بعد إنقلاب يوليو 2013 الذي قاده عبدالفتاح السيسي فى مصر ، عاني الرجل لفترة ليست بالقليلة من مقاطعة “رسمية” دولية مما اضطره ونظامه لاتباع إستراتيجية جديدة فى التعامل مع الأطراف الدولية المختلفه , وهي إستراتيجية إبداء الاستعداد ل “الدفع” من الخزينة المصرية أو التفريط فى الحقوق الوطنية مقابل التقاط صورة مع زعيم هنا أو رئيس هناك، على أمل أن تدعم تلك الصورة شرعيته “المهترئة” أمام الرأي العام العالمي.

انتهت مرحلة “العزلة” وبدأت مرحلة تنفيذ “الإستراتيجية الجديدة” ، فعلى مدار آخر عامين تجاوزت زيارات السيسي الخارجية، أكثر من 50 زيارة ، استغرقت فى مجملها 90 يوما ، بمعدل زيارة خارجية واحدة كل أسبوعين تقريبا، وهو معدل كبير للغاية في عُرف الزيارات الدولية ، وهنا يطرح المتابعين سؤال هام حول مدي فاعلية وفائدة تلك الزيارات  , وهل بالفعل تعود تلك الزيارات بالنفع على مصر أو المصريين ، أم أن هناك “مآرب” و “منافع” أخري ؟!

يبحث هذا التقرير  أبرز تلك الزيارات , ويحاول الإجابة عن السؤال السابق كي تتضح الصورة ، وتنجلي الحقيقة أمام القارئ والمتابع.

أبرز الزيارات :

  • روسيا: ذهب السيسي خلال العامين الماضيين في ثلاث زيارات خارجية إلى روسيا، و كما هو معلوم فقد فشل الرجل خلال تلك الزيارات فى حل مشكلة بسيطة مثل “عودة السياح الروس للقاهرة” ، و وفق ما أعلن عنه فقد تم توقيع مذكرة تفاهم حول مشروع الضبعة تبعه، توقيع قرض روسي لإنشاء هذه المحطة النووية، بقيمة 25 مليار دولار، فدفعت مصر خلال العامين الماضيين ما يزيد على 10 مليارات دوﻻر لشراء أسلحة من الدب الروسي , و بذلك ذهبت أموال المصريين إلى الخزينة الروسية , وأيضا التقط السيسي لنفسه بعض الصور مع الزعيم بوتين !
  • الصين: حرص السيسي خلال العامين الماضيين على زيارة الصين 3 مرات، كانت الأولى في ديسمبر2014، والثانية في يوليو 2015، بينما كانت الزيارة الثالثة في سبتمبر2016 ووقع المسئولون عدة اتفاقيات مع الجانب الصيني كان أبرزها، إعادة إحياء طريق الحرير البري والبحري بالإضافة إلى شراء مصر لصفقة طائرات مقاتلة صينية مقابل ملايين الدولارات , وأيضا التقط الرجل بعض الصور مع القادة الصينيين !
  • فرنسا :زار السيسي فرنسا مرتين الأولى في نوفمبر 2014، حيث التقى خلالها الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، وكررها في نوفمبر 2015، لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ .شملت توقيع اتفاقات منح وقروض في مجملها تصل إلى 200 مليون يور، و استطاعت فرنسا بالطبع بيع 24 طائرة من نوع «الرافال» الفرنسية لمصر، وتقدر قيمة الصفقة بـ5.2 مليارات يورو , ولم ينس الإعلام المصري الاحتفال بالصور الذي التقطها رئيسهم مع القادة الفرنسيين بالطبع ..
  • ألمانيا: زار السيسي ألمانيا مرة واحدة في يونيو2015، وخلال تلك الزيارة وقعت مجموعة «سيمنس» الصناعية الألمانية مع مصر صفقة بقيمة 9 مليارات دولار، دفعتها مصر؛ لتوريد محطات كهرباء تعمل بالغاز وطاقة الرياح, بالإضافة إلي دفع ثمن أربعة غوصات تايب 209 الألمانية !
  • اليونان وقبرص: عقد السيسي 3 لقاءات عرفت باسم قمة “الكالاماتا” الثلاثية، مع كل من اليونان وقبرص ، وصدق عبدالفتاح السيسي على الاتفاقية الإطارية لتقاسم مكامن الهيدروكربون ، وتلك الاتفاقية، أقرت بشكل نهائي وبلا ملاحظات التزام مصر باتفاقية ٢٠٠٣، بما يعني ضمنياً أن مصر اعترفت بترسيم الحدود المنفرد لقبرص وإسرائيل، وبناء عليه تم فرض منطقة “تنقيب مُنسق” بعمق ١٠ كيلومتر ، فلم يكن أجر اللقاءات هذه المرة ملايين أو مليارات الدولارات كسابقاتها ، إنما التفريط فى حقوق مصر فى غاز المتوسط !

لقاءات السيسي وبنيامين نتنياهو :

المفأجاة في زيارة السيسي الأخيرة إلى أمريكا هى لقائه “العلني” برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في نيويورك لبحث “عملية السلام في الشرق الأوسط”، بحسب ما قاله مكتب السيسي.وأكد السيسي خلال الاجتماع – بحسب ما ذكره بيان الرئاسة الذي نقلته وكالة فرانس برس – على أهمية “استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين.

