العدسة – معتز أشرف:

قمع متشابه وإجراءات متلاحقة لا تتوقف ضد المرأة، خاصة ناشطات العمل العام في دول الرباعي المتصهين؛ مصر والسعودية والبحرين والإمارات، حتى بَدَت الخطة كأنها واحدة بالاتفاق مع الكيان الصهيوني الغاصب.

“العدسة” رصد تجاوزات صارخة تتكرَّر بشكل ممنهج ضد المرأة، خاصة الشابات منهن تحت نِير تلك الأنظمة القمعية والاحتلال، وسط مطالبات بتحقيق دولي.

تصعيد سيساوي خطير!

في مصر، باتت ظاهرة توقيف النساء في الفترة الأخيرة لافتة للأنظار، ودفعت المحامي البارز “مصطفى مؤمن“- عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين في مصر- إلى دقّ ناقوس الخطر، وكتب على صحفته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك ” في 4 يوليو الجاري بلغة عامية مصرية: “في الحقيقة ظاهرة القبض على البنات والسيدات اليومين دول بقت كتيرة بمعدل كل يوم يظهر واحدة أو اتنين أو تلاتة وأحيانًا أربعة، يا ريت معظم السيدات يعتزلن أي أعمال ويقمن بأعمال المنزل… بلاها فيس… بلاها صحافة…. بلاها إعلام… بلاها أي حاجة رحمة بأسرهم”.

 

 

وبينما كانت نيابة المعادي الجزئية في العاصمة القاهرة تقرِّر حبس الناشطة اليسارية أمل فتحي عبدالتواب، عضو حركة 6 أبريل، 15 يومًا، على ذمة التحقيقات لتحريضها ضد الدولة، وبث الشائعات، كانت قوات الأمن تنهي إخفاء قسريًا تحت التعذيب بحق الصحفية المحسوبة على الإسلاميين ميرفت الحسيني وتسلمها إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق، وكان العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كتب تغريدة يتحدث فيها عن ابنته المعتقلة علا القرضاوي وعن قسوة الطغاة وغلظتهم.

 

 

وبحسب الحصاد الأسبوعي لحركة نساء ضد الانقلاب من الخميس 27 يونيو حتى الخميس 5 يوليو، كانت المأساة متنوعة بحق النساء وأخطرها: ارتفاع عدد المختفيات قسريًا في مصر ليتخطى 177 سيدة وفتاة حيث ظهرت بالنيابة 10 فتيات وسيدات خلال الأسبوع الماضي فقط، مع ارتفاع عدد المعتقلات في السجون المصرية إلى 71 معتقلة.

كما رصدت الحركة ارتفاع عدد الصحفيات المعتقلات إلى 6 معتقلات، هن: أسماء زيدان التي تقضي حكمًا بالحبس 5 سنوات، وشيرين بخيت معتقلة منذ أكثر من سنة و8 شهور، وشروق أمجد وهي خطيبة الصحفي المعتقل محمد السخاوي، والمصورة علياء عواد التي أجرت عملية إزالة ورم ليفي بالرحم وهي في السجن، والصحفية إسراء أبو الغيط، والمصورة الصحفية ميرفت الحسيني.

إمارات بلا نخوة!

وفي الإمارات، لم تختلف الخطة المتواترة في مواجهة المعارضات بين رباعي الحصار وإسرائيل، وضاعت النخوة العربية في بلاد محمد بن زايد؛ فكثر التعذيب بالماء وأكل الصراصير وفق شهادات معتقلات بالإمارات، وآخرها ما جاء في تسريب للمعتقلة الإماراتية أمينة العبدولي عما لاقت من أصناف التعذيب النفسي والجسدي داخل سجون أبو ظبي، وتعرضها للتعذيب بالماء والضرب، إضافة للتعذيب النفسي والجسدي، وسماع صراخ وألم المسجونات الأخريات.

ورصد حساب “معتقلات الإمارات” على تويتر مزيدًا من الانتهاكات، ومنها ما جاء في تسريب صوتي للمعتقلة مريم سليمان البلوشي تتحدث عن المعاملة الحاطّة من الكرامة التي تتعرض لها هي وباقي المعتقلات في سجن الوثبة في أبوظبي.

 

نشطاء ومغردون فضحوا في هذا السياق التناقضات الرسمية الإماراتية، ويقول حمد الشامسي: “كل الشعارات التي ينادي بها قرقاش ورفاقه عن المرأة الإماراتية وحقوقها في  #اليوم_العالمي_للمرأة تتبخر مع أول حرف تنطق به #علياء_عبدالنور المصابة بالسرطان والمعتقلة في سجون الأمن”.

ولكن تبقى نفس مضامين الاتهام في القاهرة حاضرة في أبو ظبي بنكهة إماراتية، ووفق الباحثة بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا خانا فيليبس فإنَّ هناك سوء استخدام لقانون مكافحة الإرهاب؛ إذ ألقي القبض على الناشطات بتهمة تهديد الأمن القومي، وهناك غياب لحرية التعبير خاصة على الإنترنت؛ فنسبة 70% من الاتهامات للمعتقلين والمعتقلات تتركز حول موضوع حق التعبير.

عار بن سلمان!

