذه المحاولات كانت تصريحات الإعلامي المقرب من دائرة الحكم في مصر، إبراهيم عيسى، الذي وصف معجزة المعراج بأنها مجرد “قصة وهمية”، زاعمًا أن 99 في المئة من القصص، التي يرويها الشيوخ والدعاة كاذبة. وقال إن كتب الحديث ذكرت أنه لم يكن هناك أي معراج وأن ما حدث قصة وهمية.
وادعى عيسى أن “المشايخ” يقدمون أنصاف القصص، وهذا يعني أنها ستكون غير حقيقية. وتابع أن الحكايات الواردة عن المعراج، دعائية وغير حقيقية و أنها عبارة عن قصص وهمية اختلقها الشيوخ، معتبرًا أن ما يحدث هو ذكر القصص التي تقول إن المعراج قصة حقيقية، ولكن “المشايخ” يتجاهلون الروايات التي تنفي حقيقة المعراج.
ووصف عيسى “المشايخ” الذين ينقلون هذه القصص بأنهم أصحاب فكر سلفي وصوت واحد قاصر على وجهة نظرهم فقط، وأكد أنهم لا يسردون روايات وآراء العلماء من الأشاعرة والمعتزلة، ولا يقدمون الإسلام بشكل عام.
انتقادات مجتمعية لتصريحات “عيسى” الشاذة
وما أن انتشرت مزاعم إبراهيم عيسى على مواقع التواصل الإجتماعي، إلا وصاحب ذلك ردة فعل مجتمعية واسعة، تتهمه بالكذب والتضليل وتحريف الشرع. وانتشرت تغريدات ومنشورات تطالب بمقاطعة ومحاسبة إبراهيم عيسى. علاوة على ذلك، أطلق ناشطون وسم #مقاطعة_إبراهيم_عيسى.
كما أعلن الفنان مصطفى درويش، الاعتذار عن استكمال مشاهده في فيلم “الملحد”، بسبب أن مؤلف العمل هو إبراهيم عيسى. وكتب درويش، عبر حسابه على موقع فيسبوك: “قررت أنا مصطفى درويش مقاطعة أي برنامج لإبراهيم عيسى.. والاعتذار عن فيلم (الملحد) الذي صورت فيه أربعة أيام بسبب أن مؤلف القصة هو إبراهيم عيسى”. وقال درويش إن الحرب ممنهجة على ما يبدو، مؤكدًا بأنه لن يقبل أبدًا بأن يكون أداة ضد الدين، كما اعتذر من فريق العمل في الفيلم المذكور.
بدوره، كتب علاء مبارك، ابن الرئيس المخلوع حسني مبارك، على حسابه في تويتر: ” إنه طلع”! أسلوب لا يليق دا كلام تقوله لواحد صاحبك على القهوة، أما مع رسول الله نلتزم الأدب ..ما الهدف من الطعن في الثوابت الإسلامية والنيل من المقدسات الدينية؟ فالإسراء والمعراج معجزة كبرى تذكرنا بقدرة الله سبحانه وتعالى وعبوديته ،والإسراء والمعراج ثابتة في القرآن والسنة”.
" إنه طلع "! اسلوب لا يليق دا كلام تقوله لواحد صاحبك على القهوة اما مع رسول الله نلتزم الأدب ..ما الهدف من الطعن فى الثوابت الاسلامية والنيل من المقدسات الدينية؟ فالاسراء والمعراج معجزة كبرى تذكرنا بقدرة الله سبحانه وتعالى وعبوديته ،والاسراء والمعراج ثابتة فى القران والسنة .. pic.twitter.com/DqKgpn6q63
— Alaa Mubarak (@AlaaMubarak_) February 19, 2022
وذلك ردًا على عبارة قال فيها “عيسي”: “ايه رأيك إن مفيش معراج هتصدق إن مفيش؟ وكل قصة إنه طلع السما وشاف الناس اللي في السما وشاف الناس في النار، كل دي قصة وهمية كاملة”.
الأزهر يرد على “عيسى”.. فهل يُحاسب؟
إلى ذلك، رد الأزهر الشريف على ادعاءات عيسى، حيث أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانًا توضحيًا بشأن ما أثير، أكد فيه أن “معجزة الإسراء والمعراج من معجزات سيدنا رسول الله المتواترة، الثَّابتة بنص القرآن الكريم في سُورتي (الإسراء) و(النَّجم)، وبأحاديث السنة النبوية المطهّرة في الصحيحين والسنن والمسانيد ودواوين ومصنفات السُّنة، والتي انعقد على ثبوت أدلتها ووقوع أحداثها إجماع المُسلمين في كل العصور، بما لا يدع مجالًا لتشكيك طاعِن، أو تحريف مرجف”.
واستكمل البيان: “ومحاولات الطعن البائسة في صحابة سيدنا رسول الله والتشكيك في عدالتهم بعبارات لا تليق بمقام خير جيلٍ من هذه الأمة جُرم محرم، وجرأة مُستهجنة ومرفوضة، ودَرب من التجاوز البغيض والمُستَنكر، لدى أمّة مهما بلغ التقصير بأفرادها، إلا أنّهم لا يقبلون المساس بجناب سيدنا رسول الله ولا أصحابه”.
لكن كثير من المتابعين يشككون في أن نظام السيسي سيتخذ إجراءات فعلية لمعاقبة إبراهيم عيسى على تطاوله على الدين الإسلامي وشخصية رسول الله ﷺ. فرغم أن النيابة العامة أعلنت فتح تحقيق معه في الحادثة، إلا أن حماية السيسي لكل من ينتقد ثوابت الإسلام تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا التحقيق ما هو إلا خطوة لتسكين الشارع المصري، وأنه قد يُلغى أو يُلتف عليه بسهولة من النظام في قادم الأيام.
وبالتأكيد، فإن “السيسي” الذي شكك في ثوابت الإسلام من قبل، لن يدخر جهدًا لحماية كل منتقد للإسلام. وما الطلاق الشفهي عنا ببعيد، حين طالب السيسي بعدم احتساب الطلاق إذا وقع شفاهة، في موقف شاذ عن كل ما تعارفت عليه أجيال الأمة الإسلامية منذ بعثة النبي ﷺ.
اضف تعليقا