اتجهت أنظار الكثير من الدول حول العالم إلى السودان، منذ أمس الثلاثاء، بعد الأنباء التي انتشرت حول محاولة انقلابية فاشلة قام بها أفراد من الجيش السوداني، وتصدت لها السلطات، ليتم وأدها بعد سويعات من بدايتها. 

حيث أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غويتيرش، محاولة الانقلاب في الخرطوم، في بيان منسوب إلى المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك. وقال غويتيرش، إن “أي جهد لتقويض الانتقال السياسي في السودان سيعرض للخطر التقدم الذي تم إحرازه بشق الأنفس على الجبهتين السياسية والاقتصادية.” 

ودعا الأمين العام جميع الأطراف إلى “مواصلة الالتزام بالعملية الانتقالية وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في مستقبل شامل وسلمي ومستقر وديمقراطي”، مؤكدًا أن “الأمم المتحدة تقف إلى جانب حكومة السودان وشعبه في هذا المسعى”.

وبدوره، أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس” فولكر بيرتس، بشكل قاطع المحاولة الانقلابية. ونقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا) عنه تأكيده على إدانة الأمم المتحدة لأي محاولة انقلابية أو غير ذلك لتقويض عملية الانتقال السياسي والديمقراطي والطبيعة التعددية للدولة، كما جاء في الوثيقة الدستورية.

وشدد المسؤول الأممي على رفض الأمم المتحدة لأية دعوات للقيام بانقلاب عسكري أو تبديل الحكومة الانتقالية بحكم عسكر، مؤكدًا دعم الأمم المتحدة المستمر بتقديم المساعدة والمشورة والدعم للحكم المدني الشامل في السودان. كما أكد على ضرورة استمرار جميع أصحاب المصلحة في الالتزام بالعملية الانتقالية الشاملة وتحقيق تطلعات الشعب السوداني نحو مستقبل سلمي ومستقر وديمقراطي.

 

أمريكا تجدد وقوفها مع الحكومة

وبالتأكيد، فإن أحد أهم المواقف الدولية التي يرقبها المتابعون في مثل هذه الأحداث، هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية، لما لها من ثقل دولي. وفي ذلك، أعلنت دول الترويكا، التي تضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة والنرويج، وقوفها بحزم خلف شعب السودان وحكومته الانتقالية، في أعقاب المحاولة الانقلابية.

وأصدرت هذه الدول بيانًا قالت فيه: “يجب على أولئك الذين يسعون لتقويض عملية الانتقال التي يقودها المدنيون أن يفهموا أن شركاء السودان الدوليين يقفون بحزم خلف شعب السودان وحكومته الانتقالية”. وتابع بيان الترويكا أن دولها “تعرب عن دعمها القوي لعملية الانتقال الديمقراطي للسودان، وترفض أي محاولات لعرقلة أو تعطيل جهود الشعب السوداني لإنشاء مستقبل ديمقراطي وسلمي ومزدهر”.

وأكد البيان على أنه من الواجب ” أن يعمل المكونان المدني والعسكري – وجميع الفاعلين السياسيين – معًا لمنع التهديدات التي تواجه الانتقال الديمقراطي، وإنشاء مؤسسات انتقالية، ومعالجة التوترات في الشرق والمناطق الأخرى”.​​​​​​​

وفي بيان منفصل، أكدت واشنطن على موقفها الرافض للانقلاب الفاشل، حيث قال متحدث وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة “تدين المحاولة الفاشلة التي قام بها عسكريون ومدنيون للاستيلاء على السلطة من الحكومة الانتقالية في السودان”. وأضاف أن “الإجراءات المناهضة للديمقراطية تهدد الدعم الدولي للسودان بما في ذلك العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة”، داعيًا إلى “تقديم المتورطين في محاولة الاستيلاء على السلطة إلى العدالة”.

