قررت شركة أرامكو السعودية، يوم الأحد الماضي، بيع 1.5% من أسهمها بناء على نطاق سعري للسهم الواحد بين 30 و32 ريالاً (8 و8.5 دولارات)، بعد تأجيله مرَّتين، ما يعني أنها ستحصّل 24 مليار دولار على الأقل من البيع، وهو ما يشكل إحباطًا حقيقيًا لخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

جاء نطاق سعر الأسهم مخالفاً للخطط الأصلية التي كان قد أعلن عنها وطمح إليها بن سلمان، في العام 2016، إذ تمتلك أرامكو 200 مليار سهم، ما يعني أن قيمتها تحددت بين 1.6 و1.71 تريليون دولار، وهو أقل من عتبة تريليوني دولار.

وأكدت الشركة، في بيان لها، أن فترة الاكتتاب بدأت اليوم، وستستمر حتى الرابع من ديسمبر القادم للمكتتبين من فئة الشركات والمؤسسات، بينما تنتهي فترة اكتتاب الأفراد في 28 نوفمبر الحالي، وأوضحت الشركة أنه سيتم تحديد سعر الطرح النهائي في نهاية فترة تسجيل الأوامر، واكتتاب شريحة المكتتبين الأفراد سيكون بسعر الحد الأعلى للنطاق السعري وهو 32 ريالاً.

وستحدّد الشركة، التي تضخ نحو 10% من النفط العالمي يوميًا، في الخامس من ديسمبر، السعر النهائي للسهم الواحد، على أن يبدأ التداول الفعلي في السوق المالية المحلية بعد ذلك بأيام، وسبق أن تأجل طرح “أرامكو” مرتين في مناسبات سابقة، حيث كان ولي العهد السعودي يمنّي النفس بأن يتم تقييم “أرامكو” بتريليوني دولار، لكن وكالة “بلومبيرغ” أكدت في تقرير لها، نُشر السبت 2 نوفمبر الجاري، أن بن سلمان وافق على الطرح أخيرًا بأقل من القيمة المنشودة.

الاستثمار في أرامكو مخاطرة كبيرة

جاءت موافقة بن سلمان “الاضطرارية” تزامنًا مع انتشار أنباء سلبية حول أن الاستثمار في “أرامكو” محاط بمخاطر كبيرة، تدركها الدول والشركات الاستثمارية، وهي السبب الذي قد يجعلها تعزف عن الاستثمار فيها بالحماسة التي تتوقعها الرياض، حيث تتمثل الضربات الصاروخية التي استهدفت منشأة أرامكو والتي تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار الأسعار وقدرة المنشأة على استمرار الإنتاج.

ويعد أيضًا غياب البيئة الاستثمارية الآمنة في السعودية، خاصة بعد إلقاء ولي العهد السعودي القبض على عشرات من المليارديرات السعوديين والمستثمرين، ووضعهم في السجن دون أي مسوغات قانونية؛ ومن ثم الحصول منهم على تسويات بقيمة  100 مليار دولار دون أي إجراءات قانونية على الإطلاق، سبباً آخر يبعد المستثمرين عن السعودية، ويضاف إلى ذلك أن حجم شركة أرامكو الكبير، ووصولها إلى طاقتها الإنتاجية الكبرى (قرابة 10 ملايين برميل يوميًا) يقللان من جدوى الاستثمار فيها، خاصة بعد التقيد باتفاقية خفض الإنتاج.

فضلًا عن هذا، فإن انخفاض صافي دخل “أرامكو” بنسبة 12٪، في النصف الأول من عام 2019، يثير الشكوك حول المستقبل المالي للشركة، فوفق التحليلات المحاسبية، فإن السعر المقيّم من طرف ولي العهد السعودي، البالغة قيمته تريليونَي دولار، مبالَغ فيه، حيث تشير تلك التقارير إلى أن القيمة الحقيقية 1.5 تريليون فقط، وفي ظل توجُّه العالم نحو الطاقة النظيفة، واستمرار معاناة معظم شركات البترول العملاقة وخضوعها لسيطرة الدولة؛ فإن استثمار 1.5 تريليون في هذا المجال يعتبر مخاطرة.

