العدسة – معتز أشرف

الشهادات التي قدمها فيلم “شعب ورئيس” تأتي في سياق نتائج اختبار حقيقي للسيسي برز فيه الخوف والفقر والرسوب بشكل كبير، نرصدها كما جاءت وندعمها بالأرقام والإحصائيات التي تدعم عبارات الشعب المصري البسيط في عباراته المحملة بأوجاع وهموم لا يمكن أن يفهمها من أطاح بالجميع ليبقى هو بمفرده على عرش المحروسة في انتظار المجهول!.

تلذذ الديكتاتور!

كانت البسمة الساخرة التي أطلقها الجنرال المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي، هي قرار الديكتاتور الذي يتلذذ بمعاناة شعبه، في مواجهة عدة تعليقات لعدد من المواطنين، عرضتها المخرجة ساندرا نشأت في حوار «شعب ورئيس»، الثلاثاء، وكانت التعليقات كاشفة للخوف والفقر، وقال أحد الشباب، ردًّا على سؤال حول رأيه في السيسي: «فيه حبس هنا ولا إيه؟»، وأضاف آخر: «لأ محدش يعرف يتكلم عن الريس»، وتساءل ثالث: «إنت من تليفزيون إيه الأول؟» لترد معدة الفيديو: «التليفزيون المصري»، ويضيف المواطن: «يبقى بلاش تتكلمي علشان مفيش حاجة تحصلك»، وقال مواطن رابع: «الفقير استفاد إيه من المشروعات؟ أنا بتكلم عن السلع المفروض ترخص، اللحمة بـ75 جنيه، الكلام دا كدب، اللحمة في الجمعية بـ85 جنيه، أنا مش عايزك تقول عليا إخواني، أنا مبصليش»، ورأى مواطن شاب ضرورة أن يقتصر دور القوات المسلحة على تأمين البلاد، وقال إن «البلد تمر بأزمة اقتصادية وإحنا محتاجين ناس تخصصها اقتصاد».

سخرية واسعة!

ولم يفوت النشطاء والمعارضين البسمة الساخرة للسيسي، حيث شنوا هجوما ساخرا على وسم “#شعب_ورئيس” على السيسي، وغرد الناشط أحمد البقري على توتير ساخرا من الديكتاتور في شكل الحوار قائلا: “السيسي: نفسي يبقا معايا اتنين تلاته ترليون دولار، المذيعة: هتوزعهم علينا؟!.

السيسي: لا هبني بيهم بلدي، دي فلوسي بقى وانا حر فيها، المذيعة: طيب والمدام والأولاد مش هتديهم حاجة

السيسي: أديهم إيه إحنا لا بنتفسح ولا بنخرج أساسا، حدث بالفعل!!”، فيما قال الإعلامي محمد ناصر مقدم البرامج بقناة مكملين: “السيسي لما اتسأل عن التاريخ جاوب إجابة “درويش صوفي” مش إجابة رئيس قارئ زي مكان بيقول، ولم يرد على أسئلة المواطنين في حواره مع #ساندرا_نشأت، وخاصة بأن الجيش لا يفهم في الاقتصاد، وأنه أصبح دولة داخل الدولة!”.

ووصف الإعلامي أسامة جاويش مقدم البرامج بقناة الحوار، الفيلم بأنه “حكاية شعب مقهور مطحون مقتول مسجون مطارد، وجنرال قاتل ظالم مفرط في الأرض فاشل في الإدارة جاهل في السياسة يطلقون عليه عبثا “رئيس””، و سخرت المغردة صوفيا أحمد من الفيلم، على شكل حوار: “السيسي: مرسي رفض انتخابات مبكرة، وأقسم بالله يا ريت لو فيه عدة مرشحين رئاسيين، المحاورة: طب ليه معملتش كده، السيسي: لا مش وقته، اطلع يا ابني بأغنية حكيم.

الأرقام تتحدث!

