تتسارع خطوات التعاون بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والنظام الإماراتي بوتيرة ربما فاجأت بعض مؤيدي التطبيع أنفسهم، حيث التقى رئيس الاحتلال، إسحاق هرتسوغ، يوم الأحد، ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، الذي يُعد الحاكم الفعلي للإمارات، في أول زيارة من نوعها لرئيس إسرائيلي إلى الدولة الخليجية المطبعة.

وأتت هذه الزيارة بعد نحو شهر واحد من زيارة قام بها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إلى الإمارات، الشهر الماضي، ليكون بذلك أول رئيس حكومة في تاريخ دولة الاحتلال المحدود، الذي يزور الإمارات بشكل رسمي وعلني.

وجهز النظام الإماراتي استقبالًا حافلًا لرئيس كيان الاحتلال، فقد كان في استقباله وزير الخارجية، عبدالله بن زايد آل نهيان، قبل أن يستقبله محمد بن زايد في قصر الوطن الرئاسي إلى جانب وزراء ومسؤولين إماراتيين. ومن الواضح أن هذا الاستقبال لفت نظر “هرتسوغ”، الذي كتب في تغريدة عبر حسابه في تويتر بعد هبوطه: “لقد شعرنا بالسرور والتأثر بشدة بالترحيب الحار في أبو ظبي من قبل وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد”.

 

تحالف عسكري بين الطرفين

ومنذ أن طبعت العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر أيلول / سبتمبر 2020، تقوم الإمارات بإبرام اتفاقيات تعاون في مختلف القطاعات مع الاحتلال، هذا فضلًا عن تبادل الزيارات بين المسؤولين على كل المستويات الحكومية. 

لكن من اللافت أن هذا التعاون بين الطرفين طال أيضًا الجانب العسكري والأمني. فقبل نحو شهرين زار قائد القوات الجوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، عميكام نوركين، الإمارات، حيث شارك في عدد من الفعاليات. وحينها صرح جيش الاحتلال أن زيارة المسؤول الصهيوني إلى الإمارات تأتي “استكمالًا لزيارة قائد القوات الجوية الإماراتية اللواء، إبراهيم ناصر محمد العلوي (إلى الكيان الصهيوني في إطار تمارين عسكرية مشتركة بين إسرائيل والإمارات).

وفي أثناء ذلك، أعلنت شركة “البيت سيستمز” الإسرائيلية للصناعات الدفاعية فتح فرع لها في الإمارات. وقالت حينها الشركة المصنعة للطائرات العسكرية المسيّرة من طراز “هيرميس” وأنظمة استطلاع كهروضوئية في بيان إنها أنشأت الفرع من أجل “إنشاء تعاون طويل الأمد مع القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة”.

 

عرض إسرائيلي لدعم الاستخبارات الإماراتية

ويبدو أن هجمات جماعة الحوثي الأخيرة على الإمارات التي أسفرت عن مقتل 3 عمال آسيويين، كانت ضمن المباحثات بين ابن زايد ورئيس كيان الاحتلال. ففي 18 يناير/ كانون الثاني، عرضت دولة الاحتلال دعمًا أمنيًا واستخباراتيًا للإمارات ضد المزيد من هجمات الطائرات بدون طيار بعد الضربة القاتلة التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران، وفقًا لرسالة نشرها هرتسوغ مؤخرًا.

وقال هرتسوغ خلال لقائه باين زايد في تصريحات نشرها مكتبه: “نحن نؤيد تمامًا متطلباتكم الأمنية وندين بجميع أشكالها ولغتها أي اعتداء على سيادتكم من قبل الجماعات الإرهابية”، مضيفًا: “نحن هنا معًا لإيجاد السبل والوسائل لتحقيق الأمن الكامل للأشخاص الذين يسعون إلى السلام في منطقتنا”. 

بدوره أكد ابن زايد أن “إسرائيل” والإمارات تجمعهما “وجهة نظر مشتركة بشأن التهديدات التي يتعرض لها الاستقرار والسلام في المنطقة، لا سيما تلك التي تشكلها الميليشيات والقوى الإرهابية”. والغريب أن مثل هذه التصريحات كانت تصدر قبل ذلك موجهة لدولة الاحتلال التي تمارس إرهابًا يوميًا على الشعب الفلسطيني وتحتل أرضه.

حتى إن عبدالله بن زايد نشر تغريدة على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر في 2014، ندد فيها بأعمال الكيان الإسرائيلي الإجرامية ضد أطفال فلسطين. وكتب ابن زايد: “إسرائيل تقتل الأطفال” بثلاث لغات وهي العربية والإنجليزية والعبرية، وأرفقها بصورة توضح المجازر المرتكبة بحق الأطفال الفلسطينيين.

لكن الآن وبعد التطبيع، أصبح مصطلح الإرهاب بعيدًا عن “إسرائيل” حسب وجهة نظر النظام الإماراتي. بل وأصبحت أبو ظبي جنبًا إلى جنب في محاربة القوى المعارضة للاستبداد في الشرق الأوسط.

 

رئيس كيان الاحتلال يستخدم الأجواء السعودية

وخلال ذهابه إلى الإمارات، استخدمت طائرة “هرتسوغ” الأجواء السعودية، الأمر الذي جعله يستغل هذه الفرصة ليلمح إلى سعي كيانه المحتل إلى التطبيع مع النظام السعودي. فقد وصف الرئيس الصهيوني مرور طائرة من سماء السعودية بأنها “حقًا لحظة مؤثرة للغاية”.

تصريحات “هرتسوغ” أتت بعد نحو أسبوع من قول وزير الخارجية الصهيوني، يائير لابيد، إن إسرائيل تتطلع إلى “توسيع اتفاقيات إبراهيم إلى دول أخرى” خارج الإمارات والبحرين والسودان والمغرب. حيث قال: “إذا سألتني ما هي الدول المهمة التي نتطلع إليها ، فإن إندونيسيا هي واحدة منها ، المملكة العربية السعودية بالطبع ، لكن هذه الأشياء تستغرق وقتًا”، مضيفًا أن “الدول الأصغر” -التي لم يحددها- يمكنها تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال في العامين المقبلين.

وما يؤكد أن السعودية تبادل دولة الاحتلال الرغبة في التطبيع هو أنه وخلال السنوات القليلة الماضية برز ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر المستخدم بكثرة في دول الخليج، في نشر تغريدات تهاجم فلسطين والفلسطينيين بشكل غير مسبوق. 

وعلى سبيل المثال هاجم الكاتب السعودي، تركي الحمد، المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، القضية الفلسطينية عبر إطلاق هاشتاغ “ببساطة.. فلسطين ليست قضيتي”. ثم أتبع هذه التغريدة بأخرى تدعو بن سلمان إلى التطبيع مع إسرائيل، كتب فيها “سيدي سمو الأمير محمد، طبّع، فكل غضب العرب زوبعة في فنجان. تهودت القدس، فماذا فعلوا، لا شيء.. هم لا يريدون حل القضية.. هم يريدون استمرار المظلومية والنوح على الهيكل”.

ومن الواضح أن النظام السعودي ينتظر اللحظة المناسبة فقط ليعلن تطبيعه مع دولة الاحتلال، إلا أن الأكيد أن السعودية عمقت علاقاتها السرية مع كيان الاحتلال منذ صعود ابن سلمان، الذي فتح المجال العام لكل مهاجم لقضية العرب والمسلمين الأولى: قضية فلسطين.