7 أسباب تمنع الشركات العالمية من الاستثمار في أرامكو

اعتبرت مجلة “فوربس” الأمريكية اعتبرت في تقرير لها، أن الاستثمار في “أرامكو” محاط بمخاطر كبيرة، تدركها الدول والشركات الاستثمارية، وهي السبب الذي قد يجعلها تعزف عن الاستثمار فيها بالحماسة التي تتوقعها الرياض، ويمكن تلخَّيص الأسباب التي تمنع الاستثمار في “أرامكو”، بحسب ما أوردته “فوربس” في السبع نقاط التالية:

المخاطر الجيوسياسية، وتتمثل في الضربات الصاروخية التي استهدفت منشأة أرامكو والتي تشكل خطراً كبيراً على استقرار الأسعار وقدرة المنشأة على استمرار الإنتاج. وفي ظل استمرار  الحرب على اليمن، فإن هذه المخاطر ستظل قائمة.

عدم النمو، إذ أن حجم شركة أرامكو الكبير، ووصولها إلى طاقتها الإنتاجية الكبرى (قرابة 10 ملايين برميل يومياً) يقللان من جدوى الاستثمار فيها، خاصة بعد التقيد باتفاقية خفض الإنتاج، فضلاً عن هذا، فإن انخفاض صافي دخل “أرامكو” بنسبة 12٪، في النصف الأول من عام 2019، يثير الشكوك حول المستقبل المالي للشركة.

عملية التقييم، فوفق التحليلات المحاسبية، فإن السعر المقيّم من طرف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، البالغة قيمته تريليونَي دولار، مبالَغ فيه، حيث تشير تلك التقارير إلى أن القيمة الحقيقية 1.5 تريليون فقط.

انتهاء عصر النفط.. بدائل أكثر جدوى، فلا شك في أن توجُّه الصناعات اليوم إلى استخدام الطاقة البديلة والنظيفة سوف يجعل مستقبل الاستثمار في قطاع النفط مخاطرة عالية، ففي ظل توجُّه العالم نحو الطاقة النظيفة، واستمرار معاناة معظم شركات البترول العملاقة وخضوعها لسيطرة الدولة؛ فإن استثمار 1.5 تريليون في هذا المجال يعتبر مخاطرة.

سوء معاملة المستثمرين، إذ أن غياب البيئة الاستثمارية الآمنة في السعودية، خاصة بعد إلقاء ولي العهد السعودي القبض على عشرات من المليارديرات السعوديين والمستثمرين، ووضعهم في السجن دون أي مسوغات قانونية؛ ومن ثم الحصول منهم على تسويات بقيمة  100 مليار دولار دون أي إجراءات قانونية على الإطلاق، وعليه فمن الصعب تدفق رأس المال الأجنبي إلى بيئة استثمارية لا يُعامل فيها بشكل جيد ويحميه حكم القانون، ففي عام 2016 جذبت المملكة العربية السعودية 7.4 مليارات دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، وفي عام 2017 انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.4 مليار دولار.

البحث عن أسواق أخرى أكثر أمنًا، فإذا كان يجب عليك امتلاك أصول النفط والغاز، فمن الأفضل أن تكون في أماكن مستقرة سياسياً، مثل تكساس أو نيومكسيكو؛ حيث حقوق الملكية مقدسة، والعقود التي تتمسك بها تحت سيادة القانون، واحتمالية الضربات الصاروخية الإيرانية متلاشية، فهناك عديد من الشركات التي تطرح الاكتتاب في هذا القطاع، وجميعها لديها مساحة أكبر بكثير للنمو من شركة أرامكو السعودية، وليست مثقَلة بالضغط  كما هو الحال في عملاق النفط السعودي.

انتهاكات حقوق الإنسان، فما تزال تداعيات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي -الذي اغتيل بقنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر من العام الماضي- حاضرة إلى اليوم، ومن غير المعقول الاقتناع بأداء ولي العهد السعودي في هذا المجال بمجرد منحه مساحة أكبر للحريات، وهو يعتقل عديدًا من الناشطات الحقوقيات..