منذ صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم في المملكة العربية السعودية عام 2017، فرض ولي العهد الشاب قبضة أمنية محكمة في جميع أرجاء بلاد الحرمين، فشن حملات اعتقالات طالت عدد كبير من المفكرين والدعاة والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

علاوة عن ذلك أحكم قبضته على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى بات المواطن السعودي يخشى كتابة كلمة واحدة ينتقد بها السلطة على موقع تويتر أو غيره.

كما قام ولي العهد بالتنكيل بأقاربه وأبناء عمومته وزج بهم في غياهب السجن، ليظهر للجميع أن حاكم السعودية الفعلي وملكها المرتقب لن تأخذه رحمة أو شفقة بأي من معارضيه حتى ولو كانوا من أقاربه من العائلة الحاكمة.

ويبدو أن ولي العهد لم يكتف بهذا القمع الذي أقامه على أراضي المملكة بل امتد الأمر للتنكيل بالمعارضين في الخارج، فبين القتل والتنكيل والترهيب والتجسس بقي حال المعارضين السعوديين خارج حدود المملكة.. فكيف طاردت السعودية معارضيها في الخارج؟!.

الهجوم بشراسة 

أكدت تقارير حقوقية أن المملكة العربية السعودية تخوض هجومًا شرسًا ضد مواطنيها المعارضين في الخارج الذين لاذوا بالفرار هربًا من بطش ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

أشهر وأهم القضايا التي أحدثت ضجة كبيرة وكشفت عن الوجهة الحقيقي لولي العهد هي قضية اغتيال الصحفي الراحل جمال خاشقجي والتي جرت في أكتوبر عام 2018.

أرسل بن سلمان فرقة اغتيال استدرجت الصحفي الشهير إلى قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية وقامت بقتله خنقًا وتقطيع أوصاله في واقعة استدعت زمن العصور الظلامية لكنها دلت على فكر ولي العهد وطريقة حكمه بعد عام من تولي السلطة.

قُتل خاشقجي وأُخفيت جثته لكنه ذاع صيته في العالم أجمع ليهدد بن سلمان في قصره، لكن ذلك لم يردع ولي العهد الذي استمر في التنكيل بالمعارضين واستخدم كل الوسائل في التضييق عليهم ومراقبتهم والتجسس عليهم.

الترحيل 

سعى محمد بن سلمان إلى تَسلّم المعارضين في الخارج عن طريق بعض العلاقات مع أنظمة ديكتاتورية تشبه إلى حد كبير نظام بن سلمان، بصورة وصفتها تقارير حقوقية أنها أكبر حملات قمعية لمعارضي نظام في الخارج.

اتفق بن سلمان مع رئيس الإمارات محمد بن زايد على ترحيل المعارضين في بلاده وهو ما واجهته الناشطة لجين الهذلول التي قامت شرطة أبوظبي بالقبض عليها وترحيلها لتواجه مصير السجن والتعذيب في المملكة العربية السعودية.

تكررت تلك الوقائع في أكثر من دولة وعلى رأسها المغرب التي يساعد ملكها محمد السادس ولي العهد في قمعه وتنكيله بالمعارضين، فمنذ أقل من عام تم ترحيل المواطن أسامة الحسني وهو سعودي يحمل الجنسية الأسترالية في عام 2021.

مؤخرًا أطلقت منظمة هيومن رايتس ووتش حملات واستغاثات تدعو من خلالها دولة المغرب بوقف عملية ترحيل المواطن السعودي حسن آل ربيع والذي تم توقيفه فيها بسبب مذكرة قدمتها الحكومة السعودية.

آل ربيع تم القبض عليه في المملكة قبل أن يتم الإفراج عنه ولاذ بالفرار بعد أن تم إعدام اثنين من أبناء عمومته بتهم وصفتها المنظمة بالـ “الواهية”.

الخلاصة أن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لم يكتف ببسط سيطرته على المملكة داخليًا بل إنه يريد تكميم الأفواه خارجيًا أيضًا ويستخدم علاقته بالأنظمة الديكتاتورية للنيل من معارضيه سواء بالقتل أو الترحيل أو الترهيب.

اقرأ أيضًا : تراجع حاد للاستثمار الخارجي في المملكة العربية السعودية.. ما دلالة ذلك؟!