ينشط العديد من المسؤولين والنشطاء الإماراتيين على منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا منصة تويتر، ومن أهم هؤلاء المغردين الذين يتحدثون بلسان النظام الإماراتي، حمد المزروعي، الصحفي الإماراتي المقرب من ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات، محمد بن زايد. وقد عُرف عن المزروعي سلاطة لسانه، وأنه لا يستحي أن يتهم المعارضين الإماراتيين وكل مؤيدي ثورات الربيع العربي بأبشع التهم، بمن فيهم النساء. كما أن خطاب المزروعي ينم عن ضحالة في الفكر، وبعد تام عن اللغة الصحفية الرصينة.

كذلك، فإن من أبرز المغردين الإماراتيين التابعين لنظام أبو ظبي، ضاحي خلفان. وهو نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، كما أنه كان قائدًا عامًا لشرطة دبي ما بين 1980 – 2013، وعضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي، كما شغل منصب رئيس اتحاد الإمارات لألعاب القوى سابقًا، وشارك في إنشاء أول إدارة لرعاية حقوق الإنسان عام 1995، وهو عضو مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية. وكل هذه المناصب الرسمية تشي بمقدار قرب “خلفان” من النظام الإماراتي منذ عشرات السنين.

وبالتأكيد، فإن تغريدات خلفان وكل تصريحاته هي مؤيدة وداعمة لعيال زايد، كما أنه يتعدى حدود اللياقة في كثير منها، فضلًا عن الأخبار المفبركة التي ينشرها، لكنه يعتبر في العموم أهدأ لهجة بعض الشيء من اللهجة الفجة التي يتبعها حمد المزروعي. هذا علاوة على بعض التغريدات التي يظهر فيها خلفان وكأنه منعزل عن الواقع. فمثلًا، نشر خلفان مؤخرًا على حسابه في تويتر استفتاء حول إذا ما كان رئيس الوزراء السابق في دولة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سوف يوجه ضربة إلى إيران أم لا. هذا رغم أن نتنياهو قد فقد منصبه منذ شهور.

من هو عبد الخالق عبد الله؟

ومن أكثر المغردين الإماراتيين انتشارًا كذلك، هو عبد الخالق عبد الله. لكن ربما ما يميز “عبد الله” عن كل من المزروعي وخلفان، هو أن لديه خلفية أكاديمية. حيث شغل في السابق منصب أستاذ مشارك في قسم العلوم السياسية في جامعة “الإمارات العربية المتحدة”، ومستشار وحدة الدراسات في جريدة “الخليج”، والمشرف العام على “التقرير الاستراتيجي الخليجي”، ورئيس تحرير مجلة شؤون الاجتماعية، لنحو 10 سنوات. هذا بجانب كونه أحد المستشارين السابقين لمحمد بن زايد.

ومثل سابقيه، فإن الخط العام الذي يتخذه “عبد الله” في كتاباته هو تبرير سياسات النظام الإماراتي التخريبية في الإقليم، لكنه في ذلك، يستخدم لغة أكاديمية بعض الشيء، ويبتعد عن أسلوب سلفيه، وإن كان يشترك معهما في ذات الأفكار، وتأييد ذات السياسات.

لكن شهدت الفترة الماضية بعض التغريدات التي قد توصف بأنها “غير معتادة” من عبد الخالق عبد الله، والتي ربما يكون لها مدلولات تشير إلى تغير في آرائه. فعلى سبيل المثال، غرد الأكاديمي الإماراتي مؤخرًا منتقدًا سياسة أحد المؤسسات الإماراتية، قائلًا: “‏مؤسف عندما تتعامل مؤسسات وطنية مع التوطين باستخفاف وتعتبر الموظف الإماراتي كائن طفيلي يحتاج للاستئصال وتستبدله بوافد. وهذا آخر مثال: مؤسسات همها الربح وآخر اهتمامها التوطين ولا يعنيها استقرار وطن معطاء. الشعور بالغبن أخذ يتفاقم لدى شباب الإمارات الباحث عن عمل ولا يجده. ومعهم حق”.

تغريدة المستشار السابق لابن زايد جاءت تعليقًا على تغريدة أخرى لرئيس تحرير جريدة ” الخليج تايمز”، مصطفى الزرعوني، حيث أعلن فيها انتهاء علاقته بالجريدة بشكل كامل.

المسؤول الإماراتي يثني على قطر!

بجانب ذلك، كتب عبد الله عدة تغريدات مؤخرًا أثنى فيها على السياسات القطرية الخارجية. حيث قال: “‏‎قطر أكثر دولة حضورًا في ‎أفغانستان بعد انسحاب أمريكا على الصعيد السياسي والدبلوماسي والإمارات أكثر دولة تواصلًا مع أفغانستان على صعيد المساعدات الصحية والغذائية والإنسانية. دولتان خليجيتان تكملان بعضهما وتعززان  لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر. بقية الدول تراقب عن بعد”.

كما كتب في وقت سابق أن ‏‎”قطر هي الرابح الأكبر مما يجري في أفغانستان، وتحصد بذكاء نتائج حواراتها المباشرة مع حركة طالبان، وأي نجاح تحققه الدوحة هو نجاح للدبلوماسية الخليجية التي تقود العمل السياسي العربي اليوم. مبروك للأشقاء في قطر. هذا رابط حوار د لؤلؤة الخاطر (نائبة وزير الخارجية القطري) مع محطة سي إن إن”.

كذلك، فإنه وصف تركيا بأنها “صادقة” في توجهات سياستها الخارجية الأخيرة، فيما يخص تقاربها مع مصر والإمارات والسعودية. هذا الثناء المتكرر لدول تعد في المحور المضاد لسياسات الإمارات التخريبية في المنطقة، جعل البعض يتساءل حول دوافع “عبد الله” لكتابة مثل هذه التغريدات، وذهب البعض للتساؤل حول إمكانية أن يعاقبه النظام الإماراتي بسبب هذه التصريحات.

مَن حوّل موقفه.. “عبد الله” أم النظام؟

وفي محاولة لفهم ما وراء هذه التغريدات، نضع عدة أسباب محتملة. أولها هي أن السياسة الإماراتية نفسها تغيرت، وبالتالي جاءت تغريدات عبد الله في هذا السياق. والسبب الثاني، هو أن عبد الله نفسه قد تغير موقفه بعد التطورات الأخيرة، وأصبح منزعجًا من سياسات النظام الإماراتي.

ونبدأ بالسبب الثاني، الذي ربما يكون أقل احتمالًا، ذلك أن عبد الله دعم سياسات النظام الإماراتي الأكثر تطرفًا، حين شن نيران عداوته ضد قطر وتركيا والداخل الإماراتي المعارض. لذلك، فمن المستبعد أن يعارض المستشار السابق لابن زايد سياسات الإمارات الجديدة التي تحاول فيها تهدئة الأوضاع في المنطقة بشكل أو بآخر. كما أنه إن غير مواقفه بالفعل، فمن الصعب أن يفعل ذلك من داخل الإمارات، تحت أعين النظام الإماراتي المعروف ببطشه.

لذا، فإن السبب الأول هو الأرجح، وهو أن تغريدات عبد الله جاءت في سياق أكبر، وهو تغير سياسات النظام الإماراتي – بعض الشيء – تجاه قطر وتركيا. لكن هذا لا يعني أن عبد الله قد يتعرض لعقاب من نظام ابن زايد إذا تمادى في ذات الخط من التغريدات، وذلك لأن تغير سياسات الإمارات في الأصل في هذه الآونة هي تغيرات تكتيكية وليست استراتيجية.