لم يكن الأمر وارداً يوماً في عائلتها أن هناكَ قبح اسمهُ “السمنة” ينادى به شخص زاد وزنهُ عن المتعارف عليه لأنها لم تعترف ” أي عائلتها” يوماً بشي إسمه -جمال الرشاقة- أو الجسم المتناسق بعكس ما رأته حولها بعد اغترابها عنهم لأن جمالها كان في جديتها وخلقها إذ لا وقتَ لتضيّعيه في “الترهات” لشخص يدرس هندسة في أكبر الجامعات، فالذي كانت تعرفه أنه لا يوجد فتاة قبيحة، لكن يوجد فتاة لا تعرف كيف تتجمّل، أي أنها لا تعرف كيف تكونُ أجمل، خصوصاً في ظلُّ التطور في عالم التجميل.

ولقد وقفت على وقائع مدهشة من هذا القبيل، فترى الفتاة تدخل المشغل (محل تجميل) بوجه لتخرج بوجهٍ آخر مختلف تماماً، رأت هذا كثيراً، لكنها تفرّقُ بين التجميل الذي يواري العيوب ويخفّفُ من القبح، حتى يغدو الشكلُ –بالنهاية- مقبولاً، أو أكثر من مقبول، لكننا نراه جميلاً رائعاً بحكم مقارنتا مع الشكل السابق.

وبين التجميل الذي يزيدُ الجميلةَ جمالاً، فتغدو فاتنةً آسرةً بعد أن كانت تلفت النظر فحسب. أما الحسناءَ، فلا ترى التجميل –مهما كان- يضيفُ إليها شيئاً كبيراً، هذا في الظروف الطبيعية، وفي حالة المحبة والهوى، فإن المعايير –قطعاً- ستختلف، فعينُ الرضا -دوماً- عن كل عيبٍ كليلةٍ.

السمنة ليست في أجسادنا نحنُ بل في عقولنا وتفكيرنا، لم تتخيل أنها يوماً ستصادف من يتحدث عن جسمها حسناً كان أو سيئاً ويتناسى ما حملته من أفكار وخلق.

كانت مدركةً  أن الجمال –كفكرة عامّة- مبناه على التناسق، في الألوان والأحجام، بل في الأشياء كلها، فقد يجملُ شيءٌ على شيءٌ، لكنه لا يكونُ جميلاً على شيءٍ آخر، على المستوى اللون أو الحجم، وأرى البساطة والبعد عن التكلّف عنصراً جمالياً مهماً.

وهذا مما يجدرُ بالمرأة أن تراعيه كثيراً، إذ ترى الفتاة ملوعة بكل ما تراه جميلاً على غيرها، لكنه لا يتناسبُ معها، هذه الفكرة قد لا تكونُ جديدةً على الكثيرين، لكن تطبيقاتها قليلة في أذواقهم، خصوصاً في التفاصيل.

هي الآن متقبلة فكرة الناس وأفكارهم، لا تحاول تغيير شيء لأن معايرها تختلف عنهم كثيراً والأهم عندها الاطمئنان على نفسها وقد رأت من نماذج من أقبل علي عمليات وقتل نفسه في رجيم دون رياضة واستفرغ كل اكل ياكله ومن أمرض نفسه بهلوسة “الجسم المثالي” ففقد رغبته للحياة لان كل ما يصل الي رقم يكره نفسه أكثر إضافة للترهلات المزعجة للعين والنفسية فلا تكن كالذي يحاول قتل نفسه ويقطع المحيط الهندي سباحة بمفرده ،فهو متلاطم بالمصاعب، وربما سيشرقُ كثيراً، وسيتعبُ طويلاً، يضطرك ذلك إلى عَصْرِ قميصك الوحيد ونشره أكثر من مرة، وهذا ما سيجعلك مكشوفاً بطريقةٍ لا تحبها، ثم لا أنت نصرتَ حقاً، ولا خذلتَ باطلاً، ولا أرضيت نفسكَ،  فأيَ فائدةٍ نلت سوى التعب وحرمان الأجر في هذه الحياة ” فلبدنكَ عليكَ حق”.؟!

نتغاضى كثيراً عن فكرة أن عقلكَ وأفعالكَ هي ما يهم، لهذا لا تجد عند أجنبية عقدة في زيادة في وزنها مادامت تعيش وتستمتع بما أعطاها الله من قوة ورغبة في الاستمرار.!

لن نصل إلى المثالية مهما أوتينا من قوة ورغبة في ذلك لأنا نعلم من أنفسنا ما لا يعلمه غيرنا، وأظن بأن من العظمة أن تعترف بقصورك، بعد الوعي به، وفهم منابعه ومغذياته، فالقصورُ جزء من تكويننا، لكنه ربما يخفى عنا، ويلتبس فلا نراه، فمن عثرَ على عثراته ومثالبه، فهو محظوظ، ومن استطاع مداولتها فهو السعيد حقاً. !

الآراء الواردة في التدوينة تعبر فقط عن رأي صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر “العدسة“.