أعلنت هيئة حقوق الإنسان الرئيسية التابعة للأمم المتحدة عن اعتزامها فتح تحقيقاً في السياسات العنصرية والقمع المنهجي الممارس من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين في الداخل الأخضر وفي جميع المدن الفلسطينية الأخرى، هادفة بذلك إلى تحديد الأسباب الجذرية وراء إراقة الدماء في غزة مؤخراً.

 

وكان اقتراحاً قد تم تقديمه من قبل الدول الإسلامية الأعضاء لفتح تحقيقاً في تلك الجرائم، ليوافق المجلس المؤلف من 47 عضوا يوم الخميس على هذا الاقتراح الخاص بمستويات غير مسبوقة من التحقيق في الانتهاكات المزعومة والتي تشكل جريمة حرب على حد قول المجلس.

 

نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن منسقة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليت، قولها في افتتاح الجلسة في جنيف إن الهجمات الإسرائيلية على غزة هذا الشهر يمكن أن تشكل جرائم حرب إذا تبين أنها غير لم تلتزم بالقانون الدولي.

وكنوع من الحياد، اتهمت باشليت -رئيسة تشيلي السابقة- حماس بإطلاق صواريخ عشوائية على إسرائيل قائلة إنه “لا شك في أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن مواطنيها وسكانها”، لكنها شددت على أن للفلسطينيين نفس الحقوق أيضاً، مؤكدة على أن وموت وجرح أطفال في العدوان الأخير مصدر عار للجميع.

 

وفي أسوأ عدوان منذ سنوات، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 250 شخصًا في غزة، بمن فيهم 66 طفلاً

 

ومع ذلك، وطبقا للقرار، دعت وكالة الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة على وجه السرعة للتحقيق في جميع “الانتهاكات”، ليس فقط المرتكبة في غزة، ولكن أيضا في الضفة الغربية والقدس والداخل الأخضر.

 

وبحسب القرار فإن اللجنة ستحقق في “جميع الأسباب الجذرية الكامنة وراء التوترات المتكررة وحالة عدم الاستقرار الدائمة وإطالة أمد الصراع، بما في ذلك التمييز المنهجي والقمع على أساس الهوية القومية، أو العرق أو الدين”.

 

في ملاحظاتها الافتتاحية، أكدت باشليت أن العنف في غزة “مرتبط بشكل مباشر” بالاحتجاجات في القدس التي بدأت قبل أسابيع، والتي قالت إنها قوبلت “برد عنيف من قبل القوات الإسرائيلية”.

 

وأضافت أن عاملين أساسيين أديا إلى التصعيد: الأول الإجلاء الوشيك للفلسطينيين أو بمعني أدق التهجير القسري الذي يهدد أهالي حي الشيخ جراح، والثاني هو استخدام إسرائيل “للقوة المفرطة” ضد المتظاهرين الفلسطينيين، والمصلين المسلمين داخل المسجد الأقصى، ثالث أقدس الأماكن في الإسلام.

 

وشددت باشليت على أن وقف إطلاق النار المعلن منذ الجمعة الماضية ليس كافياً، بل “يجب أن تكون هناك عملية سلام حقيقية وشاملة لمعالجة هذه الأسباب الجذرية وإنهاء الاحتلال”.

 

بطبيعة الحال لم تعجب هذه الإجراءات الجانب الإسرائيلي، حيث انتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما قال إنه مثال “مخجل” على “هوس المجلس الصارخ المناهض لإسرائيل”.

وأضاف “مجدداً، تقوم أغلبية غير أخلاقية في المجلس بتبييض أفعال منظمة إرهابية [في إشارة لحماس] التي تهدف إلى إبادة جماعية للمدنيين الإسرائيليين وتحويل المدنيين في غزة إلى دروع بشرية” -على حد قول نتنياهو الذي قال وصف ما يحدث بالمهزلة التي “تسخر من القانون الدولي”.

 

القرار الأممي جاء بعد تحركات بعض الدبلوماسيين والهيئات الدولية لإعادة تأطير الأزمة وسط نقاش عالمي متطور حول العنصرية والعنف في سياق سيطرة إسرائيل على ملايين الفلسطينيين منذ عقود.

 

في تصريح له يوم الأحد، أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان أن السياسات الإسرائيلية الحالية ستؤدي إلى الفصل العنصري، وهو وصف تم اتهام النظام الإسرائيلي به من قبل الجماعات الحقوقية المختلفة وليس على مستوى الحكومات -حتى الآن.

 

بالإضافة إلى ذلك أيدت الحكومة الأيرلندية -الأربعاء- اقتراحاً يدين “سياسات الضم الفعلي الإسرائيلية للأراض الفلسطينية”، فيما قالت إنه أول استخدام لهذه العبارة من قبل حكومة في الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بإسرائيل.

 

من جانبه، شرح وزير الخارجية الإيرلندي، سيمون كوفيني، موقف بلاده قائلاً إنه سببه يعود إلى ما وصفه بالمعاملة الإسرائيلية “غير المتكافئة بشكل واضح” للشعب الفلسطيني، مضيفاً “الوتيرة المتسارعة للإجراءات الإسرائيلية بشأن التوسع الاستيطاني والنية وراء ذلك أوصلتنا إلى نقطة نحتاج فيها إلى أن نكون صادقين بشأن ما يحدث بالفعل على أرض الواقع… إنه ضم فعلي”.

 

رداً على التصريحات الفرنسية والإيرلندية، نفت إسرائيل بشدة مزاعم الفصل العنصري واستدعت السفير الفرنسي يوم الخميس، كما غرد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلي، ليئور هايات، بأن “موقف أيرلندا الفاضح الذي لا أساس له” يعكس “سياسة صارخة أحادية الجانب”.

 

تتناقض التصريحات الفرنسية والإيرلندية بشكل صارخ مع تصريحات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللذين حافظا على دعمهما طويل الأمد لإسرائيل، حيث صوتت المملكة المتحدة ضد قرار الخميس، الذي حصل على 24 صوتًا لصالحه، وعارضه تسعة، وامتنع 14 عن التصويت، أما الولايات المتحدة فليست عضواً في هذا المجلس.

 

كما اتهمت إسرائيل وحلفاؤها، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بالتحيز ضد إسرائيل، إذ أن قرار الخميس يُعد فريداً من نوعه، حيث تم إنشاء أول لجنة تحقيق مفتوحة للمجلس.

 

تعليقاً على هذا قال خليل هاشمي، سفير باكستان لدى الأمم المتحدة في جنيف، في تصريحات صحفية “إن أعمال العنف الأخيرة ليست سوى أحدث حلقة في حلقة طويلة”، مضيفاً أن “التحقيق يجب أن يستمر بصفة دائمة”.

 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا