• فوز قائمة الوفاق…

 

عقب تصويت أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي على ممثلي السلطة التنفيذية المؤقتة في ليبيا، أعلنت الأمم المتحدة، مساء 5 فبراير/ شباط 2021، فوز مرشح حكومة الوفاق، عبد الحميد دبيبة، برئاسة وزراء ليبيا، كما فاز محمد يونس المنفي برئاسة المجلس الرئاسي.

وحصدت قائمة دبيبة 39 صوتًا، مقابل 34 صوتًا لقائمة عقيلة صالح الخاسرة.

وتضم القائمة الفائزة كلًّا من عبد الحميد دبيبة رئيسًا للحكومة، ومحمد المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي، وعضوية كل من موسى الكوني، وعبد الله حسين اللافي، في المجلس.

بينما ضمت الخاسرة عقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق والذي رشح نفسه لرئاسة المجلس الرئاسي، إضافة إلى أسامة الجويلي وعبد المجيد سيف النصر عضوين في المجلس، وكان مرشحًا لرئاسة الحكومة فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا.

 

Image result for ملتقى الحوار السياسي الليبي

 

  • مخاض سلطة جديدة…

 

فبعد ما يربو على أكثر من 5 سنوات منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال المنقلب خليفة حفتر على السلطة السياسية المنبثقة عن اتفاق الصخيرات عام 2015 والمعترف بها دوليًا.

تأتي اليوم جولات الحوار السياسي الليبي برعاية الأمم المتحدة لتتمخض عنها سلطة تنفيذية جديدة، بما تحوي من مجلس رئاسي ومجلس وزراء، ومن المفترض أن تكون هذه حكومة وحدة، تجمع بين الفرقاء الليبيين الذي طال بهم أمد الحرب وانقسموا إلى فريقين؛ في الغرب حكومة شرعية، وفي الشرق ميليشيات متمردة انقلابية.

وبما أن الانتخابات قد أتت بمرشح الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وأسقطت القائمة التي كان على رأسها الشخص الذي أعطى مسحة من الشرعية -بصفته رئيس مجلس النواب آنذاك- على انقلاب حفتر وميليشياته. فإن الواقع يداهمنا بعدد من الأسئلة الصعبة التي لا بد من البحث والنظر فيها لمحاولة الإجابة عليها واستشراف مستقبل المشهد السياسي في ليبيا. وأهم سؤال يطرح نفسه هو؛ ما القادم؟ 

 

 

  • ما القادم؟

 

قد يتصور البعضُ أنه باختيار السلطة التنفيذية الموحدة قد وَلَّت مشاكل الليبيين وذهبت إلى غير رجعة، أو أن صفحة الصراعات والفوضى قد طُويت، إلا أن الواقع المنظور قد يكون له رأي آخر. 

فرغم الإقرار بصعوبة هذه الخطوة -أي: اختيار السلطة التنفيذية الموحدة-، إلا أنه من الممكن القول أن المهمة -أو المهام- الأصعب لا تزال في الطريق.

فلا تزال مهمة هذه السلطة ممتدة إلى 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021 على الأقل، الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الموحدة.

 

الشق الأصعب في طريق هذه السلطة هو ما يُناط بها من مهام خلال الـ 11 شهرًا القادمين.

وأول وأكثر هذه المهام إلحاحًا وأصعبها تطبيقًا هو ما يتعلق بتطبيق بنود وقف إطلاق النار وإجلاء المرتزقة والقوات الأجنبية.

وهي المهمة التي أشارت إليها المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، بقولها إن على اللجنة التنفيذية الموحدة أن تطبق وتدعم بشكل كامل اتفاق وقف إطلاق النار، إضافة إلى أن هذه الخطوة ستتطلب تحركًا واضحًا وصريحًا من الحكومة الجديدة، كما يتطلب من اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التعاون ودعم هذه الخطوة.

 

  • هل تستطيع الحكومة إخراج المرتزقة؟

قد يكون من الصعوبة بمكان أن يكون الحل مع هؤلاء المرتزقة بالآليات العسكرية، كونهم مدعومين من قوى إقليمية ودولية من الصعب المغامرة بمواجهتها عسكريًا.

كما أنه من الصعب كذلك أن تذهب لدولة بعينها وتطلب منها إخراج المرتزقة التابعين لها من ليبيا، حيث إن كل المتواجدين على الأراضي الليبية غير تابعين بشكل رسمي لأي دولة، وليس هناك أي دولة تعترف بتواجد قوات لها على الأرض الليبية بشكل رسمي سوى الدولة التركية التي دخلت البلاد عن طريق اتفاق رسمي مع الحكومة الشرعية معترف به من قبل الأمم المتحدة، وبالتالي فخروجها سيكون أيضًا يسيرًا بالاتفاق إذا ما أرادت السلطات الليبية ذلك.

إلا أن الإشكال الرئيس كامنٌ في هؤلاء الذين يتسللون ويرتزقون من إذكاء الفتن وإشعال الحروب، فلا الإمارات تعترف أنها أرسلت الجنجويد أو المرتزقة السودانيين، ولا روسيا تُقِرُّ بصلاتها بمرتزقة شركة “فاغنر” الروسية أو المحاربين الآخرين الذين تستجلبهم من سوريا.

هذا هو المأزق الرئيس أمام الحكومة، فالحل العسكري مستبعد، والتفاوض المباشر غير مجدٍ بشكل كبير.

وبالتالي، يبقى أمر إخراج المرتزقة الأجانب مرهونًا برغبة القوى الداعمة لهم، وذلك سيتطلب -بلا شك- دعمًا دوليًا كبيرًا للدفع في هذا الاتجاه والضغط على الدول الراعية لإخراج مرتزقتها من البلاد.

ويبقى الجزم بنتيجة حتمية لمآل هذه النقطة طبقًا للمعطيات الحالية غير ذي جدوى. لكن يبقى التساؤل والبحث في الكيفية التي تتصرف بها الحكومة خلال الأسابيع القادمة مؤشرًا لمدى جدوى مساعيها وقدرتها على إنفاذ هذا الشرط.

Image result for حفتر

 

 

صعوبة أخرى أمام الحكومة الجديدة، متمثلة في الشق العسكري؛ وهي مصير قائد الميليشيات الانقلابية خليفة حفتر، فلا يزال التنبؤ برد فعله هو الآخر أمرًا عسير التحقق، خصوصًا في ظل تاريخ سياسي مليء بنكث العهود ونقض الاتفاقات، ولا يزال اتفاق الصخيرات عام 2015 شاهدًا على ما فعله حفتر، وكذلك اجتماعات برلين وموسكو.

وفي ظل الصمت المطبق الذي يسيطر على الأجواء من قبل حفتر وميليشياته، يبقى التشكك مشروعًا حول ما يمكن أن يؤول إليه حفتر.

وبالتالي، ستكون هذه مهمة جديدة موضوعة أمام الحكومة الجديدة، وهي مهمة صعبة لا محالة، وقد تكون هذه النقطة -على وجه التحديد- مؤطرة ومحددة لكل المسار السياسي بعد ذلك.

 

وإلى جانب الشق العسكري المليء بالعقبات، منوط بالحكومة الجديد أيضًا أن تعمل على توفير وتلبية احتياجات الشعب الليبي، إضافة إلى توحيد مؤسسات الدولة الليبية؛ وفي مقدمتها المصرف المركزي والمؤسسات المالية.

 

وإذا ما استطاعت الحكومة الجديدة التغلب على العقبات والعراقيل التي ذكرت عاليه، عند هذه اللحظة يأتي الدور الأهم والأكبر لهذه الحكومة، وهو الإعداد والإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهاية العام الحالي.

اقرأ المزيد: كيف يدعم بن زايد حلفاءه بيد ويطعنهم في ظهورهم بالأخرى؟