وسيظل اعتقال النساء في السعودية عارًا يلاحق العاهل السعودي الملك سلمان ونجله محمد، بحسب معارضيهم وحقوقيين؛ حيث وصل إلى مستوى غير مسبوق، فضلًا عن إجراءات القمع التي تتزامن مع ذلك، ووثق نشطاء في وقت سابق حالات تعذيب بحق النساء المعتقلات في أحد السجون السعودية سيئة السمعة، بعنوان تعذيب النساء بسجن الحائر، وهو ما يعرف باسم جوانتانامو “بن سلمان”.

وفي سبتمبر 2017، كانت الصدمة كبيرة عقب توقيف الأكاديميات المحسوبات على ما يُعرَف بـ”تيار الصحوة”: رقية المحارب، ونورة السعد، ونوال العيد، حيث قال النشطاء: “لم يفعلها أبو جهل”، وفي مايو 2018، رصدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تكرار منظومة الاتهامات في دول الحصار؛ حيث أكدت أن السلطات السعودية اتهمت 7 ناشطات ونشطاء في مجال حقوق المرأة، بجرائم خطيرة، منها “التواصل المشبوه مع جهات أجنبية”، والنيل من “استقرار وأمن المملكة”، رغم أنهن ناشطات حقوقيات ذوات ماضٍ طويل ومحسوبات على التيار الليبرالي، كلجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان.

 

 

كما اعتقلت السلطات السعودية أيضًا الأكاديمية النسوية عائشة المانع التي تبلغ من العمر 70 عامًا، والناشطات ولاء آل شبر، وحصة آل شيخ، ومديحة العجروش، لكنها اكتفت بأخذ تعهُّدات منهن وأفرجت عنهن فورًا، لتعود من جديد وتعتقل ناشطتين أخريين، هما نوف عبد العزيز التويجري ومياء الزهراني.

التمييز ضد المسلمات الشيعيات أحد الاتهامات الموجَّهة إلى نظام بن سلمان، وهو ما ترصده منظمة محسوبة على المذهب الشيعي تسمى ” شيعة رايتس ووتش “، حيث تتحدث عن اعتقال نساء من الشيعة بالسعودية وتعريضهن إلى الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي.

فظائع آل خليفة“! 

الاعتقال والتعذيب مستمران دون هوادة في بلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وآخرها في مايو 2018، حيث اعتقلت قوات خاصة بحسب موقع “مرآة البحرين”  شابتين بحرينيتين وهما زكية البربوري (28 عامًا) وفاطمة داوود حسن (19 عامًا)، بعد مداهمة منزليهما فجرًا في تقليد لظاهرة زوّار الفجر المصرية ليصل عدد المعتقلات إلى ما يقرب 330 معتقلة.

من جانبه رصد مركز البحرين لحقوق الإنسان انتهاكات واسعة ضد المرأة في البحرين بسبب مشاركتها في الاحتجاجات السلمية في 2011، مؤكدًا أنّ النظام في البحرين يستهدف المرأة بالقتل والاعتقال والاعتداءات النفسية والجسدية والفصل من العمل والدراسة.

المركز الحقوقي البارز أوضح في تقرير موسع له أنّ الاعتقالات والتهديدات طالت عددًا كبيرًا من النساء من ناشطات سياسيات واجتماعيات وطبيبات ومعلمات وربات بيوت وطالبات في المدارس والجامعات مع تعريضهن للتنكيل، والتعذيب، والاعتداء الجسدي والنفسي الذي وصل للقتل في بعض الحالات، إلى جانب الفصل من العمل أو التوقيف عن الدراسة.

 

 

وتعد المواطنة البحرينية فوزية ما شاء الله البالغة من العمر 59 عامًا، من أبرز الأمثلة على الانتهاكات، وهي أكبر السجينات من معتقلات الرأي بالبحرين، وحذّرت الناشطة الحقوقية ابتسام الصائغ من المضاعفات الصحية التي تعاني منها “ماشاء الله”.

احتلال سافل“!

وفي الأراضي المحتلة، واصلت قوات الاحتلال انتهاكاتها بحق المرأة، بتناغم مع رباعي الحصار وبنفس الأساليب تقريبًا، وبحسب آخر الإحصائيات بمناسبة يوم المرأة العالمي تحتجز قوات الاحتلال 62 امرأة فلسطينية، بينهن 6 طفلات، 9 مصابات و3 سيدات رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، كما يمارس بحقهن مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، فيما لم تسلم المتضامنات من الاعتقال، حيث اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشابة التركية “إيبرو أوزكان” قبل شهر أثناء عودتها من زيارة بيت المقدس.

 

 

ووفق مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، فإنه “تقبع حاليًا في سجون الاحتلال 35 أسيرة في سجن هشارون، و25 أسيرة في سجن الدامون، وواحدة في سجن الرملة وأخرى لم نستطع تحديد مكان احتجازها، وتقع هذه السجون داخل الأراضي المحتلة عام 1948، أي بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة”.

وأشارت إلى أنّ “قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 10 آلاف امرأة فلسطينية منذ العام 1967، وخلال العام 2018 تستمر قوات الاحتلال باعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات، سواء من الشارع أو أثناء عبورهنّ الحواجز أو بعد اقتحام منازلهنّ ليلًا، مع اصطحاب كلاب بوليسية لترهيب العائلة وتدمير محتويات المنزل، وعند الاعتقال يقوم جيش الاحتلال بتعصيب عيونهن، وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ووضعهن داخل الجيبات العسكرية، ويتعرضن أثناء ذلك للتعذيب وسوء المعاملة، وهي الإجراءات الرائجة في القمع المصري والسعودي والإماراتي والبحريني في دلالة لا تخفى على أحد.