باسم الشجاعي

مجددا تصدر اسم المعارض القطري الهارب “خالد الهيل”، وسائل إعلام دول الحصار، ولكن ليس لمهاجمة الدوحة وأميرها “تميم بن حمد”، هذه المرة وإنما تحت مزاعم أنه مختفي منذ ما يقرب من شهر.

وتتزامن تلك المزاعم في الوقت الذي تتجه أنظار العالم نحو تركيا التي بدأت في تضييق الخناق على ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، بسبب تورطه في اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”، داخل سفارة المملكة في مدينة إسطنبول التركية مطلع الشهر الماضي.

عقدة قطر

الملفت للانتباه في الأنباء المزعومة والمتداولة حول اختفاء “الهيل”، أنها نشرت بعبارات واحدة وصياغة شبه متقاربة، على المنصات الإعلامية لدول الحصار على قطر، مايعني أنها حملة ممنهجة للنيل من سمعة الدوحة.

وفي محاولة لإلصاق التهم بقطر قامت الأذرع الإعلامية لدول الحصار، بنشر فيديو قديم للهيل وهو يعلن اعتذاره لأمير قطر الحالي.

ولكن بالتدقيق والبحث فإن الفيديو سجله “الهيل” العام الماضي، والذي زعم وقتها أن النظام القطري أجبره على ذلك بعد أن قام بسجن زوجته ومساومته على الاعتذار للأمير “تميم بن حمد” مقابل الإفراج عنها.

وللفت الانتباه دخل نائب مدير عام قطاع الأمن العام بإمارة دبى السابق، ضاحى خلفان، على الخط،  وتساءل في تغريدة على حسابه على موقع “تويتر”، قائلاً :”وين خالد الهيل ؟!”

وأعاد “خلفان” المثير للجدل نشر تدوينة لخالد الهيل كان قد قال فيها إنه وصلته معلومات من مصادر مطلعة بدولة قطر تحذره من الاختطاف زاعما أن الدوحة من الممكن أن تقوم بتخديره ووضعه على متن طائرة.

سيناريو متكرر

شكوك كثيرة تدور حول مصير “الهيل” وربما يكون هو نفس المصير الذي لاقاه خاشقجي على يد أفراد تابعين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أراد أن يثير أزمة لأنقره إلا أن المخابرات التركية كانت له بالمرصاد فانقلبت اللعبة عليه.

تعرف الإمارات أن ورقة “الهيل” احترقت وربما يورطهم في كثير من الأزمات إذا ما استطاعت الدوحة إستعادته، حيث أن الهيل يعرف الكثير من كواليس الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات ومصر والبحرين قبل أكثر من عام ونصف على قطر.

ولا يتوقف الأمر على معرفة الكثير من الكواليس فقط بل كان الرجل مشاركا في جزء كبير من اللعبة التي يديرها بن زايد ويحرك فيها أشخاصا كثيرين من أجل إسقاط دولة قطر وسرقة ثرواتها.

ويدعم هذا الطرح أن تحركات “الهيل” لا يمكن أن تتم دون الرجوع إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية، التي تموله.

وعزا المتابعين اتخاذ هذه الخطوة للفشل الذريع الذي مني به “الهيل” خلال الأيام الماضية في حشد الأصوات ضد بلاده، وخيبة الأمل الكبيرة التي لاحقت دول الحصار بعدما غمرته بالأموال ورأت فيه فرصة استثمارية كبيرة للتشنيع على الجارة الخارجة عن الهيمنة، قطر.

وإذا ما صحت المزاعم حول تورط بن زايد في أمر اختفاء “الهيل” فإن ذلك سيكون له عواقب وخيمة على دولة الإمارات وخاصة بن زايد الذي توارى عن الأضواء بعد أزمة خاشقجي.

هذه الأحداث وغيرها يعيد للأذهان ما فعله بن زايد مع الشيخ “عبدالله بن علي آل ثاني”، الذي اختطفته الإمارات والسعودية، للضغط على دولة قطر.

حيث فضحت صحيفة “الشرق” القطرية اللعبة بنشر تسجيلات صوتية للشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، يكشف فيها عن خفايا محاولة انتحاره، ودور ولي عهد السعودية وولي عهد أبو ظبي في الأزمة.

وقال الشيخ عبدالله في الاعترافات المسجلة إنه قام بتسجيل تلك الاعترافات يوم 15 يناير الجاري، وذلك بعد يوم من بث فيديو قال فيه إنه محتجز من قبل “محمد بن زايد”، وهو ما يعني إنه قام بتسجيلها في أبو ظبي.

وكشف الشيخ عبدالله أن الأزمة  الخليجية قائمة على رغبة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد”، في الحصول على ثروة قطر، داعيا القطريين إلى المحافظة على السلطة في بلادهم، وعدم تخريب بلادهم من أجل الأموال، كاشفا أنه تعرض لضغوط شديدة وتهديد مستمر للرضوخ لمؤامرة بن زايد وبن سلمان، إلا أنه رفض.

مآرب أخرى

هناك تصور أخر ذهب له  البعض، وهو أن السلطات الإماراتية والسعودية تسعى للضغط على دولة قطر، خاصة أنها تربطها علاقات قوية بتركيا.

وتريد الإمارات والسعودية للضغط على قطر التي بدورها ستضغط على تركيا لكي تتخلى عن مطالبها الخاصة بقضية “جمال خاشقجي”.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تضيق فيه تركيا الخناق على ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، والتي تشير أصابع الاتهام له بأنه المسؤول الأول عن اغتيال “جمال خاشقجي”.

و”السبت” الماضي قال الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” إن بلاده أطلعت كلا من السعودية والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا على تسجيلات قتل “خاشقجي” داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في الثاني من الشهر الماضي.

ومن المؤكد أن هذه التسجيلات الصوتية ستشكل مزيدًا من الضغوط على إدارة الرئيس الأميركي “​دونالد ترامب”​ التي لها علاقات وثيقة بولي العهد السعودي، مايعني أنه قد يتخلى عنه في أقرب وقت.

ويعتبر ولي العهد السعودي أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” خان المملكة من خلال الكشف عن تفاصيل التحقيق ورفض جميع المداخلات من المبعوثين السعوديين، بما في ذلك عرض دفع الدية، وفق ما نقلت “مارتن شولوف” مراسل صحيفة  “الجارديان” البريطانية بالشرق الأوسط.