إن إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية يُعد أمراً مروعاً، وإضافة لسجل إدارة ترامب المخزي فيما يتعلق بحقوق الانسان.

لقد فعلت واشنطن كل ما في وسعها لمساعدة حكومة إسرائيل اليمينية من جهة، ولمعاقبة الفلسطينيين ودفن حل الدولتين من جهة أخرى، سواء بنقل سفارتها إلى القدس، أو إيقاف تمويل وكالة اللاجئين الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.

إدارة ترامب لم تقم بتلك التدابير إلا لتعزيز مكانة بنيامين نتنياهو وضمان استمرار دعم دونالد ترامب بين الإنجيليين، حيث يتشبث نتنياهو بالسلطة، التي ينافسه فيها بشراسة بيني غانتي – الذي رحب أيضًا بالقرار الأمريكي – لتشكيل حكومة منافسة. هناك انتخابات إسرائيلية أخر ، وهي الثالثة في أقل من عام، ومن المتوقع صدور قرار المدعي العام بشأن ما إذا كان سيتم ادانة نتنياهو بالفساد المتهم به في غضون أيام.

على صعيد آخ، في الولايات المتحدة، يرحب السيد ترامب بالتأكيد بإحالة الأمر من جلسات الاستماع إلى المساءلة.

التصريح بقانونية المستوطنات الإسرائيلية هو أحدث الجهود التي تبذلها الإدارة لتدمير النظام الدولي القائم على قواعد معينة، فالتصريح رمزي أكثر منه عملي، فالمستوطنات لا تزال غير قانونية؛ وتصريحات ترامب لن تغير القانون الدولي، كما أن الأساس المنطقي المزعوم، أن إدانتهم على أنهم غير شرعيين لم يحقق السلام.

وكما قال جيريمي بن عامي، رئيس جماعة الضغط الليبرالية المؤيدة لإسرائيل، جي ستريت، “إن القيام بذلك لمدة 52 عامًا لا يجعله قانونيًا، بل يجعله أسوأ”.

وعلى الرغم من أن المستوطنات ازدهرت بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة بصرف النظر عن القيود الدولية، وأن الحكومات الأمريكية السابقة لم تقم بأكثر من الإدانة والشجب، إلا أن الجهات والهيئات المختلفة في الولايات المتحدة اتخذوا موقفاً أكثر جدية وتم التصويت لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بوقف كل البناء في الأراضي المحتلة، بدلا من استخدام حق النقض، كما قام جون كيري بشن هجوم قوي على حكومة السيد نتنياهو.

ومع ذلك، اتخذت الإدارة الأمريكية الحالية مساراً مختلفاً، لم تنفصل به عن عقود من السياسة فحسب بل انشقت عن معظم حلفائها، حيث سارع الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التأكيد على أن كل النشاط الاستيطاني غير قانوني، وأنه يقوض قابلية حل الدولتين وإمكانية السلام الدائم، كما سارع المرشحون الديمقراطيون للرئاسة إلى مهاجمة هذا الإعلان، حيث تعهدت إليزابيث وارن بإلغائه.

اعلان الإدارة الامريكية بقانونية المستوطنات الإسرائيلية يشجع على يشجع السلطات الإسرائيلية على مزيد من التوسع في تلك السياسة وضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، ويؤكد على أن الولايات المتحدة تتخلى عن دورها كوسيط،  فإذا أرادت حقًا في مواجهة الحقائق، فعليها الاعتراف بأن دولة واحدة لن تكون يهودية وديمقراطية على حد سواء.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا