أثارت تصريحات قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي جدلاً واسعاً عندما تحدث عن إيجار مقرات الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، والذي حدد أنه سيكون 4 مليارات جنيه سنوياً.

وقد زعم الجنرال من قبل أن موازنة الدولة لم تتحمل قرشاً واحداً في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث تفاخر بأن العاصمة تم إنشائها من مواردها الذاتية وليس من أموال الحكومة.

وبعيداً عن تصريحات قائد الانقلاب المتضاربة، فقد كشف السيسي أن تكلفة ميكنة الحي الحكومي فيها تخطت 100 مليار جنيه.. فكيف أرهق الجنرال مصر مادياً في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية؟!.

وعند الحديث عن مشروع العاصمة كفكرة استثمارية، هل سيعود على مصر  بالنفع؟ وما هي مخاطره كمشروع اقتصادي؟!.. علاوة على ذلك كيف عرض السيسي مصر للخطر استراتيجياً باتخاذه ذلك المكان بالتحديد عاصمة إدارية؟!.

 

شركة العاصمة الإدارية 

أسست شركة العاصمة الإدارية بالشراكة بين “هيئة المجتمعات العمرانية” والتي شاركت بنسبة 49% وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة بنسبة 29.4% وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بنسبة 21.6%.

ومن الواضح جلياً من هذا التقسيم أن القوات المسلحة تسيطر على نصيب الأسد من هذا المشروع، بيد أن تُحسب حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في رأسمال الشركة، بناءً على قيمة الأراضي التي يشارك بها في المشروع، بعد تقدير تلك القيمة بالاتفاق مع شريكيه.

وهنا يطرح سؤال.. هذا الأراضى والأفدنة التي تبلغ 430 فداناً ملكاً لمن؟! بالطبع تعود للشعب المصري وليست للقوات المسلحة إذاً هو مملوك للشعب وليست الحكومة كما يدعي السيسي.

إضافة لذلك فقد قال السيسي أن أصول تلك الشركة ستتجاوز 4 تريليونات جنيه خلال عامين إذا تم طرحها في البورصة وهذا هو الخطر الأكبر.

لأنه عندما تطرح شركة تمتلك أماكن إدارة الدولة الحساسة في البورصة فإنها ستكون مطمع لأصحاب الأموال والمتربصين بمصر في الخارج لذلك يجعل منها عرضة لاختراق الدولة.

لذلك فقد عرض السيسي رأس الدولة في مصر أماكن إدارة الدولة للخطر بمشروع قد يراه البعض غير مدروس وأن قائد الانقلاب قد أخذ قراره بإقامة هذا المشروع اعتباطياً، وهذا غير صحيح.

 

خطر استراتيجي

الأكثر خطراً من طرح أسهم شركة تمتلك أماكن الدولة الحساسة في البورصة، هو مكان المشروع بالتحديد في صحراء العين السخنة.

وهو خطير استراتيجي عظيم، بيد أن السيسي جعل أماكن إدارة الدولة قريبة من العدو الأكبر لمصر على مر تاريخها الحديث ” الاحتلال الإسرائيلي”، والذي استخدم نفس الخطة من قبل في حرب 1973 لقلب الطاولة على الجيش المصري.

حيث استخدم العدو حينئذ الصحراء كنقطة ضعف للجيش المصري وقام موشى ديان وشارون قادة جيش الاحتلال بفتح ثغرة الدفرسوار وحاصروا الجيش الثالث ومدينة السويس.

لكن في حالتنا هذه سيصبح الوضع أسوء بكثير حيث أن السيسي نقل الحكومة ورأس الدولة إلى الصحراء في أضعف النقاط في الدولة بالقرب من العدو المتربص، وفي العادة تكون الأماكن الحساسة بالدولة وسط الزخم السكاني بعيداً عن الحدود لكن قائد الانقلاب لا يخشى هذا الخطر باعتبار العدو حليفه الأول.

الخلاصة أن السيسي يعي ما يفعل جيداً، لأنه يثق ثقة عمياء في دولة الاحتلال التي كانت من أهم أسباب تثبيت حكمه، لكنه يخاف الشعب المصري فسعى لنقل الحكم بعيداً عنه والارتماء في أحضان أعدائه بإدارة الحكم قريباً منهم، أما عن الوضع المالي في مصر وخاصة أموال العاصمة الإدارية، فهو يهمه المال لا غيره ولا تهمه الدولة المصرية ولا الشعب المصري، لذلك يسعى لطرح تلك الشركة في البورصة لتعود عليه بالنفع ويكتنز هو وحاشيته أموال أكثر من دماء المصريين.

 

اقرأ أيضاً : العسكر فوق الدولة.. في ذكرى الانقلاب كيف يكافئ عبد الفتاح السيسي ضباط الجيش؟!