ومن المعروف أن لقاء السيسي ونتنياهو لم يكن الأول بطبيعة الحال إلا أن اللقاءات السابقة كانت سرية وسربها الإعلام الإسرائيلي ومنها:

  1. ما نقلته وكالة فرانس برس عن مسؤول أمريكي سابق أوائل العام الحالي قوله إن السيسي التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي في محادثات شارك فيها وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري واستضافها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مدينة العقبة في فبراير/شباط 2016.
  2. كشفت صحيفة “هآرتس” الاثنين، أن كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة إسحاق هيرتزوغ، زارا القاهرة سرا في نيسان/ أبريل 2016، بناء على دعوة عبدالفتاح السيسي، لمساعدة نتنياهو بتشكيل حكومة “وحدة وطنية” بمشاركة حزب العمل الذي يقوده هيرتزوغ.

 الدعاية الإعلامية لزيارات السيسي :

لجأ الجهاز الاعلامي ورجال الأعمال الداعمين للسيسي إلى محاولات ترويج زياراته الخارجية داخليا وخارجيا مهما كلف ذلك من نفقات ، فمن أبرز تلك الإجراءات ما قام به رجل الأعمال “محمد أبو العينين” قبل زيارة السيسي إلى المانيا ،بعمل إعلانات مدفوعة الأجر على مساحة صفحتين في صحيفة “فرانكفورتر الألمانية”، وقد عرضت إحدي الصفحتين مقالا بعنوان “خطاب مفتوح إلى البوندستاج الألماني” بقلم “أبو العينين” محاولا في ذلك المقال تبرير الانقلاب العسكري الذي قام به رئيسه السيسي في مصر.

وبحسب قائمة الأسعار المُعلن عنها في الجريدة، تصل تكلفة شراء الصفحة الواحدة قيمة 44 ألف يورو، أي ما يوازي حاليا مليون جنيه مصري، أي أن الصفحتين تصل تكلفتهما إلى مليوني جنيه مصري.، وقد ذيلت الصفحة المعلن عنها بالجريدة بشعارات الرعاة الرسميين ، وكان أبرزهم شركة”أوراسكوم للفنادق والتنمية” التي يملكها رجل الأعمال المصري “سميح ساويرس” .

كما ساهم رجال الأعمال  أمثال رجل الأعمال المعروف”أحمد أبو هشيمة” في سلسلة ضخمة من الحملات الدعائية الأخيرة لحكومة السيسي تحت شعار “مصر جديدة”، والتي وضعت إعلانات تشجع السياحة بمصر في أنحاء مدينة نيويورك في أكتوبر ٢٠١٤.

فضلا عن الوفود التي تشارك في السفر مع السيسي وتتظاهر دعما له في أمريكا ، و تتحمل الدولة بالطبع تلك التكاليف إن لم يدفعها رجال أعمال مقربين من السلطة متهربين من دفع الضرائب المستحقة عليهم مقابل سكوت الدولة عن مستحقاتها لديهم.

 الوفود المصاحبة للسيسي في سفره للخارج:

يصطحب السيسي في زياراته الخارجية عشرات الأفراد من الإعلاميين والفنانين والصحفيين ورجال الأعمال الداعمين للرجل من أجل صناعة زخم وتظاهرات ينقلها الإعلام المؤيد له كدليل على شعبية ترافق السيسي في حله وترحاله . وسبق أن اصطحب الرجل في زيارته إلى برلين، طائرة تحمل وفدا من فنانيين وإعلاميين، أبرزهم يسرا وإلهام شاهين وممدوح عبد العليم ووائل الإبراشي ورجل الأعمال محمد الأمين وغيرهم، في الوقت الذي ارتفعت فيه نبرة رافضة للسيسي من شخصيات ألمانية كرئيس البرلمان الألماني “نوبرت لامرت” قبيل زيارته ؛ بسبب ملف انتهاك حقوق الإنسان.

وفي زياراته الأولى إلى أمريكا سافر معه وفد من شباب حزبي “المصريين الأحرار” و”مستقبل وطن”، متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى وفد مصرى برئاسة سليمان وهدان وكيل مجلس النواب، والمستشار  أحمد الفضالى رئيس تيار الاستقلال رئيس وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية، استعدادا لزيارة الرئيس السيسي.

واصطف العشرات من السياسيين والفنانين والإعلاميين ورجال الأعمال والصحفيين، أمام مقر الأمم المتحدة يهتفون للسيسي، ومن أبرزهم رجلا الأعمال أحمد أبو هشيمة ومحمد الأمين، والإعلامي خالد صلاح، والإعلامي مصطفى شردي، وكمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق.

وهنا نعيد طرح السؤال الذي بدأنا به تقريرنا ، عن ماهية الفائدة التى تعود على مصر “الوطن” ، أو مصر “الشعب” جراء هذه الزيارات , و جراء هذه الصخب , و جراء هذه النفقات ؟! ذلك بالطبع حينما نفصل بين مصر الوطن والشعب و بين مصر “السيسي” .