أقر البرلمان الباكستاني عزل رئيس الوزراء “عمران خان“، بعد التصويت لصالح مذكرة حجب الثقة عنه، إضافة لذلك فقد استقال رئيس البرلمان الباكستاني “أسد قيصر” مع استمرار التصويت ضد حكومة “خان”، كما تم وضع اسم “خان” ووزراء حكومته في قائمة المنع من السفر.. لماذا حدث الآن بالتحديد وهل لمحور الشر بالمنطقة “السعودية والإمارات” دور في الإطاحة بـ “خان”؟

 

عزل عمران خان 

بعد حجب الثقة عن “عمران خان” وحكومته، بات مصيره شبه محسوم إذ يُتوقع أن تقر الجمعية الوطنية مذكرة حجب الثقة لأن بعض حلفائه في الإئتلاف انشقوا عنه، كما أعلن أعضاء من حزبه “حركة انصاف” أنهم سيصوتون لصالح تأييد حجب الثقة عنه، في المقابل المعارضة باتت تمتلك 177 صوتاً بينما كانت تحتاج 172 صوتاً للحصول على الغالبية والإطاحة بالحكومة.

من جانبه، أعلن “عمرن خان” أنه سوف يقاتل إلى اللحظة الأخيرة، محذراً من أن الولايات المتحدة وقوى أخرى تسعى لزعزعة استقرار باكستان.

 

الابتزاز الاقتصادي

في ديسمبر 2020 انتشرت أخبار حول ضغوط تمارسها بعض الدول بجانب الولايات المتحدة الأمريكية على باكستان من أجل الاعتراف بالكيان الصهيوني وهذا ما رفضه خان، وهدد وقتها بالإفصاح عن دول تجمعها ببلاده علاقة طيبة تمارس ضغوطاً عليه من أجل الاعتراف بإسرائيل، فيما أكد خبراء حينئذ على أن هذه الدول هي السعودية والإمارات اللاتي شرعا في زعزعة استقرار الأنظمة المستقلة في المنطقة.. أما عن طبيعة الضغوط التي تحدث عنها خان ولم يفصح عنها فهي تتعلق بديون باكستان لدى السعودية حيث أن الاخيرة قدمت لبلاده قروضاً منخفضة الفائدة.

في ظل عجز باكستان عن سداد ديونها لصندوق النقد الدولي بجانب تحقيقات العمل المالي لمنع غسيل الأموال هذه من جهة ومن جهة أخرى فقد وضعت السعودية والإمارات قيود على عمالة باكستان لديها للحد من توارد العملة الأجنبية من خارج باكستان إلى داخلها، كل هذا مثل ضغوط كبيرة على “عمران خان” وحكومته في ظل ابتزاز اقتصادي ممنهج من السعودية والإمارات، علاوة على ذلك فهناك مواقف لا تنساها دول الخليج لخان من حيث دعمه للقضية الفلسطينية وكذلك دعمه قطر في الحصار المفروض عليها من دول الخليج، وهو ما جعل الإمارات تسحب ودائعها بشكل مفاجئ من باكستان كنوع آخر من أنواع الابتزاز الاقتصادي.

 

عبث الإمارات بباكستان 

بعدما وضحت مواقف “عمران خان” وتوجهاته، بدأت الإمارات ومن ورائها السعودية في محاولتها المعهودة لإسقاط الرجل، فبعد اتخاذها المواقف العلنية من وضع القيود على العمالة الباكستانية وطلبها إعادة ودائع بمليار دولار في ظل الأزمة الإقتصادية التي ورثها “عمران خان” عن أسلافه فقد عمدت إلى العبث بباكستان في الخفاء، وهو ما كشفت عنه مصادر دبلوماسية وهو استهداف الإمارات لحكومة “عمران خان” في مسعى منها لإسقاطها بعد رفضه إشهار التطبيع مع إسرائيل بطلب من أبوظبي، كما أكدت المصادر أنه تم اكتشاف لخلايا اماراتية استخباراتية في باكستان في ظل تصعيد سياسي وإعلامي بين البلدين والتي أكدت على أن الأسابيع الأخيرة قد شهدت توجيه الإمارات مبالغ مالية كبيرة للمعارضة الباكستانية لسحب الثقة من حكومة “عمران خان”، وهو ما يذكرنا بما فعلته بمصر بتمويلها لحركة تمرد التي في النهاية كانت الشرارة الأولى لإسقاط الرئيس المصري محمد مرسي.

عمران خان.. لماذا يريد أعدائه التخلص منه 

بعد عرض الأساليب التي استخدمتها الإمارات والسعودية لعرقلة مسيرة “عمران خان”، هل هذه الدوافع كانت كافية للشروع في إسقاط خان؟! ..

بالطبع لا، “عمران خان” ليس رئيس وزراء عادياً فقد أظهر شجاعة استثنائية وتحدى المصالح الخاصة، وحاول اجتثاث الفساد وصاغ سياسة خارجية جديدة ومستقلة، كما جاهد من أجل الخروج من الأزمات الاقتصادية المتتالية دون أن يتخلى عن مبادئه حتى في أحلك الظروف، فرغم علاقته الجيدة بالصين التي حاول أن يفتح مجال للعلاقات بين بلاده وبينها بعدما خذلته دول الخليج فقد التزم الصمت في أمر الإيغور على عكس الكثير مما شجع الصين في أفعالها ضد أقلية الإيغور.

علاوة على ذلك فقد أدان “عمران خان” الحرب في اليمن وهو ما جعل دول الخليج تضيق به ذرعا، بالإضافة إلى أنه عرض حكمه للخطر برفضه أن يكون “بيدق” تحركه أمريكا، وفوق كل شيء فقد كسر خان قالب نظام الحزبيين الفاسد وحارب الفساد الذي هيمن على السياسة الديمقراطية في باكستان لعقود.