وبحسب إحصائيات رسمية وثقت صوت الجماهير، اقترض عبدالفتاح السيسي، خلال ولايته التي بدأت في يونيو عام 2014، ضعف الديون المتراكمة على الدولة المصرية طيلة الـ50 عامًا الأخيرة، ووفق بيانات وزارة المالية المصرية، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه (226 مليار دولار) نهاية العام المالي الماضي فقط 2016 /2017، كان نصيب السنوات الثلاث للسيسي منها 2.3 تريليون جنيه (129.9 مليار دولار)، حيث تسلم الحكم وكانت ديون مصر تبلغ 1.7 تريليون جنيه.

ومن المتوقع وصول الدين العام إلى 4.8 تريليونات جنيه، وفق البيانات الخاصة بإصدار أدوات الدين المحلية والخارجية للعام المالي الجاري، الذي انقضى في نهاية يونيو، وهو الشهر الأخير في الفترة الرئاسية الأولى للسيسي الذي ترشح لفترة ثانية، وبلغت الديون الخارجية فقط من إجمالي الدين العام نحو 81 مليار دولار، وفق تصريحات وزير المالية عمرو الجارحي في يناير 2018.

وبحسب اعتراف السيسي نفسه، فإن “مصروفنا أكثر من مواردنا”، وأضاف: إحنا بنكمل مصروفنا بالسلف… وطالما استلفت بتحمل نفسك أعباء مالية كبيرة”، مؤكدًا أن “هذا خطر على أي دولة لو استمرت في ذلك”، وعن حجم الدين العام، قال السيسي إنه “قفز من 600 أو 700 مليار جنيه في عام 2011 إلى أكثر من 2.3 تريليون… 3.4 تريليون جنيه الآن… وفيه يعني… أنا طبعا… الرقم… يعني حتى مش… لكن هنخليه 3.4 تريليون… يعني كم مرة… يعني تقريبا 4 مرات في 6 سنين… استلفنا لدرجة إن إحنا خلينا مديونيتنا… الدين العام المصري… 4 أضعاف ما كنا عليه في 2011”.

جمهورية الخوف!

الخوف كان علامة بارزة في حديث الجماهير، وهو ما رصدته المحافل الدولية والمنظمات الحقوقية، ورصدت الآليات الأممية تصدر مصر قائمة الدول الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان في الفترة الزمنية من نهاية يونيو 2017 إلى نهاية ديسمبر 2017، وهو ما دعا مقرري الخواص بمجلس حقوق الإنسان، المعنيين بملاحقة جرائم حقوق الإنسان، إلى وضع مصر في صدارة الترتيب الدولي في عدد النداءات العاجلة التي أصدرها المقررون بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في آخر تقاريرها عن مصر في 26 فبراير الماضي، معالم جمهورية الخوف المتصاعدة في مصر وقالت في تقريرها: “يشكل إسكات مصر للأصوات المنتقدة وأحزاب المعارضة انتهاكا للدستور الذي يضمن حرية الفكر والرأي يتجاهل التزامات مصر على الصعيدين الإقليمي والوطني، ولا يقوض سيادة القانون فحسب، بل يمكنه أيضا أن يزيد من عدم الاستقرار، الذي تستخدمه الحكومة المصرية لتبرير مزيد من القمع”، مؤكدة أن حكومة عبدالفتاح السيسي تواصل رفضها المطلق لأية معارضة، حيث شرّعت قوانين قمعية، لاسيما قانون الجمعيات الأهلية الذي قد يقضي على المنظمات المستقلة، وأعادت حالة الطوارئ، في ظل استمرار شبه مطلق للإفلات من العقاب على انتهاكات قوات الأمن، بدعوى مكافحة “الإرهاب”، وقبضت قوات الأمن على مئات المعارضين، واستهدفت بالأساس جماعة “الإخوان المسلمين” المحظورة، مارَسَ “جهاز الأمن الوطني” التابع لوزارة الداخلية الاحتجاز التعسفي والإخفاء والتعذيب بحق الأفراد، هناك حالات كثيرة لما يبدو أنها أعمال إعدام خارج نطاق القضاء، ومنها قتل أشخاص كانوا محتجزين في مشاهد “تبادل إطلاق نار” تمثيلية، وضعت السلطات مئات الأفراد على قوائم الإرهاب، وصادرت أموالهم على خلفية صلات مزعومة بالإرهاب، دون مراعاة سلامة الإجراءات القانونية.