 

رفض أوروبي وإفريقي

ومن جانبه، أدان الاتحاد الأوروبي المحاولة الانقلابية الفاشلة، وكتب ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أن “الاتحاد الأوروبي يدين بشدة محاولة الانقلاب التي وقعت اليوم (الثلاثاء) في السودان”، مضيفًا: “سنواصل دعم الحكومة الانتقالية في السودان في إحلال السلام والازدهار والديمقراطية في البلاد”.

علاوة على ذلك، أدان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، محاولة الانقلاب الفاشلة في السودان، مجددًا “تمسك الاتحاد الأفريقي بالسلطات الشرعية للمرحلة الانتقالية في السودان”. وهنأ المسؤول الإفريقي الشعب السوداني بفشل المحاولة الانقلابية في بيان أصدره، أمس الثلاثاء.

وقال البيان:” بهذه المناسبة يحث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وبقوة على التمسك بالسلطات الشرعية للمرحلة الانتقالية النابعة من إرادة كافة القوي الوطنية مدنية كانت أو عسكرية”. وأكد فكي على “الضرورة الملحة للتمسك بالاتفاق السياسي والنصوص الدستورية المكونة لاتفاق الخرطوم وكذلك اتفاق السلام المبرم في جوبا”، مطالبًا “بالمضي قدمًا وبإرادة قوية لإنجاح المرحلة الانتقالية المفضية إلى انتخابات ديمقراطية حرة وشفافة”.

 

إدانات من دول عربية

وعربيًا، أدانت قطر المحاولة الانقلابية الفاشلة، حيث أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا، اعتبرت فيه أن تلك المحاولة، “استهدافًا لتطلعات وآمال الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي والحرية والسلام والعدالة”. وجدد البيان “دعم دولة قطر الكامل للسودان وشعبه الشقيق من أجل الحفاظ على سيادته ووحدته وأمنه واستقراره”.

كذلك، نشرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا في صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أكدت من خلاله دعمها لمؤسسات الحكم الانتقالي في السودان، وجهودها الدؤوبة والمستمرة لتحقيق تطلعات وطموحات الشعب السوداني، في تلك المرحلة المهمة من تاريخ البلاد، وفق ما ادعاه البيان.

ومن جانبها، أدانت وزارة الخارجية الأردنية المحاولة الانقلابية، وأكدّ الناطق الرسمي باسم الوزارة وقوف الأردن مع جمهورية السودان وشعبها في الحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره.

علاوة على هذا، أدانت جامعة الدول العربية على لسان أمينها العام، أحمد أبو الغيط المحاولة الانقلابية، مؤكدًا استمرار وقوف الجامعة العربية بقوة وراء استتباب الأمن والسلام في السودان خلال الفترة الانتقالية. 

كذلك، صرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة أن “استقرار السودان مهم للجامعة وأنه يمثل ركنًا مهماً في استقرار الوطن العربي”، مشيرًا إلى أن “اتفاق ترتيب المرحلة الانتقالية الذي وقعته جميع الأطراف السودانية خلال العامين الماضيين يحظى بدعم واسع من الجامعة العربية والمجتمع الدولي، وهو يمثل طريقًا وحيدًا لتجاوز مختلف التحديات التي تواجهها البلاد”.

 

تأخر سعودي-إماراتي في إدانة الانقلاب

في أثناء ذلك، تأخرت الإدانات الصادرة من السعودية والإمارات نوعًا ما، حيث أصدرت كل منهما بيانًا أدانت فيه الانقلاب، لكن بعد مرور نحو يوم كامل على المحاولة الانقلابية. 

حيث أعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية عن إدانتها لمحاولة الانقلاب الفاشلة في السودان، مؤكدة التزامها بمواصلة دعم المرحلة الانتقالية في السودان، بما يحقق آمال وطموحات شعبه الشقيق في التنمية والازدهار.

وبدورها، أعربت الخارجية السعودية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية “واس”، عن “إدانتها واستنكارها الشديدين لمحاولة الانقلاب الفاشلة على مؤسسات الدولة الشرعية في السودان”، مؤكدة “تضامن المملكة مع جمهورية السودان الشقيقة في كل ما يدعم أمنها واستقرارها ورخاءها حكومة وشعبًا”.