العدسة – معتز أشرف:

من زاوية ما حدث في قرار النفط، وموافقة السعودية على زيادة الإنتاج بناءً على اتصال هاتفي، بات آل سلمان- الأب والابن- تحت الطلب في عدة وظائف لدى ترامب، وفق المعلن.

“العدسة” رصد تحويل آل سلمان للسعودية إلى وزارات بترول وداخلية وخارجية وكبنك مركزي لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحت شعار “اتصل بنا تجدنا”.

وزارة البترول

قرار النفط الذي مازال يثير ضجَّة حوَّل المملكة إلى وزارة بترول تابعة للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت عبر تغريدة على تويتر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على زيادة إنتاج النفط، إثر مكالمة هاتفية بينهما.

وقال ترامب، متفاخرًا بما حققه مع آل سلمان: “تحدثت للتو مع الملك السعودي سلمان وشرحت له أنه بسبب الاضطرابات والخلل في إيران وفنزويلا، أطلب بأن تزيد السعودية إنتاج النفط، ربما حتى مليوني برميل للتعويض”، مضيفًا أنّ “الأسعار مرتفعة للغاية! وقد وافق”.

القرار جاء في سياق الحرب الأمريكية الإيرانية الباردة؛ حيث تعارض طهران أي زيادة في إنتاج النفط، وتتهم ترامب “بتسييس أوبك”، مؤكدة أن العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا هي التي ساهمت في رفع الأسعار.

في المقابل، ندَّدت إيران بما حدث، ووصفت طلب أمريكا بأن تضخّ السعودية مزيدًا من النفط لتغطية أي نقص في الصادرات الإيرانية بأنّه ”جنوني ومذهل“. وأضافت أنَّ أوبك لن تقبل الطلب، ممهدة لاجتماع صعب عندما تلتقِي المنظمة في وقتٍ لاحق هذا الشهر.

وقال حسين كاظم بور أردبيلي، محافظ إيران في أوبك: ”إنّه أمر جنوني ومذهل أن نرى تعليمات تصدر من واشنطن للسعودية من أجل التحرك وتعويض أي نقص في صادرات إيران، نتيجة للعقوبات غير القانونية على إيران وفنزويلا..، إن أسعار النفط ستقفز ردًا على عقوبات واشنطن بحق إيران وفنزويلا كما حدث خلال جولة العقوبات السابقة ضد إيران”.

البنك الأمريكي

ولعبت السعودية، بناءً على قرارات من ترامب للعاهل السعودي الملك سلمان وابنه الأمير محمد، دور البنك المركزي الأمريكي يعمل كمموِّل رئيسي لكثير من الأفكار والمشروعات التي تبنَّاها الرئيس الأمريكي منذ وصوله لسدة القرار، وفق مراقبين.

وفي الزيارة الأخيرة لمحمد بن سلمان عرض ترامب مشروعاته بطريقة مثيرة، وطلب من السعودية على الهواء مباشرة تمويلها، واستعرض ترامب صفقاته المنشودة مع المملكة العربية السعودية خلال لقاء مع ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، وقال بوضوح: “سوف نعيد مليارات الدولارات إلى الولايات المتحدة، نحن نفهم ذلك، وهم يفهمونه أيضًا”.

 

وبطريقة مثيرة، وعبر ألواح عرضها أمام الصحفيين، كانت توضع بعكس وجه ولي العهد السعودي، وأمام جسمه، قدَّم ترامب نبذة عن الأسلحة، وقال موجِّهًا حديثه لابن سلمان: إنها من أجل حمايتكم، مليار و525 مليون دولار، … و645 مليون دولار… و6 مليارات دولار وهذا فتات بالنسبة لكم.. السعودية دولة ثرية جدًا، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضًا من هذه الثروة كما نأمل، في شكل وظائف، وفي شكل شراء معدات عسكرية”، وهو ما اعتبره نشطاء إهانة بالغة للسعودية.

