إذا ما حاولت أن تجري بحثاً عن شئ ما في محركات البحث على المواقع الإلكترونية فإن نتائج ذلك البحث ستكون من وصف الشيء ذاته الذي بحثت عنه.. وإذا ما حاولت مؤخراً أن تبحث عن كلمة ” الإمارات العربية المتحدة” فلا تتعجب من أن نتائج البحث ستكون ” تجسس – تعذيب – تضليل ” بالفعل هذا هو أدق وصف لدولة الإمارات في الآونة الأخيرة، فإنك عندما تبدأ في قراءة التقارير الحقوقية التي تدين دولة “الشر” بالمنطقة “الإمارات” فلن تنتهي حتى تقرأ مثيلتها في التجسس على الأشخاص والأفراد وحتى الحكومات وصولاً إلى دعم متمردين وانفصاليين وزعزعة استقرار أنظمة في المنطقة وحتى في العالم بأسره.. واليوم كشف أحد حراس السفير الإماراتي السابق في بريطانيا عن فضيحة جديدة إماراتية حيث حاولت التأثير على مسؤولين لتضليل الرأي العام البريطاني كما تجسست على زعيم المعارضين هناك.

 

اعتراف بالمحكمة 

أفاد “لي هارفورد” الحارس الشخصي السابق للسفير السابق “سليمان المزروعي”، في سفارة لندن، أثناء استجوابه أمام إحدى محاكم لندن بعد اتهامه بابتزاز السفير، أن الدولة الخليجية حاولت “التأثير” على عدد من الوزراء البريطانيين من أجل “تضليل” الرأي العام البريطاني بشأن الشؤون الدولية المهمة، وطبقاً لملف الدعوى فإن السياسيين المحافظين الذي حاولت الدولة الخليجية الضغط عليهم هم “بن والاس” و”جافين ويليامسون” وزيرا الدفاع الحالي والسابق، و”ليو دوشيرتي” وزير المحاربين القدامى، و”أليستير بيرت” الوزير السابق لشؤون الشرق الأوسط.

ليس ذلك فحسب فقد كشف “الحارس” أن الإمارات قامت بالدفع لشركة من أجل مراقبة “جيريمي كوربين”، زعيم المعارضة آنذاك، مؤكداً أن الدولة الخليجية حاولت “تشويه سمعة” قناة الجزيرة القطرية و “تقويض” حملة “الحرية للأميرة “لطيفة”، وهي مبادرة تم إطلاقها من أجل مساعدة ابنة الشيخ “محمد بن راشد آل مكتوم” رئيس وزراء الإمارات التي فرت من عائلتها لكن تم القبض عليها وإعادتها إلى دبي قبل أربع سنوات.

 

أحداث متشابهة

لفت ادعاء الحارس حول سعي السفارة الإماراتية في لندن تشويه سمعة قناة الجزيرة القطرية الكثير من الأنظار، في حادثة وقعت في عام 2017 أثناء الحصار الخليجي لدولة قطر عندما هاجم السفير الإماراتي آنذاك “سليمان المرزوعي” قناة الجزيرة على موقع من مواقع التواصل الإجتماعي ليرد عليه المذيع بقناة الجزيرة السوري “فيصل القاسم” مدافعاً عن الجزيرة قائلاً  ” في شبكة الجزيرة تميزنا في وقت كان فيه الإعلام صدى لصوت الحكّام والحكومات” وهو ما أثار غضب “المرزوعي” الذي هاجمه بقوة قائلاً “تلفيق تهم وتخبط في التقارير وهبوط في المهنية الصحفية .. ويقال أنها قناة تدافع عن الحرية”، هذه الواقعة تتفق كثيراً على ما ادعاه الحارس “هارفورد” بشأن قناة الجزيرة القطرية.

أما من جهة التجسس الذي تحدث عنها “هارفورد” فهي لا تعد الحالة الأولى التي تتورط فيها الإمارات في التجسس على شخصيات رفيعة المستوى، ففي العام الماضي، وجد قاض بريطاني أن الشيخ “محمد بن راشد” حاكم دبي أمر باستخدام برنامج “بيغاسوس” لاختراق هواتف زوجته السابقة، الأميرة “هيا”، وفريقها القانوني البريطاني، خلال نظر قضية طلاقهما أمام المحكمة البريطانية، وهو الأمر ذاته مع حملة الحرية للأميرة لطيفة” حيث ادعى “هورفورد” تلقى “تعليمات بمراقبة الاحتجاجات من قبل أعضاء هذه المبادرة خارج السفارة”.

 

حقيقة ادعاءات “هارفورد”

صرح فريق “هارفورد” القانوني إنه بينما كان يعمل كضابط الحماية الشخصية حتى عام 2018 “سمع محادثات في الاجتماعات وشاهد المراسلات” التي شكلت لديه “عددًا من المخاوف بشأن سلوك الإمارات العربية المتحدة” وقد صحت الادعاءات الواردة في بيان دفاع “هورفورد” بعد أيام فقط من اتهام الإمارات بالوقوف وراء برامج تجسس أصابت الهواتف في “داونينج ستريت” ووزارة الخارجية في عامي 2020 و 2021.

كذلك فقد اتصل مركز “سيتزين لاب” الكندي، وهو مركز بحثي في جامعة تورنتو/كندا، بالحكومة البريطانية لتحذيرها من اكتشاف حالات متعددة مشتبه في إصابتها ببرنامج التجسس بيغاسوس، مؤكداً أن مشغلين مرتبطين بالإمارات قاموا بزرع برنامج بيغاسوس على هواتف مسؤولين في رئاسة الوزراء والخارجية البريطانية.

وطبقاً للوثائق التي اطلعت عليها عدد من وكالات الأنباء العالمية مثل “رويترز” و”تليغراف” “كانت حكومة الإمارات العربية المتحدة تسعى للتأثير على السياسيين البريطانيين بمن فيهم “بن والاس”، و”ليو دوشيرتي”، و”جافين ويليامسون”، و”أليستير بيرت” بطريقة يخشى المدعى عليه أنها قد تؤدي إلى تضليل الرأي العام البريطاني بشأن قضايا دولية مهمة، إضافة لذلك فقد “تم دفع الأموال لمراقبة زعيم المعارضة “جيريمي كروبين”.

الجدير بالذكر أنه حتى الآن لم يعرف الغرض وراء كل هذه العمليات التجسسية هل لأمر تسعى إليه الإمارات في سياستها الخارجية أم أن الإمارات أصبحت تدمن التجسس فراحت تتلصص على الافراد والحكومات الأجنبية.