وأشاد ترامب بمبيعات السلاح الأمريكية للسعودية ووصفها بأنها تدعم الوظائف الأمريكية، وقال ترامب مفتخرًا: “إنَّ المبيعات العسكرية أسهمت في توفير 40 ألف وظيفة للأمريكيين”، وهو ما اعتبره محمد المنشاوي الكاتب المتخصّص في الشؤون الأمريكية، توظيفًا صارخًا من ترامب للسعودية، مؤكدًا أن ترامب يتعامل مع بن سلمان ومع السعودية بعقلية رجل المبيعات أو رجل الأعمال الذي يريد أن يحقّق أكبر منفعة مادية من خلال عقده صفقات مليارية سواء فى مجال الاستثمارات أو مجال المبيعات العسكرية والتجارية، خاصة أنه قال: إنَّ «السعودية بقرة حلوب تدرّ ذهبًا ودولارات بحسب الطلب الأمريكى”.

شرطي أمريكا

لعب الملك سلمان وابنه دورًا مركزيًا في تأمين إجراءات أمريكا في المنطقة، وباتت السعودية في عهدهما “شرطيًا أمريكيًا”، وبحسب مراقبين فإنَّ السعودية تحت بن سلمان تريد أن تلعب دور الشرطي الأمريكي في المنطقة، وأن تكون الأداة الأمريكية، بالتعاون مع الإمارات، لزعزعة أسس واستقرار المنطقة في أفق إعادة رسمها، في “لعبة خطيرة”- بحسب الكاتب أسامة أبو رشيد– “ستدمر المنطقة كلها، خصوصًا أنه لا توجد رؤية أو مصلحة عربية فيها، لكنها ستصبّ في الوعاء الأمريكي- الإسرائيلي”.

وتقول الكاتبة سوسن الشاعر في جريدة الشرق الأوسط اللندنية المحسوبة على السعودية: “بغضّ النظر عن تمنع المملكة العربية السعودية أو أي من دول الخليج عن لعب دور «شرطي الخليج»، إنما في منطقة تعمّها الفوضى كمنطقتنا، يبدو أن مجريات الأحداث و«واقع الأمر» سيجبر دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية حتمًا، أن تضطلع بهذا الدور وتقوم به عاجلًا أم آجلًا”.

في هذا السياق أكدت صحيفة ساينس مونيتور الأمريكية، أن المملكة العربية السعودية، لم تنخرط في حرب جديدة في اليمن فحسب، بل باتت تضطلع بدور جديد كـ”شرطي” لمنطقة الشرق الأوسط؛ لملء فراغ التردُّد الأمريكي للتدخل في المنطقة.

وزارة الخارجية!

الوظيفة الأبرز لآل سلمان باتت واضحة في التحركات الأخيرة ضد إيران في كافة جبهات المواجهة المباشرة وغير المباشرة؛ حيث يعمل آل سلمان كموظفين في وزارة الخارجية الأمريكية وفق أجندتها، وهو ما يؤكده مراقبون.

في مارس 2018، تحدث الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للبيت الأبيض عن “العلاقات الرسمية السعودية الأمريكية، وما وصلت إليه في الوقت الحالي من تعاون وثيق في شتى المجالات” بحسب تأكيده، كما وصف العلاقة السعودية الأمريكية بالمتينة والقوية.

ومنذ تصدرُّه لسدة الملك دفع العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز بالتعاون السعودي الأمريكي إلى مرحلة جديدة، من التماهي والموقف الواحد، في مواجهة إيران على وجه التحديد.

وبحسب مراقبين فإنَّ أمريكا تستخدم بعض الأدوات الإقليمية لمواجهة إيران، وإن السعودية تُعتبر من هذه الأدوات؛ حيث تشعل المملكة المواجهة بين الحين والآخر ضد إيران بالتزامن دائمًا مع توجُّه البيت الأبيض.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان، إن إيران “استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة”. فيما قال الوزير عادل بن أحمد الجبير: “سنستمر بالعمـل مـع شركائنا لمعالجة خطر سياسات إيران العدائية”، في توحد كامل مع السياسات الأمريكية ضد إيران.